هذا المقال عن «قصيدة شعر» يرتبط بمقالى السابق عن كتاب رأس المال فى القرن الواحد والعشرين، الذى غاب عن مؤلفه (توماس بيكيتى) الظلم الاقتصادى الجنسى الواقع على النساء، واعتبر اللامساواة ظاهرة طبيعية، والرأسمالية «سنة الحياة» ولا بديل لها. ■ ■ ■ ■
عبارة «سنة الحياة» تستخدم منذ نشوء العبودية لتبرير الظلم الواقع على النساء والعبيد، واعتباره قانون الطبيعة أو إرادة الإله، فى مجال الاقتصاد والبورصة والتجارة بالبشر، كما فى مجال الأدب والفن والشعر.
■ ■ ■ ■
القصيدة لشاعر مصرى اسمه «أشرف عويس» كلماته تنساب قطرات رقراقة تفلق الصخر وتشق خضم الظلمة كشمعة صغيرة وحيدة تقاوم القدر، قصيدته بجريدة أخبار الأدب (أول يونيو 2014) ينطق بالمسكوت عنه (اسم الأم)، كلماته سهلة ممتنعة، امتناع المطر فى القيظ، أو نسمة هواء نقى حيث ينعدم الهواء والنقاء، ويتنافس الطافون فوق سطح الأدب والشعر والسياسة والاقتصاد، الزاعقون فى كل عهد، الصامتون عن الاستبداد والفساد فى كل عصر، الحاصلون على الجوائز والمكافآت، الساخرون من المبدعين والمبدعات، الثائرين والثائرات، يصفونهم بالمراهقة الثورية أو الشطط أو الفوضى والبلطجة وعدم احترام القيم والهوية، لكن بعد نجاح الثورة يصبحون أكثر ثورية من الذين أريقت دماؤهم وأزهقت أرواحهم وفقئت عيونهم ونهشت سمعتهم، يدورون كما تعودوا حول الحكام الجدد، يتشممون الكراسى والمناصب الشهية، يتكررون فى كل عصر كالظواهر الطبيعية، يلدون الأبناء والبنات والحفداء والحفيدات، يحصلون من بلاد الكفرة على الشهادات، ثم يعودون يتاجرون بالعلم والإيمان، ويرثون المقاعد والرواتب فى المجالس العليا والجامعات.
■ ■ ■ ■
قصيدته اسمها إشراقة تقول:
■ ■ ■ ■
هذا اسمها ولأن معرفة أسماء النساء عندنا عيب كنا نتبارى فى إخفاء أسمائهن فلم يكن رفاقى يعرفونه وكنت فيما بيننا أناديها به مجردا وكان الأهل يعاتبوننى كيف تناديها باسمها أمامنا هكذا ولا يدركون أن هذا من فرط المحبة.
■ ■ ■ ■
حين كتبت فى كل مرة يبتسم كانت القصيدة لأبى وحين كتبت قصيدة عن نفسى ذكرت أبى وكأننى كنت أخجل من كتابة قصيدة عنها كما كنت أخجل من ذكر اسمها علنا أو ربما لأنها تنتحى جانبا فى ركن المشهد فلا ينتبه لها عامل الإضاءة وينشغل المخرج عنها فلا يعنيه روعة أدائها وحين نحرك مقاعدنا وتتغير زاوية الرؤية بعفوية ندرك فجأة أنها طوال الأفلام التى صنعناها بالحياة أو صنعتها الحياة لنا كانت تؤدى البطولة.
■ ■ ■ ■
إشراقة هذا اسمها نعم.. اسم أمى، أصبحت الآن أكثر جرأة على نطقه علانية لكنها صارت بعيدة عنى بطول عمر كامل تجلس هناك على فراش قليل الحركة وأنا مازلت أمارس دور البطولة ولا أنتبه لامرأة تنتحى جانبا فى ركن المشهد وتؤدى دورا ثانويا وكما تعودت.. أوهم روحى بالرضا وأقول.. هذه سنة الحياة، نعم.. أليست هى سنة الحياة؟
■ ■ ■ ■
ليست هى سنة الحياة بل هى صنع البشر، منذ اغتصاب الرجل للأرض والنسب والشرف، وصنع عائلته «الفاميليا» وتعنى (فى اللغة) ما يملكه من الماشية والنساء والأطفال والأجراء،
وبعد أن كانت «الأم» هى الإلهة أصبحت الشيطان، واسمها «عار» يجب أن يدفن فى التاريخ، ورأسها (عقلها) «عورة» يجب أن يختفى بالحجاب، وإن أهانوا شخصا قالوا ابن أمه،
فى تاريخنا المصرى، إلهة الحكمة «إيزيس» وإلهة العدل «ماعت » وإلهة الطب «سخمت»، والأطفال حملوا «اسم الأم» رمز الشرف والعزة والكرامة،،