أكد المشاركون في لقاء تواصلي حول « إشكالية آجال الأداء وانعكاساتها على المقاولة »، اليوم الأربعاء بالرباط، أن طول آجال سداد مستحقات المقاولات يؤئر سلبا على تنافسية الاقتصاد الوطني وعلى مناخ الأعمال بالمملكة. وأبرزوا، خلال هذا اللقاء الذي نظمته غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط-سلا-القنيطرة، أن آلاف المقاولات المغربية تتعرض سنويا للإفلاس جراء قلة السيولة الناجمة عن طول آجال مستحقاتها من طرف الملزمين، وهو ما يحد من تنافسية الاقتصاد الوطني ويترتب عنه فقدان العديد من فرص الشغل، ويضيع على المملكة فرصا هامة للاستثمار. وفي هذا الصدد، أكد ميلود سطوطي، الخبير المحاسباتي والعضو بغرفة التجارة والصناعة والخدمات، أنه رغم تقدم المغرب بتسعة مراكز في مؤشر ممارسة الأعمال ليصبح في الرتبة 60 في سنة 2018، فإن المؤشرات العشرة التي تم الاستناد إليها في هذا التصنيف أظهرت تراجعا هاما في مؤشر احترام العقود التجارية جراء التأخيرات المسجلة في آجال أداء مستحقات المقاولات. ولفت الخبير المحاسباتي إلى أن معدل أداء الديون المستحقة على مقاولات القطاع الخاص يصل إلى ثلاثة أشهر ونصف، فيما يصل بالنسبة للمؤسسات العمومية إلى 10 أشهر، موضحا أن هذه الإشكالية تحد من القدرة التنافسية للمقاولة وتعيق تطور ترتيب المملكة في مؤشر ممارسة الأعمال. من جانبه، استعرض مصطفى بولحية، ممثل والي جهة الرباط-سلا-القنيطرة، الإجراءات المتخذة لتحسين وضعية الأداء تفعيلا لمضامين الخطاب الملكي في 20 غشت الماضي، والذي أكد فيه جلالة الملك على ضرورة أداء الجماعات الترابية والادارات العمومية لمستحقات المقاولات من أجل تفادي إفلاسها، مبرزا في هذا الصدد تكوين لجان جهوية على مستوى كل جهات المملكة لتتبع مسألة آجال الأداء وإيجاد حلول تمكن المقاولات من تحصيل مستحقاتها في آجال معقولة. في نفس السياق، أكد عبد اللطيف بوشنتوف، نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط، أن المقاولات تلجأ في العديد من الحالات إلى القضاء المختص سواء في علاقاتها مع مقاولات القطاع الخاص أو مؤسسات الدولة للبت في قضايا آجال الأداء، لافتا إلى أن هذه الإشكالية تعيق وفاء المقاولات بالتزاماتها الاجتماعية والتجارية. وأضاف أن دستور 2011 نص على تمكين المقاولة من محاكمة عادلة تضمن لها الحق في البت في قضاياها في آجال معقولة. من جهتها، استعرضت نزهة فرج، رئيسة قسم المساطر بمديرية المنشآت العامة والخوصصة بوزارة الاقتصاد والمالية، المقتضيات الجديدة للإطار التشريعي والتنظيمي المتعلق بآجال الأداء، ولا سيما المقتضيات التي نص عليها القانون 49-15 والمرسوم 2.16.344 والمتعلقة بتحديد آجال الأداء وفوائد التأخير المتعلقة بالطلبات العمومية، مشيرة في هذا الصدد إلى دورية رئيس الحكومة المتعلقة بإعداد قانون المالية لسنة 2019 والتي ألح فيها السيد سعد الدين العثماني على ضرورة الحرص على أداء الديون المستحقة لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة في الآجال القانونية. من جانبه، أكد طارق المصدق، محام بهيئة الرباط وعضو بالمركز الدولي للوساطة والتحكيم، أن اللجوء إلى آليات بديلة لحل نزاعات المقاولات المرتبطة بآجال الأداء كالوساطة والتحكيم يمكن أن يكون وسيلة مهمة لتقليص آجال الأداء. وأوضح المصدق أن المقاولات، رغم معاناتها من إشكالية طول آجال الأداء، تضطر في غالبية الأحيان إلى تجنب خيار مقاضاة الملزمين لأسباب اقتصادية، وهو ما يجعل من خيار التحكيم حلا معقولا، مشيرا إلى أنه رغم أهمية الوساطة والتحكيم إلا أنهما يقتضيان رضا الطرفين.