هذا الصباح، ليس كبقية الصباحات، على الأقل بالنسبة لنشطاء الحراك في الريف وبالضبط في الحسيمة المدينة التي تغلي منذ أسابيع وشهور على إيقاع احتجاجات ومطالب اجتماعية أشعلت فتيلها واقعة « طحن مو »، التي أغضبت المغاربة قاطبة. إضراب عام ومسيرة احتجاجية يريدها « الريفيون » غير مسبوقة، ولذلك فالأنظار ستتجه هذا الصباح إلى عاصمة الريف الحسيمة، المسيرة التي ستحبس الأنفاس خاصة مع تواجد تعزيزات أمنية أخرى بعد وصول قوافل من السيارات والشاحنات المحملة بعناصر من مختلف القوات العمومية، ما قد يجعل المشهد هذا اليوم مشهدا غير مسبوق، خاصة مع تصريحات ومواقف أحزاب الأغلبية التي رافقت الإعداد لهذه المسيرة، في اللقاء الأخير الذي جمعها بوزير الداخلية عبد الوافي الفتيت. مرة تم نعتهم ضمنيا بدعاة الانفصال، ومرة أخرى اتهموا صراحة بتمويل حراكهم من الحارج، وهكذا حتى أصبحت الحسيمة تغلي على صفيح ساخن كما يقول المثل المأثور الذي لا يعرف أحد على ماذا سينتهي وكيف يينتهي، خاصة وأن مسيرة اليوم تعتبر بالنسبة للريفيين عامة والحسيميين خاصة، مسيرة رد الاعتبار على كل الاتهامات والتصريحات السالفة.. وبين الدولة والريفيين، دخل حقوقيون وسياسيون على الخط، يذكرون بأزمة الحسيمة وبتاريخ الحسيمة الذي ولد هذا الإنفجار، وهكما قال نور الدين مضيان، المدينة التي كان بها أزيد من 50 معملا لتصبير السمك في بداية الإستقلال فأصبحت الآن لا تتوفر على أي معمل واحد، الحسيمة كانت تعيش على الصيد البحري، هذا الأخير يعاني من ركود بسبب مشاكل طبيعية وغير طبيعية، والحسيمة التي كانت تعيش بالسياحة حتى أصبحت اليوم موسمية ومقتصرة على العطلة الصيفية، والحسيمة التي تحتاج لاستثمارات منتجة لتشغيل الشباب، في الوقت الذي يلجأ المستثمرون الخواص إلى مناطق أخرى بها تسهيلات ووسائل الاتصال والتواصل … كل هذا يدفع الشباب إلى الهجرة نحو المدن الساحلية المجاورة كالناظور وطنجة وتطوان للعمل، أو إلى الخارج. ومن ضعف الاستثمار وقلة فرص الشغل وهشاهشة البنية التحتية … يمتد القلق إلى فضاءات الصحة المتدهورة يضطر معه المرضى إلى مغادرة المدينة للاستشفاء بمناطق أخرى كفاس ووجدة والرباط، وما يكلفه ذلك من متاعب ومن مصاريف، وحتى مركز السرطان الذي تم إنشاؤه بالمدينة يفتقد إلى الوسائل والموارد البشرية، وهو مركز شبه معطل، « الحسيمة تعاني من مرض السرطان لأسباب تاريخية، تعود للاستعمار الإسباني، الغازات السامة وغير ذلك في بداية العشرينات، فالمواطنون يضطرون إما للموت إما السفر لمناطق أخرى»، على حد تعبير أحد السياسيين. هل يستمر حراك الريف إلى أجل غير مسمى؟ أم سيستر وكيف سيستمر؟ ثلاثة أسئلة ساخنة الجواب عنها ما يزال كجهولا