كشف تقرير وزارة الداخلية لسنة 2016، أن حوالي864 شخص يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة، من بينهم 284 امرأة و333 طفلا التحقوا ببؤر التوتر ، بسوريا والعراق، وسجل التقرير نفسه 558 متطوعا جهاديا لقوا حتفهم هناك ،فيما عاد 211 مقاتلًا إلى المغرب. ففي السنوات الأخيرة قرر شباب مغاربة في مختلف الأعمار والمستويات مغادرة وطنهم الأم ليستقروا بأحضان الدولة الإسلامية بالعراق والشام أو ما يسمى بتنظيم « داعش » ، قرروا بين ليلة وضحاها الإلتحاق لعالم لا يعرف للسلم والحب معنى ، تركوا حياتهم وعائلتهم من أجل الجهاد في سبيل الله ونيل الجنة حسب ما يعتقدون . وحسب باحثين فإن أغلب الشباب الذين التحقو بتنظيم « داعش » معتنقين للفكر السلفي الجهادي ومتأثرين بأبرز رموزه وهذا ما أكده لنا محمد بنعيسى ، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان ، مؤكدا كذلك اعتقاد هؤلاء الشباب أن الجهاد ضد الطغيان الغربي واجب مقدس، ولا نغفل أيضا على المستوى التعليمي الذي لا يتعدى الإعدادي، كلها عوامل تدفع بالشباب للإلتحاق بداعش . ويرى البعض أن فقدان الإنسان ثقته بنفسه وغيره تجعله يفكر في « الجهاد » ، ويربط المحلل النفساني ، جواد مبروكي ، تحول الشباب إلى التنظيمات الإرهابية والجهادية بما يعيشه المغرب حاليا من ضياع القيم الاخلاقية وفقدان التربية الروحانية وغياب قيم التعايش وتفشي الإقصاء والتعصب واستحكام الظلم واتساع الفوارق الطبقية واستفحال الفقر المدقع وانعدام المساواة وتكافؤ الفرص. من جهته اعتبر أبو حفص رفيقي، رئيس مؤسسة الميزان، أن سبب التحاق الشباب بتنظيم الدولة « هو ما تربى عليه الشباب السلفي من تضخيم للهوية الإسلامية، وثقافة الهيمنة، والاستعلاء، مقابل تقزيم الهوية الوطنية، وقتلها في النفوس، واعتبارها صنيعة للاحتلال ». ويسجل الرفيقي « أن الخطاب الداعشي الديني المشحون بالعاطفة، والحديث عن الخلافة والجهاد، ما يجعل الشاب يشحن نفسيا، ولا يشبع له هذا الشحن إلا « داعش » ، وهو الطرح الذي ذهب إليه محمد بنعيسى ، هذا الأخير الذي اعتبر أن الخطاب الأقوى سيكون لخطاب العنف والكراهية والقتل والدمار نظرا لما نعيشه من استبداد . ويقر المحلل النفساني ، جواد عكراد، أن هيمنة أجواء الحروب الاقتصادية سبب أيضا في التفكير في الجهادي إذ « أصبح الكائن الإنساني يفتقد فُقداناً معناه كأنه مجرد بيدق لا وزن له ولا إرادة له ولم يعد لرأيه اعتبار. وصار يُنظر إليه كمجرد كائن طُفيلي محتقر لا أكثر ». ويرى أبو حفص أن الإغراءات المالية الذي توعد بها « دولة البغدادي » الشباب ساهمت سابقا بشكل كبير في استقطابهم كمقاتلين في صفوف التنظيمات الجهادية الإرهابية بالعراق وسوريا . إذ أن معظم الشباب الذين التحقوا ب « داعش » هم من طبقة اجتماعية متدنية و أغلبهم هاجر من البادية إلى المدينة ، حسب ما قاله رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان ، محمد بنعيسى . ويقول المحلل النفساني ، جواد مبروكي ، أن هؤلاء الأفراد المستهدفون هم أناس مغيبون فكرياً وتفكيرهم مشلول ويغلب عليهم سلبية الوعي وهيمنة اليأس وانعدام الطموح والأمل في الحياة كأنهم أجهزة حواسيب مثقلة بملايير الفايروسات الالكتورنية بحيث لا سبيل لتشغيلها سوى محو ذواكرها بالكامل وإعادة برمجتها من جديد وهذه العملية سهلة جداً على المُبرمج « مبيد بشري ». ويوضح ذات المتحدث « أن المٌنفذ يتحول إلى مجرد « لاعب » في « لعبة إلكتورنية » ثلاثية الأبعاد ولكن هذا اللاعب يمارس لعبته ليس أمام شاشة ومع أشكال افتراضية وهمية وإنما يمارسها بشكل دموي في ارض الواقع ضد الأبرياء ليس بإرادته وإنما تحت إمرة من لا هدف لهم سوى تدمير الإنسانية وخرابها ».