يعيش حزب العدالة والتنمية نقاشا حادا، حول الولاية الثالثة للأمين العام الحالي، عبد اله ابن كيران، على بعد أسابيع قليلة من مؤتمره الوطني، المزمع عقده يومي 9 و10 من الشهر القادم. النقاش الذي ظل حبيس كواليس الحزب خرج إلى العلن وخاصة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، بل وصل الحد إلى التراشق الكلامي بين ما يسمى بتيار « الاستوزار » وتيار « الولاية الثالثة »، ليس على مستوى القواعد فحسب، بل على مستوى قيادات الصف الاول. حمى التراشق الكلامي لم تقف عند حد أعضاء الحزب، بل تعدته إلى دراعه الدعوي حركة التوحيد والإصلاح، بدخول قيادات تاريخية كأحمد الريسوني، الرئيس السابق للحركة ومحمد الحمداوي الذي شغل نفسه المنصب وقيادات أخرى. هذه التطورات والنقاشات التي يعرفها حزب الخطيب ودراعه الدعوي أعادت إلى الواجهة سؤال العلاقة الجدلية بين الدعوي والسياسي، وأين ينتهي عمل الحركة ويبدأ عمل الحزب. وفي هذا السياق يقول عبد الإله سطي باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري كلية الحقوق أكدال الرباط « عاد مؤخرا النقاش حول التمايز ما بين أدوار الحركة وأدوار الحزب، خصوصا بعد أن تعالت بعض الأصوات من داخل الحركة معارضة للتوجه القائم على التجديد لبنكيران على راس الحزب لولاية ثالثة ». وتابع سطي، في تصريح خص به « فبراير » » وهو ما يطرح سؤال حول مدى التأثير الذي تشكله الحركة في تسيير دواليب الحزب. ويؤكد بالملموس أننا لا يمكن أن نفرق ما بين الحركة والحزب، حتى وإن بدا هنالك تمايز وظيفي ما بين دور كل طرف، إلا أن هنالك تلاقي موضوعي ما بين الحركة وما بين الحزب ». وأضاف المتحدث نفسه أنه » ولعل المقالات الأخيرة التي أضحى يطل بها أحمد الريسوني بها على الرأي العام، للتعبير عن رأيه من هذا النقاش الداخلي للحزب، يؤكد هذه الفرضية، التي تقوم على أنه إذا كان هنالك تمايز وظيفي بين الحركة والحزب إلا أن هنالك تلاقي في وحدة المشروع وأهدافه ». وأشار الباحث في العلوم السياسية إلى أن هذا » النقاش الفعلي للتمايز ما بين الدعوي والسياسي داخل حزب العدالة والتنمية بدأ بعيد انخراط أعضاء من حركة الإصلاح والتجديد بحزب الحركة الشعبية الديمقراطية بقيادة عبد الكريم الخطيب خلال سنة 1996، لكن هذا التمايز لم يفضي إلى قطيعة منهجية ما بين العمل السياسي والعمل الدعوي، لدرجة أن عدد مهم من أعضاء المكاتب المسيرة للحركة ظلت هي نفسها على رأس قيادة الحزب ». وسجل سطي أن الحزب استفاد من الحركة، وقال بهذا الخصوص « وهذا التعاون شكل أحد مراكز القوة سواء لدى الحركة أو لدى الحزب »، مستدركا بالقول » لكن مع تحمل حزب العدالة والتنمية لدواليب تدبير الشأن العام مع حكومة عبد الإله بنكيران، بدأت تأخذ الحركة مسافة وظيفية بينها وبين الحزب، نظرا لما قد تشكله هذه العلاقة من ريبة من طرف باقي الفاعلين السياسيين، وهو ما قد ينعكس بالسلب على دور الحزب داخل اللعبة السياسية الرسمية ».