عرفت المهرجانات الخطابية التي أطرها عبد الاله ابن كيران إبان الحملة الانتخابية للاستحقاقات الجماعية والجهوية وكذلك الاستحقاقات التشريعية حضورا جماهيريا فاق التوقعات. عبد الاله ابن كيران استطاع أن يجعل من نفسه رقما صعبا في المعادلة السياسية المغربية من خلال تصريحاته وخرجاته وتفاعله مع الأحداث وكذلك رده على خصومه. الرجل يواجه اليوم ومعه حزب العدالة والتنمية مرحلة استثنائية ومفصلية في تاريخهما، بعد حسم المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية موضوع تعديل المادة 16 من قانون الحزب الأساسين والتي تحصر عدد ولايات الأمين العام للحزب في ولايتين، وصوت المجلس ضد مقترح التعديل 126 عضو مقابل 101 صوتت بنعم من أصل 232 مصوت. فيما اعتبرت 4 أربع أصوات ملغاة. ومن التساؤلات المطروحة اليوم هي قدرة الحزب على السير دون عبد الاله ابن كيران والحفاظ على على كل هذا الزخم الجماهيري، خاصة وأن عدد من المؤتمرين قد أعلنوا انسحابهم من المؤتمر الوطني المزمع عقده بعد أسبوعين من الان، مباشرة بعد ظهور نتائج المجلس الوطني. وتعليقا على نتائج المجلس الوطني قال محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض « عدم نجاح بنكيران في إقناع المجلس الوطني بالتمديد له يعتبر نكسة للرجل ولمؤيديه، و أكيد ستكون له انعكاسات على مسار حزب العدالة والتنمية ». وهذه الانعكاسات، حسب الغالي، ستكون » سواء على المستوى التنظيمي المركزي أو اللامركزي، فإذا كانت قوة وشعبية حزب العدالة والتنمية قد اكتسبها من قوته التنظيمية فإن شعبيته أكيد ستتضرر إذا ما فقد نقطة قوته في التنظيم لتتحول إلى نقطة ضعف وهكذا سيصبح في وضعية صلبة قد تجعله في حالة إفلاس أو حالة تواري تدريجية « . وتابع انه « كان على القيادة في حزب العدالة والتنمية أن تتجاوز هذه النقطة المتعلقة بالتعديل من أجل التمديد لولاية ثانية على اعتبار أن هذا يذكرنا دكتاتورية الرئاسات في دول العالم الثالث على اعتبار انه كلما ستنفذ رئيس ولاياته الرئاسية، إلا و يطمع في البقاء ويلجأ إلى تمديد ولاياته مما كان يشكل انتكاسة كبيرة في تحقيق أي انفراج والسماح بزوغ قيادات جديدة، والبحث عن لعب أدوار في خدمة الدولة ليس بالضرورة من موقع الرئاسة ». وأضاف أستاذ العلوم السياسية، في تصريح خص به « فبراير » » إصرار ابن كيران على تغيير القانون الأساسي في اتجاه ما يسمح له بالتحديد لا يخرج عن هذا السياق. مما اعتبر محاولة من ابن كيران في التحكم لاعتقاده مرة أخرى بان المرحلة تحتاج إلى شخصية من مواصفاته في قيادة حزب العدالة والتنمية ». بالمقابل قال إدريس الكنبوري، باحث في الحركات الإسلامية، في تصريح ل »فبراير » « لا أعتقد أن ما حصل في المجلس الوطني يعني نهاية بنكيران، بالعكس فقد أظهر أنه رضخ للخيار الديمقراطي واقتنع بأنه يمثل الأقلية داخل الحزب، وهذا سيخدمه وسيعزز موقفهاالاا ». وأشار الكنبوري إلى أن ما « حصل يدل على أن حزب العدالة والتنمية أخذ زمام أموره بيده كحزب منظم يحترم قوانينه الداخلية، لأن كل تلك الصراعات والاتهامات المتبادلة بين التيارين بسبب الولاية الثالثة وما قام به بنكيران في الدفاع عن خياراته ومحاولة إقناع القواعد الحزبية بأنه البديل الوحيد الممكن استطاع الحزب أن يتعامل بعقلانية وأن يرفض شخصنة التنظيم، وصوت بالأغلبية ضد مقترح تعديل القانون الأساسي للسماح لبنكيران بولاية ثالثة ». حول سؤال هل سيفقد الحزب شعبيته، قال المتحدث معه » حزب العدالة والتنمية بدأ يفقد توهجه منذ فترة ليست قصيرة، مشاركته الحكومية منذ 2011 وضعف المردودية وعدم تنفيذ المشروعات والبرامج التي رفعها ولوح بها أسهم بشكل واضح في التأثير على صورته بشكل سلبي ». ومضى قائلا » ثم أضيف إلى هذا الصراع الداخلي الذي عاشه الحزب بسبب الولاية الثالثة والاتهامات التي تم تبادلها بين الأشخاص، ولكن علينا أن نقول أيضا بأن حزب العدالة والتنمية ما يزال الحزب الأكثر تنظيما بين الأحزاب السياسية، وفي غياب أحزاب حقيقية في المغرب سيبقى حزب العدالة والتنمية اللاعب الرئيسي في الساحة السياسية ». حسن حمورو، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، يرى أن » ابن كيران دخل التاريخ من بابه الواسع بفضل مواقفه واستماتته في الدفاع عن المحرومين والمهمشين ومناصرة المشروعية »، مضيفا » ربما الحزب قد يخسره في موقع الامين العام لكنه سيظل كما عودنا صاحب رؤية ثاقبة وصاحب حدس سياسي عال لا يخيب في الماكرو ». وأشار حمورو، في تصريح ل »فبراير » إلى أن التصويت ضد تعديل المادة 16 تم بالتصويت السري واحترم الشكليات الديمقراطية المتعارف عليها داخل الحزب الفرق ليس كبيرا »، مردفا بالقول « وهذا يؤكد ان الاختلاف حول رؤية تدبير هذه المرحلة سيستمر ». وزاد قائلا » بهذه النتيجة تتأكد الحاجة الى ما سميته في رسالة مفتوحة سابقة لولادة ثالثة تجعل منه حزبا حديثا بما يقتضيه ذلك من مراجعة ثقافة تنظيمية وثقافة سياسية كانت سائدة هذه المراجعات المطلوبة تكرس ثوابت الخطاب السياسي للحزب وتنفتح على مقاربات واطروحات تأخذ بعين الاعتبار حجم الوعي السياسي للشعب وازدياد الطلب على تحقيق الكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ».