« العودة للديمقراطية، الانتخابات الشفافة، والعلم والإسلام » كانت تلك آخر الكلمات التي نطق بها الرئيس الجزائري السابق محمد بوضياف قبل مقتله يوم 29 من يونيو 1992. ومع اعتقال محمد مدين الشهير ب « الجنرال توفيق » الرئيس القوي الذي حكم المخابرات لأكثر من عقدين، وخليفته في المخابرات اللواء بشير طرطاق بداية الشهر الجاري، عاد ملف اغتيال بوضياف إلى الواجهة، حيث كشفت وسائل إعلام أن أبناء بوضياف يستعدون لتقديم دعوى قضائية ضد توفيق ونزار. واعتقلت السلطات كلا من سعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس المستقيل) وتوفيق إلى جانب طرطاق، وأودعوا الحبس المؤقت على ذمة التحقيق في المحكمة العسكرية. وقال ناصر بوضياف (نجل الرئيس المغتال) على صفحته بفيسبوك إن الأسرة تعتزم رفع الدعوى مباشرة بعد تخليد ذكرى الاغتيال الشهر القادم. وأضاف أن المدبرين الحقيقيين لعملية اغتيال والده هم توفيق ونزار ومدير فرع المخابرات المضادة للجاسوسية إسماعيل العماري الذي توفي في 28 غشت 2007 إثر أزمة قلبية. وأوضح أنه سبق وطالب من الرئيس (السابق) بوتفليقة إعادة فتح التحقيق في اغتيال والده لكن لم يتلق جوابا منه. ونقلت وسائل إعلام عن بوضياف الابن قوله إنه يطالب قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بإعادة فتح الملف. واغتيل بوضياف عقب قضائه 166 يوما فقط في الحكم بنيران العسكري لمبارك بومعرافي خلال اجتماع عام بمدينة عنابة شرقي البلاد يوم 29 يونيو 1992. وكان بومعرافي ملازما في قوات التدخل السريع بالجيش الوطني الشعبي، ومن مواليد عام 1966. وبرغم اعتراف بومعرافي أنه نفذ الاغتيال لوحده ودون علم من مفرزة التدخل الخاص التي ينتمي إليها أو أي جهات مسؤولة أخرى، لم يصدق كثير من الجزائريين هذه الرواية، خاصة وأن الأمر يتعلق برئيس دولة توفر الأجهزة الأمنية المدربة الحماية الضرورية له. وغطى دخول الجزائر دوامة العشرية السوداء على التحقيقات الخاصة بعملية الاغتيال، وهي التحقيقات التي انتقدت لوجود ثغرات كثيرة بها، بينها تأكيد تقارير إعلامية عربية وقتها أن الدفاع تسلم 73 وثيقة فقط من أصل 268 كان يضمها ملف القضية، كما أن تقرير لجنة التحقيق في الاغتيال الذي كان يضم 888 صفحة، لم يتسلم منه الدفاع سوى سبعين صفحة. واندلع الحراك الجزائري في 22 من فبرايرالماضي، مجبرا الرئيس بوتفليقة على الاستقالة، كما تم اعتقال أسماء بارزة من أركان النظام السابق. ويرى متابعون أن هذه التحولات ستسمح بفتح ملفات مهمة ما تزال تفاصيلها غامضة.