أربع شركات عملاقة تقود البشرية نحو مستقبل مخيف وعالم لن يكون فيه للإنسان قيمة، بعيداً عن أفلام الخيال العلمي، فعالمنا الذي نعيشه الآن، لن يكون كما هو عليه في السنوات القليلة المقبلة، فعدد من الوظائف ستنقرض، منها مهنة الطب والتمريض وحتى سائق الطاكسي لن يكون له وجود في مستقبلنا القريب، بفعل ثورة تكنولوجية تقودها أربع شركات عالمية ستحكم مصير البشرية، وستجعل من الإنسان مُجرد كائن تابع للحاسوب وليس مُتحكماً فيه كما هو عليه الوضع حالياً. يقول لورين ألكسندر، وهو طبيب جراح فرنسي، مؤلف كتاب « موت الموت »، إن عالماً جديداً يتشكل في غفلة منا، وسيكون مُحتماً علينا أن نعيش فيه، بعد أن نتعرض لصدمة قوية، يمكن ان نطلق عليها اسم »الصدمة التقنو-إيديولوجية ». ويوضح لورين أن هذه الصدمة التقنو إيديولوجية تقودها أربع شركات عالمية في كل من كاليفورنيا وواي السيليكون بالولايات المتحدةالأمريكية، وهي ما يُصطلح عليه ب مجموعة (GAFA)، وتتضمن غوغل، أبل، فيسبوك، وأمازون. عمالقة لعالم الرقمي الذين سيحولون حياة البشرية إلى عالم مخيف. حسب تعبير الطبيب الفرنسي. ويضيف صاحب كتاب « موت الموت »، أن هذه الشركات الأربع، لديها مشروع قائم على إيديولوجيا ما بعد إنسانية، والتي تعني تجاوز الإنسان ككائن متحكم في الكوكب إلى كائن تابع، ويقوم هذا المشروع على منح « الخلود » للكائن البشري، عن طريق تطوير الذكاء الاصطناعي. ويقول الطبيب الفرنسي، إن العديد من الوظائف الحالية ستنقرض، بفعل الذكاء الاصطناعي، معطيا المثال بمهن التمريض حيث تعمل شركة مايكروسوفت على تطوير روبوتات (des rebots)، تقوم بكل ما يقوم به الممرض وبكفاءة أفضل، وستدخل هذه التكنولوجيات إلى المستشفيات ابتداءً من سنة 2035، حسب ما أكده مؤسسها بيل غيتس. الطبيب الفرنسي، لورين ألكسندر، قال إن تكنولوجيا النانو وتكنولوجيا علوم الإحياء والجينات، وما وصلت إليه من تقدم، حيث أصبحت الأجهزة المتطورة تقوم بتشخيص الأمراض وعلاجها، وتعديل بعض أجزاء الحمض النووي (ADN)، كل هذا سيجعل من الطبيب مستقبلا مُجرد ممرض تابع للأجهزة التي أصبحت تقوم بمهام الطبيب، وبالتالي فهذه المهنة لن تعود مغرية كما هي عليه اليوم. عالم مخيف يصف الجراح الفرنسي الشهير عالم القرن 21، بأنه « عالم مخيف ويصيب بالدوار، ويخيف حتى هؤلاء الذين يطورونه، مشيرا إلى أن عمالقة العالم الرقمي (GAFA)، يقودون ثورة رقمية لا تسعى إلى ما سعت إليه الثورات التقليدية، التي تسعى إلى تغيير نظام الحكم أو تغيير الوضع الاجتماعي ببلد معين. هذه الثورة تسعى إلى تغيير الإنسان نفسه، وهذا ما يقلق أكثر. ونقل لورين عن مدير غوغل قوله بأن الذكاء الاصطناعي في سنة 2045 سيتجاوز الذكاء البشري بمليار مرة. وهذا يعني أن الإنسان سيكون أمام تحديات كثيرة. كما صرّح أحد مالكي شركة غوغل أنهم يشتغلون على صناعة آلات تفكر وتعمل أفضل بكثير من الإنسان، كالسيارة بدون سائق التي ستقضي على مهنة سائق الطاكسي. نهاية الاقتصاد العالمي التقليدي: خلف هذه التكنولوجيات ظهر اقتصاد جديد، وظهر « ثقب أسود » في القيم الاقتصادية التي أصبحت تولي جهتها نحو الذي يمتلكون الخوارزميات (العالم الرقمي)، وباختصار فإن الأشخاص الذي يشتعلون على البرمجيات والذكاء الاصطناعي هم اليوم أسياد العالم (غوغل تتحكم في الإعلام والإشهار، ITUNES تتحكم في سوق الموسيقى والأغاني ).. ويقول لورين إن الأنظمة الاقتصادية الكلاسيكية، ستندثر، وتنقرض معها شركات كُبرى، موضحا بمثال على شركة « واتس اب »، عمرها لا يتعدى 7 سنوات، وتشغل أقل من 100 شخص، ورأسمالها يتعدى 22 مليار دولار، بينما شركة « بيجو » لصناعة السيارات عمرها 120 سنة وتُشغل 150 ألف، بينما رقم معاملاتها لا يتعدى 12 مليار دولار. مضيفاً أن مجموعة العمالقة (GAFA)ستقضي على العديد من الشركات الكبرى في العالم، لأنها ستحتكر كل شيء تقريبا. لورين في سعي منه لطمأنة الناس يقول إن لا يعني أننا يجب أن نقلق، ولكن علينا مواجهة هذا العالم التكنولوجي بإتقان هذه التكنولوجيات الحديثة وتوجيهها بما يتماشى مع قيمنا المجتمعية. إما التغيير أو الاندثار من جانبه يقول نيكولا بوزو، وهو خبير اقتصادي فرنسي، يؤكد على أن السرعة التي يتطور بها العالم الرقمي تُحتم علينا تفكيك النظام الاقتصادي التقليدي وبناء نظام اقتصادي جديد. يقول بوزو إن الأنظمة الاقتصادية التقليدية ستتهدم، شئنا أم أبينا، رغم أن هذا سيزعج السياسيين، لكن عليهم الاشتغال من الان على تغيير خططهم. ويضيف الخبير الاقتصادي أن على الدول أن تعمل على تكييف أنظمتها الاقتصادية مع ما يفرضه التطور التكنولوجي، وإلا فإن معدلات البطالة سترتفع، والتبعية ستزداد، والديون الخارجية سترتفع أيضا.