دعا الباحث السوسيولوجي، محمد الطوزي، اليوم الخميس، إلى « الفصل بين الدين والدولة، لأن التحكم في الدين يفوّت على الدولة فرص محاربة الفكر المتطرف ». جاء ذلك في كلمته خلال فعاليات اليوم الثاني للجامعة الخريفية لمندوبية إدارة السجون بالمغرب، بالسجن المحلي « راس الماء » بمدينة فاس (شمال)، حول موضوع « التأهيل الروحي للسجناء: أي دور في تحصين الذات وتغذية الروح؟ ». واعتبر الطوزي، حسب وكالة الأناضول للأنباء، وهو أكاديمي متخصص في علم الاجتماع الديني والأنظمة السياسية، أن « المجتمعات الإسلامية تعيش عصر الإسلام المعولم، مما يفسح المجال أمام تسرب الفكر المتطرف ». ودعا إلى « إعمال العلوم الإنسانية والاجتماعية في دراسة ومساءلة المتن (يقصد به القرآن والسنة)، و »إننا نعيش انسدادا في أفق قراءة المتن منذ أصبح الدين دين دولة »، مضيفا أن « الدين لا يسيطر على السياسية، وأن السياسة هي التي تسيطر على الدين ». وتطرّق إلى مفهوم « الدولة الوطنية »، وميز بين « الدولة التي تتأسس على مرجعية دينية مباشرة، وتلك التي تبنى بهدف التحكم في الدين باعتبار الأمن الروحي من مسؤوليتها ». وخلص إلى أن « المجتمعات الإسلامية تعيش حاليًا أزمة في علاقتها بالمتن (القرآن والسنة)، رغم امتلاك الفقهاء لآليات التفكير التي كانت رائجة في القرون الأولى للإسلام ». ورأى أن « الحل يكمن في إعمال آليات نقدية في دراسة المتن، وأن ذلك لن يتأتى إلا بجعل المعرفة في موقع الصدارة باعتبارها أحد الغايات الروحية للمتدين التي أقرها الإسلام ». وبالمقابل اعتبرالباحث المغربي، مصطفى الرزرازي، وهو أستاذ في إدارة الأزمات بجامعة سابورو في اليابان، أن « احتكار الدولة للدين مسألة طبيعية ولا يمكن وصفها بالأصولية ». ولفت، في مداخلته بنفس الندوة، إلى أن « حرص الدولة على وحدة المذهب لا يعني نزوعا نحو التفرد في احتكار الدين ولكن رغبة في تحقيق التوازن في ممارسة الدين والتعبد ». وأشار إلى « أن الأمن الروحي ليس مفهوما صوفيا، وإنما قوة سياسية لها نظام تاريخي حقق تراكمات في المغرب ». ولخص الباحث عناصر الأمن الروحي في المغرب في « وحدة المذهب (المذهب المالكي)، ووحدة مصادر التشريع والفتوى، وضبط الفضاء التعبدي ». وأوضح أن « وحدة المذهب تؤطرها ضوابط تتمثل في إعطاء دور دستوري لمجلس العلماء (يرأس الملك محمد السادس المجلس الأعلى للعلماء وفق مقتضيات الدستور)، وخلق مجالس جهوية لضبط الفتوى والإرشاد الديني ». وانتقد الباحث « التطوع والفوضى في إصدار الفتوى »، وأن « ذلك قد يؤدي إلى تفتيت وحدة المذهب ومصادر التشريع، ويهدد قيم التضامن داخل المجتمع ». وتوجد بالمغرب 77 مؤسسة عقابية، تضم نحو 80 ألف سجين، 2.41% منهم نساء، وفق بيانات لمندوبية السجون غطت حتى ماي 2017. وتشير المندوبية إلى أن عدد المعتقلين في إطار قضايا التطرف والإرهاب شهد ارتفاعًا، خلال 2016، بواقع ألف معتقل، مقارنة ب 723 معتقلًا في 2015. وعلى مدار يومين، تناقش الجامعة الخريفية لمندوبية إدارة السجون بالمغرب، مواضيع ترتبط بالتأهيل الروحي ودوره في تحصين الذات ضد التطرف، والمنهج التزكوي، ومفهومًا الجهاد والتضحية في نشر الدين، وغيرها. –