شكلت « صفقة القرن » لحظة فاصلة في تاريخ العلاقات بين المغرب من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى، عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة ل »إسرائيل »، إذ عمل الملك محمد السادس بصفته رئيس لجنة القدس، على الحفاظ على وضع القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وراسل كل من الرئيس الأمريكي والأمين العام للأمم المتحدة للاحتجاج على قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية. وظهرت أولى بوادر الأزمة بين الرباط من جهة أبوظبي والرياض من جهة أخرى عام 2017 عندما قررت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر فرض الحصار على قطر، وهو الأمر الذي رفضته الرباط، وأعلنت عن مساع حميدة من أجل رأب الصدع بين الطرفين. كما التزمت الرباط الصمت عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده بإسطنبول، بل ورفضت استقبال ولي العهد السعودي خلال جولته بدول المغرب العربي. وتوترت العلاقات بين البلدين أكثر عندما عندما عرضت قناة العربية فيلما وثائقيا شكك بسيادة المغرب على صحرائه، الأمر الذي جعل المغرب يستدعي سفيريه لدى السعودية والإمارات، بالإضافة إلى قرار الرباط الانسحاب من التحالف العسكري في اليمن. كما شكل استثناء وزير الخارجية المغربي دولة الامارات من أجندته خلال زيارة دول خليجية، شهر أبريل الماضي، واحدة بوادر الازمة الاماراتية المغربية، الأمر الذي جعل أبو ظبي تستدعي سفيرها بالرباط. واعتبر عبد الصمد بلكبير، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض، أن هذه الأزمة ليست بين دولتين، أو كيانين، ولكنها مسألة استراتيجيه على المستوى الدولي، وأن أصولها واضحة، وهي مسألة « صفقة القرن ». وأضاف بلكبير، في اتصال هاتفي مع « فبراير »أن ملامح « صفقة القرن » وما يميزها غير معروف، ولكن الجوهري فيها معروف ومكشوف هو إنهاء قضية فلسطين ومسألة عودة اللاجئين وتثبيت المستوطنات وإجلاء فلسطينيي الضفة. وسجل المتحدث ذاته أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر هذه المسألة حاسمة ليس فقط في الشرق الاوسط ولكن على المستوى الدولي. وزاد قائلا أن من يغير موازين القوى العالمية هو الشرق الأوسط ووضعية إسرائيل فيه، والتي تعتبر قوة أمريكية على حساب مصر والعراق والشام وتركيا وإيران. وشدد بلكبير على أن رهان « صفقة القرن » استراتيجي ومصيري بالنسبة لواشنطن لهذا تضغط على العرب، مضيفا أنها ضمنت دول الخليج عموما، وأسكتت مصر بطرق مختلفة، في الوقت التي تنشغل فيه دول عربية أخرى بوضعها الداخلي « الجزائر، السودان، ليبيا »، وتعيش دول أخرى وضعية هشة « سوريا، العراق ». وتابع قائلا « اتخذ المغرب موقفا داعما لملك الأردن ورافضا المساس بقضية فلسطين »، مسجلا أن المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي وقف بشكل مباشر مع الأردن. وأوضح المتحدث ذاته أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ليس من مصلحتها الاصطدام المباشر مع المغرب، لهذا تشتغل سياسيا من خلال دول وظيفية » السعودية والإمارات »، للضغط على المغرب من خلال ورقة الاستثمار الخليجي والعلاقات الإستراتيجية ». ومضى يقول « الآن يمارسون الابتزاز، والذي لا يمس فقط مصالحنا العليا ولكن يمس سيادتنا »، معتبرا أن موقف المغرب من صفقة القرن سديد وسليم وشجاع وسيؤدي عليه الثمن غاليا ».