امام الارهاب الاعمى الذي ضرب برشلونة الان ، و سابقا بلجيكا و فرنسا و بعض الدول الاوروبية غالبا ما نجد بعض المغاربة ( من اصل مغربي، او ممن هاجر الى اوروبا) يحشرون فيها اجسادهم حشرا للانفجار او القتل متاثرين بالفكر الديني المتطرف سواء في صيغته القاعدية او الداعشية او الموضة المتطرفة الاتية مستقبلا ما دامت قاعدة هذا الفكر المتطرف تدعمها بعض الدولة الاسلامية سواء في المقررات الدراسية او في القنوات الفضائية التي تبث سموم هذا التطرف عبر البرامج و شيوخ التطرف… امام هذا الارهاب نطرح اسئلة بسيطة غالبا ما يتم تجاهلها او التغاضي عنها، اسئلة سنحاول الاقتراب منها في كتابات لاحقة: – لماذا غالبا ما نرى بعض المغاربة يتواجهون في مقدمة هذا الارهاب الاعمى؟ – لماذا لا نجد الجزائريين ولا الموريطانيين و التونسيين؟ بالنسبة للجزائريين قاموا ببعض الانفجارات في باريس اثناء الصراع الدموي بين الجماعات الاسلامية و الحكم الجزائري في التسعينات من القرن الماضي ، حيث نقلت هذه الجماعات صراعها الى فرنسا ثم انطفات بانهزام الاسلاميين في الجزائر. بالنسبة للتونسيين نشطت حركة الارهاب في عهد حكومة الاسلاميين بتونس بتشجيعها( بطريقة غير مباشرة ) القتال في سوريا و ما رافقه من جهاد النكاح. الاسئلة التي يتجاهلها الكثير في تفسير هذه الظاهرةهي: – هل تأثر بعض المغاربة بالفكر السياسي المتطرف له علاقة بالايديولوجيات التي تم استيرادها من الشرق الاوسط؟ – هل هذه الايديولوجيات التي طغت على الساحة المغربية و حاولت مسخ الهوية المغربية تتحمل نتائج ما يروج اليوم من تطرف لدى بعض المغاربة ؟ – لنبدأ بايديولوجيتين كبيرتين منحت لهما كافة الوسائل الرسمية و غير الرسمية لاكتساح المغرب منذ الاستقلال، و بالتالي مسح و تغيير توابث العقلية المغربية و استبدالها بثوابث خارجية و غريبة عن المجتمع المغربي. – اولى هاتين الايديولوجيتين هي: القومية العربية التي استوردتها بعض الاحزاب المنبثقة عن الحركة الوطنية و خاصة اليسارية منها. هذه الايديولوجية استحوذت على الساحة السياسية و الثقافية و ربطت المغرب بالشرق في كل شىء ، في المناهج الدراسية في السياسة في الفكر في الغناء و الموسيقى في تقوية الرموز الشرقية .. و جعل المغرب بلدا عربيا و قطرا تابعا لدولة مركزية غالبا ستكون دمشق لو كتب لها النجاح ( ليصبح المغرب تابعا لحكم الشرق، اي اعادة الحكم الاموي، و هو ما فطن له المرحوم الحسن الثاني في احدى خطبه) كل هذا مع تبخيس الثقافة المغربية التي تميز المغرب عن الشرق. فماذا انتجت لنا هذه الايديولوجيا الشرقية؟ انتجت انسانا مغربيا لا يرى شخصيته الا في مرايا الشرق، شخصية ترى نفسها شرقية اكثر مما هي مغربية( مرتبطة بثقافتها و حضارتها المغربية ذات العشرة الف سنة)، لذلك نراه يتبنى قضايا الشرق اكثر من تبنيه قضايا وطنه. عندما قام صدام حسين باحتلال الكويت صفقت له الاغلبية المعارضة مؤججة الشارع المغربي، في كل قضية تقام المليونيات في الشارع…. اتذكر هنا حادثة سحب المغرب لسفيره من فنيزويلا لأن هذه الدولة سحبت سفيرها من اسرائيل اثناء العدوان الاسرائيلي على غزة وعينته كسفير لها عند البوليزاريو، فأرغد القوميون المغاربة و طالبوا السلطات بارجاع السفير المغربي، مبررين ذلك بان المغرب تحالف مع اسرائيل للضغط على فينيزويلا. فهؤلاء غلبوا المصلحة القومية على مصلحتهم الوطنية، بمعنى يمكن خيانة الوطن من اجل قضية قومية. – الايديولوجية الثانية: ايديولوجية اسلاموية شجعتها الدولة في عهد الوزير المرحوم الودغيري لمحاصرة اليسار، لذلك فتحت الدولة ابوابها للوهابية و للاخوانية و للسلفية، فبدأت هذه الايديولوجية بضرب المرتكزات الفكرية والدينية للمغاربة، ابتدات بادخال عادات غريبة مثل السدل في الصلاة الذي لم يعرفه المغاربة ، و تقصير الثياب، ثم انتقلت الى تحريم القراءة الجماعية للقرءان و تحريم الدعاء الجماعي، ثم انتقلت الى تحريم المواسم والاحتفالات الأصيلة و الفنون الغنائية …….اي كل ما هو مغربي اصيل( و الاصالة هنا عمقها امازيغي). فماذا انتجت هذه الايديولوجيا؟ انتجت انسانا يمارس الطقوس الدينية كما تمارس في بادية نجد، اي طقوسا منسلخة عن ثقافته المغربية التي انبثقت من هذه الارض المغربية و اعطت علماء و مفكرين افذاذا كابن خلدون و ابن رشد و ابن طفيل و ابن بطوطة ….واصبح التدين المغربي الذي عرفه المغاربة يتيما في موطنه، ذلك التدين الذي يعتمد التسامح والاعتدال والاعتماد على القوانين الوضعية اي الاعراف بدلا من بعض الحدود و بعض الاحكام الشرعية التي لا تتلاءم مع ثقافتهم… ما النتيجة التي وصل اليها اصحاب الايديولوجيتين؟ هي ما نراه اليوم من تطرف و تعصب ديني، لان الفاقد لهويته ولثقافته سيسهل احتواؤه من طرف فكر وافد، يرى فيه قوة لنفسيته الهشة لأنه فقد هويته الاصلية – وهي هنا الهوية الامازيغية التي هي صمام الأمان للهوية المغربية- لذلك سيتشبت بأي خشبة نجاة في هذا العالم، لكن خشبة نجاته هي التي ستهلكه لانها منخورة من الداخل.