بنبرة حزينة، يحكي عبد الرزاق، الناجي الوحيد من فاجعة جرادة، لموقع « فبراير » تفاصيل الرحلة إلى الموت في آبار الفحم، وكيف فاضت عليهم المياه تحت عمق سحيق. « بشكل يومي نقوم على الساعة الثالثة صباحا، لننزل لتلك الأبار »، يحكي عبد الرزاق وهو أحد أبناء المنطقة « نزلنا إلى عمق 85 مترا تحت سطح الأرض، كان حسين وجدوان يوجدوان تحتي مباشرة، وكان أحدهما يحفر أفقيا بقينا نعمل لمدة ساعتين، وفجأة تدفق الماء في النفق، تمكنت من الإمساك بالحبل للصعود إلى الأعلى بمساعدة من بعض الأصدقاء، لأفقد بعد ذلك الذاكرة، لمدة تزيد عن يوم ولم أتعرف عما يدور حولي ». وبنبرة غاضبة، قال عبد الرزاق متسائلا « لماذا لم يتم تعويضي الآن أم أن السلطات تعوّض فقط الموتى » مضيفا » إعتبروني ميتا وأنصفوني وأنا ميت وحي الآن « . وتابع « لم يأتِ لزيارتي أي مسؤول في المنطقة، ربما ينتظرون حتى أموت كي يزوروا عائلتي ويعطونها تعويضاً ». وأَضاف الناجي الوحيد من فاجعة جرادة « أنا المعيل الوحيد للعائلة، أب لطفلة تبلغ من العمر شهرين، وأبي بلغ من العمر عتياً، حوالي 80 سنة »، يقول عبد الرزاق ثم يضيف » انه المعيل الوحيد لوالده، وهو عامل منجم سابق، وستة أشقاء بالإضافة إلى زوجته وابنته ». وأبرز المتحدث أن « مضاعفات تلك الحادثة مازالت تلاحقه، لم أستطع النوم طيلة هذه الأيام وأستهلك كميات كبيرة من الدواء دون أية نتيجة تذكر، وحتى الدواء اشتريته بالاقتراض من بعض الأصدقاء ». وحول المبالغ التي تلقتها العائلات أوضح أن ملغ التعويض وصل إلى 15 مليون وشقتين « وقد تم خلالها منح الأرملتين شقتين فيما تم تقسيم 15 مليون سنتيم على زيجات وعائلة الضحيتين الممثلة في الأب والأم ( أي تقسيم 15 ملاين على ثلاثة أشخاص 5 ملايين لكل طرف. » وتابع المتحدث نفسه قائلا إن « مطلب الشباب عموما والمحتجين الذين مازالوا يعتصمون هنا في الشارع هو بديل إقتصادي، وخلق فرص الشغل لهؤلاء الشباب الذين يتسكعون هنا وهناك في شوارع المدينة دون وجود للبديل، لا يوجد عمل آخر، وهذا هو السبب وراء مخاطرتي بحياتي بمعية أبناء عمي، لكسب لقمة العيش ». وفي حديثه عن وفاة « شهيدي الفحم » حمل عبد الرزاق المسؤولية الكاملة لسلطات المنطقة موضحا بمثال »لو تم الاتكال على الوقاية المدنية لن يتم استخراج الضحيتين من النفق، وأنا تم إنقاذي بفعل مساعدة شباب المنطقة ». وأكد عبد الرزاق أن « الحوادث المميتة شائعة في هذه المناجم، مشيرا إلى أنه شهد وفاة عمه و خاله وشابين من عائلته. هذا وقد تحولت جنازة ما يعرف إعلاميا « بشهيدي الفحم »، بعد يوم الإثنين الماضي، إلى مسيرة احتجاجية حاشدة، رددوا خلالها شعارات تطالب بالاستجابة لمطالبهم الاجتماعية وأدوا القسم على الاستمرار في الاحتجاج إلى حين تحقيق مطالبهم. وللإشارة فإن هذه الاحتجاجات، جاءت مرافقة لحالة الإحتقان الشديد، إثر الاحتجاجات التي شهدتها المدينة منذ الخميس الماضي، بعد توقيف ثلاثة من المحتجين على غلاء فواتير الكهرباء.