رفع مجلس النواب الشيلي، يوم أمس الاربعاء، ملتمسا لرئيسة الجمهورية ميشيل باشليت يطالبها بالتزام الشيلي الدائم أمام مجلس الأمن بدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية. وحظي الملتمس بدعم 66 نائبا مقابل معارضة 11 وامتناع 22 من أصل 120 نائبا المشكلين لمجلس النواب بجمهورية الشيلي. ونص القرار على أنه أمام استحالة إجراء الاستفتاء، واستجابة لدعوة الأممالمتحدة للبحث عن حل سياسي نهائي ومتوافق بشأنه قدم المغرب في أبريل 2007 مبادرة من أجل التفاوض حول وضع للحكم الذاتي بمنطقة الصحراء . وأضاف القرار انه منذ عرضها على الأممالمتحدة، في 10 أبريل 2007، لقيت مبادرة الحكم الذاتي للصحراء، الدعم من مجلس الأمن الذي اعتمد بالإجماع القرارات التي وصفت هذه المبادرة بأنها جدية وذات مصداقية، اضافة الى اعتراف وانخراط العديد من البلدان والهيئات التي ترى في هذه المبادرة فرصة للتقدم في حل ملف راكد لأكثر من ثلاثين سنة. ويضيف القرار ان المغرب قد أحرز تقدما كبيرا في مجال إرساء الديمقراطية، مشيدا بتجربة المغرب في معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة من خلال هيئة الانصاف ولمصالحة ، وهو ما اعتبره قرار مجلس النواب الشيلي النموذج الذي ترى فيه بلدان كثيرة في أمريكا اللاتينية مرجعا للتغلب على ماضي انتهاك حقوق الإنسان، كما طالب النواب الشيليون رئاسة الجمهورية بأخذ تلك التجربة كنموذج للتطبيق في الشيلي من أجل انصاف ضحايا النظام العسكري السابق. لكن يبقى السؤال كيف حصل هذا التحول العميق والتاريخي في موقف البرلمان الشيلي الذي ظل إلى حد قريب يعتبر احد ابرز معاقل تحركات ومناورات المناوئين للوحدة الوطنية من خلال رفع ما كان يسمى بملتمس البرلمان الشيلي الى رئاسة الجمهورية من أجل الاعتراف بالجمهورية الوهمية، حيث كاد يصبح هدا الملتمس ممارسة تتجدد بشكل سنوي الى حدود سنة 2016 . الاجابة عن أسباب هدا التحول الكبير لمجلس النواب الشيلي من رفع ملتمسات شبه سنوية للاعتراف بالجمهورية الوهمية الى رفع ملتمس لرئاسة الجمهورية الشيلية لدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، تعود بالأساس إلى التقارب الكبير الذي عرفته العلاقات البرلمانية بين البلدين. وفي هذا الصدد قام حكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين، بزيارتين على رأس وفد برلماني ضم مختلف الفرق والمجموعات البرلمانية الى جمهورية الشيلي في يناير ويوليوز 2017، التقى فيها العديد من المسؤولين الحكوميين بمختلف القطاعات وأجرى خلالها مباحثات مع المسؤولين البرلمانيين توجت بالتوقيع على مذكرتين للتفاهم مع البرلمان الشيلي. ونصت هاتان المذكرتان على التنويه بالمجهودات التي يقوم بها البلدان المغرب والشيلي في مجال الانصاف ةالمصالحة وتعزيز منظومة حقوق الانسان، كما تم استقبال بن شماش من طرف رئيسة جمهورية الشيلي ميشيل باشليت مرفوقة بوزير الخارجية، حيث أكدت الرئيسة الشيلية خلال هده المباحثات انها تتابع باهتمام كبير وتشيد بالدينامية التي تعرفها العلاقات البرلمانية بين البلدين في الفترة الأخيرة ودعت الى تعزيز وتمتين هده الأواصر. وبالمقابل فجدير بالتذكير بزيارة وفدين برلمانيين شيليين للمغرب برئاسة رئيس مجلس النواب الشيلي اندرادي اوسفالدو لارا ورئيسة مجموعة الصداقة الشيلية المغربية كلاوديا نوغويرا، في فبراير 2017 بدعوة من رئيس مجلس المستشارين المغربي. وأجرى الوفد مباحثات مع رئيسي ومسؤولي مجلسي البرلمان المغربي ومسؤولين حكوميين و جهويين ومحليين بكل من الدارالبيضاء وطنجة والعيون، وخصوصا هذه الأخيرة، حيث عقد الوفد البرلماني الشيلي خلالها لقاء مع ممثلي الساكنة الصحراوية المنتخبين وشيوخ القبائل، وقفوا خلالها على حقيقة الوضع والمشاريع التنموية بالمنطقة، فكل هذه الاعتبارات تجعلنا مقتنعين بأن التحول التاريخي في موقف مجلس النواب الشيلي لم يأتي من فراغ، بل نتيجة عمل دبلوماسي رسمي كبير واكبه نشاط دبلوماسي برلماني مكثف لمجلس المستشارين جعلت النواب الشيليين مستوعبين لمضمون المبادرة المغربية لتخويل الساكنة الصحراوية حكما ذاتيا في ظل سيادة المغرب واعتبارها الحل الأوحد والوحيد لحل هذا النزاع وضمان السلم والاستقرار بالمنطقة. فبعد ان انهت الديبلوماسية البرلمانية سنة 2014 بطرد ممثل البوليساريو من جمهورية البنما، وإصدار رؤساء ورئيسات المجالس التشريعية بامريكا والكرايب اعلان الرباط الذي عبروا فيه عن دعمهم للوحدة الترابية للمملك، تستهل سنة 2018 بهذا القرار غير المسبوق.