قال إلياس العماري، رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة في ندوة « الجهوية والسياسيات الأمنية »، أن هناك من ما يزال يعتبر كلمة » أمن » كيان يكاد يكون هلاميا، قارةُ من الألغاز و الأسرار، غارقة في الكتمان و الإختفاء، نخيف به أطفالنا في البيوت، و نهدد به أبنائنا في المدارس. وأضاف العماري في نفس الكلمة التي افتتح بها الندوة هذا اليوم: »و في المقابل، لا يجب أن ننفي أنه قد حصل تحول في تصورات شريحة واسعة من المغاربة للأمن، حيث تم استيعاب الأدوار و الوظائف التي يقوم بها الأمن في حماية المواطن و ممتلكاته، و في حماية الدولة والمجتمع ». وأكد العماري أنه كرئيس للجهة حرص على أن يتعاطى مع هذا الموضوع من خلال مقاربة تعتمد الحوار بين المسؤولين المؤسساتيين في مجال الأمن و الباحثين الأكاديميين، وفعاليات المجتمع المدني. وذلك اقتناعا منه بأن الأمن والسياسات الأمنية تعتبر جزءا لا يتجزأ من السياسات العمومية التي ينبغي أن تكون موضوعا للنقاش العمومي، إعمالا للمقتضيات الدستورية، ولمبادئ دولة القانون و المؤسسات. يقول العماري : »صحيح أن السياسات الأمنية لها خصوصياتها و حساسياتها، لكنها في النهاية لا يمكن أن تكون إلا جزءا من الشأن العام الذي يحظى بالتتبع والملاحظة والتقييم. ومن الأهمية بمكان أن نستحضر بعض المحطات التي جعلت السياسات و الممارسات الأمنية تحظى بمكانة متميزة في النقاش و التداول العمومي، و أعني بذلك أعمال و توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة و الدستور الجديد ليوليوز 2011. فقد اعتبرت هيئة الإنصاف و المصالحة أن إقرار الحكامة الأمنية القائمة على أسس المسؤولية و الشفافية و احترام الحقوق و الحريات، يعتبر مدخلا أساسيا لإنجاح الانتقال الديموقراطي، و تعزيز دولة الحق و القانون. كما أن الدستور الجديد وضع الضمانات الأساسية لتأطير السياسات الأمنية ضمن التوجه العام لدولة القانون، من خلال التنصيص على مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، و جملة من الحقوق و الحريات التي تعزز مسار بناء الديمقراطية و المواطنة ». و من المفيد، يضيف العماري، أن نذكر أيضا باستحداث المجلس الأعلى للأمن كمؤسسة للتداول و التشاور حول الاستراتيجيات الأمنية للدولة. إن هذا السياق السياسي والدستوري المؤطر للسياسات الأمنية، يقول إلياس العماري، تَرافَق مع تكريس الجهوية الموسعة كاختيار أساسي لتدبير التنمية الشاملة و تعزيز المشاركة في تدبير الشأن العام. و من هذا المنطلق، يبدو لنا أنه من المفيد أن نجتمع اليوم للتفكير بشكل عميق و مسؤول في هذين المسارين المتلازمين.. أعني مسار تعزيز الحكامة الأمنية المبنية على ضرورات حماية الأمن و مستلزمات احترام الحقوق و الحريات الأساسية، و مسار بناء الجهوية المتقدمة. فمن الأكيد أن اضطلاع الجهة بدورها التنموي في إطار صلاحياتها، لا يمكن أن يتم إلا في أجواء الأمن و الأمان، أمن الأشخاص و الممتلكات… الأمن الإنساني بمفهومه الشامل، حيث يشعر المواطن بالطمأنينة و ينصرف إلى الإسهام الإيجابي في الحياة العامة.