كشفت وثائق سرية بريطانية، نشرتها قناة « بي بي سي »، الاثنين، عن أن مصر نبهت بريطانيا إلى « مؤامرة لاغتيال » الرئيس حسني مبارك خلال زيارته لندن عام 1983. وحسب الوثائق، التي حصلت عليها « بي بي سي » حصريا بمقتضى قانون حرية المعلومات في بريطانيا، فإن السفارة المصرية أبلغت السلطات البريطانية ب »معلومات تفصيلية بشأن تهديد » قد يتعرض له مبارك خلال الزيارة. وتشير برقية سرية لقسم الأمن في إدارة البروتوكول بوزارة الخارجية البريطانية، إلى أن السفارة أبلغت بأن « فصيلا معينا من جماعة أبو نضال الإرهابية ربما ينفذ عملا ضد مقر السفارة أو أي من مكاتبها في لندن »، وطلبت السفارة توفير تدابير إضافية لحمايتها ومكاتبها. وجاء إبلاغ البريطانيين بهذه المعلومات في 27 ينايرعام 1983، قبل 6 أيام من زيارة مبارك لبريطانيا، حسب الوثائق. وفي اليوم التالي، أجرى السفير المصري في لندن شخصيا اتصالا هاتفيا برئيس إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية دي. آيه. رويكروفت لإبلاغه ب »معلومات جديدة عن فرقة الاغتيال » المحتملة التي تهدد مبارك. ونقلت البرقية، التي حملت عنوان « تهديد للرئيس مبارك »، عن السفير المصري قوله « إن عضوين من فرقة اغتيالات فلسطينية بقيادة رشدي عبد الرحمن عودة، وهو معروف باسم سعد عودة، موجودان في المدينة (لندن) ويزوران (فندق) كلارديجز بشكل منتظم فيما يبدو للتأكد من اعتياد العاملين على وجودهما ». وحسب البرقية، فإن المصريين قدموا معلومات تفصيلية عن « عضوي فرقة الاغتيال ». وقالت « وُصف سعد عودة بأنه شخص طوله مترا و75 سنتيمترا، نحيف البنية بشارب كثيف وشعره أسود وبشرته داكنة، وزميله يبلغ طوله مترا و85 سنتيمترا، قوي البنية وله عينان زرقاوان، حليق الذقن، بشرته بيضاء. » وتوقع المصريون وصول أعضاء آخرين من الفرقة إلى لندن في الأيام القليلة المقبلة. وعلى الفور أرسل مسؤول الخارجية البريطانية، بناء على طلب السفارة المصرية، برقية سرية بهذه المعلومات إلى قسم الأمن الخاص في إدارة البروتوكول والمراسم. ولوحظ أن رويكروفت قد وضع بخط يده علامة على هامش البرقية، في إشارة إلى أهمية المعلومات المفصلة الواردة بها عن « فرقة الاغتيال ». وسارع رئيس قسم الأمن، في إدارة البروتوكول والمؤتمرات لتطمين السفارة بأن السلطات (البريطانية) واعية تماما بالجماعة الإرهابية التي لُفت الانتباه إليها ( من جانب المصريين). وجماعة أبو نضال هي تنظيم فلسطيني أسسه صبري البنا عام 1974 بعد انشقاقه عن منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يرفض سياستها، واغتيل البنا في بغداد عام 2002. وأفادت بي بي سي » بأن المسؤول الأمني البريطاني تعهد بأن « يظل الموقف رهن المراجعة الدائمة »، وإن أكد أن السلطات البريطانية ترى أن التدابير الحالية المتبعة لحماية السفارة ومكاتبها كافية. كما تكشف الوثائق أيضا أنه سبق هذه المراسلات، اتصالات بين وزارة الداخلية المصرية والسفارة البريطانية في القاهرة بشأن « مؤامرة اغتيال مبارك المحتملة » وسبل ضمان تأمين الرئيس في لندن. فقد طلب وزير الداخلية المصري تقييم المملكة المتحدة للتهديد الذي قد يتعرض له مبارك خلال زيارته لبريطانيا ليشمل كلا من الهجمات الإرهابية والمظاهرات، حسب برقية سرية بعث بها السفير البريطاني إلى لندن. وأشارت البرقية إلى طلب الوزير بأن يتم الانتهاء من هذا التقييم قبل أن تغادر مجموعة الطليعة الأمنية المصرية القاهرة إلى لندن قبيل وصول مبارك إليها. كما طلب أن تناقش هذه المجموعة الأمر بشكل مباشر مع شرطة العاصمة البريطانية. ولوحظ في الوثائق، أن الخارجية البريطانية حذفت، لأسباب قيل إنها تتعلق بالأمن القومي، المصدر الذي حصل منه المصريون على المعلومات عن « مؤامرة الاغتيال » المحتملة. غير أنه في إحدى البرقيات، كتب رويكروفت رأيه، بخط يده، في مصدر المعلومات المحتمل، قائلا « أظن أن المصريين حصلوا على تلك ( المعلومات) من (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) الموساد ». وفي برقية سرية أخرى، قال مسؤول أمني بريطاني « لقد اٌخبرت بأن شخصا مصريا تعرّف على الشخصين (اللذين يشتبه بأنهما من فرقة الاغتيالات التابعة لجماعة أبو نضال) ». وقال إنه جرى تنبيه الجهات الأمنية. وقد تمت زيارة مبارك إلى لندن دون الإعلان عن مشكلات أمنية. وكانت تلك هي الزيارة الثانية للرئيس المصري الأسبق لبريطانيا منذ توليه السلطة في أكتوبر الأول 1981 بعد اغتيال الرئيس أنور السادات.