دعا عبد الحق الخيام، رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، صباح أمس الجمعة، في ندوة الجهوية والسياسات الأمنية، بمقر مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، المفكرين والمثقفين المغاربة للانخراط في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكدا على أن المقاربة الأمنية وحدها غير كافية للقضاء على الظاهرة الإرهابية، إذا لم توازيها مقاربة اقتصادية واجتماعية تنموية وفكرية لمواجهة إيديولوجية التطرف. وقال الخيام في مداخلة له بالمناسبة، "المقاربة الأمنية وحدها لا يمكن أن تقضي على أي نوع من أنواع الجرائم، سواء فيما يتعلق بالجريمة المنظمة أو الإرهابية"، مضيفا بأن "المقاربة الأمنية لمعالجة الظاهرة الإرهابية في البلد، تنبثق من التوجهات المرسومة في خطب الملك محمد السادس، التي تنبني على التدخلات الأمنية الاستباقية، وتأهيل الحقل الديني، ومحاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي". وانتقد الخيام ضعف دور المفكر في محاربة التطرف، مبرزا أن المجهودات الأمنية التي تقوم بها مصالحه المركزية، "توازيها حركة على مستوى تأهيل الشأن الديني، ومساهمة فعاليات المجتمع المدني في محاربة الفقر والهشاشة، لكن دور المفكر لا يزال ضعيفا وغائبا". وأضاف أن "الظاهرة الإرهابية تنبني على الإيديولوجية، وهذه الأخيرة يجب أن تواجه من طرف المفكرين والمثقفين"، داعيا المفكرين المغاربة العودة إلى الرسالة المنوطة بهم، وتأكيد حضورهم في المجتمع، وذلك عبر محاربة جميع الأفكار التي تنبني على إيديولوجية التطرف، وتغذي نزوعات الكراهية في نفوس الشباب". من ناحية أخرى، رد مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، على الانتقادات التي توجه للتدخلات الأمنية التي تقوم بها مصالحه، معتبرا أن السياسة الأمنية للمملكة تقوم على معالجة الظاهرة الإرهابية في احترام تام لحقوق الإنسان، وذلك بإعمال مبدأ التوازن بين المقاربة الأمنية في تدخلاتها وبين الالتزام التام بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والحريات الأساسية، بحيث لا يمكن التضحية بحق الإنسان في الحياة والأمن وبسيادة القانون في التصدي للإرهاب تحت أي ذريعة، والالتزام بالمثل العليا للتسامح والسلام. من جانبه، قال مصطفى المانوزي، رئيس المنتدى المغربي للمصالحة والإنصاف، إن المجال الإرهابي يبقى استثناءً، ولا يجب التهويل منه أكثر من اللازم، داعيا التركيز على مكتسب حققه المغرب بعد الحراك الاجتماعي، ويتمثل في تكريس الديمقراطية والنضال ضد الخوف، أما النضال ضد الحاجة، فإن السياسات العمومية تقوم بمهامها في هذا الجانب. وأضاف المانوزي، أنه لازال هناك مطلب تنزيل مقتضيات الحكامة الأمنية، وتوفير الضمانات الأساسية، وفي مقدمتها الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وما دون ذلك، فلا يمكن الحديث عن عدم وجود تعذيب، مشددا على أن خدمة الأمن يجب أن تخضع للقواعد التي تخضع لها كافة السياسات العمومية، تحت ما ينص عليه دستور 2011، وذلك بإخضاعها لآليات الرقابة والمسؤولية. من جانبه، اغتنم إلياس العماري، رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، فرصة حضور مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، لمهاجمة بعض المنظمات المحسوبة على المجتمع المدني، دون أن يشير إليها بالاسم، والتي قال إنها "تتلقى دعما من أوساط مختلفة من بعض الخلايا التي تدعي زورا ممارسة التربية والدعوة ومحاربة الأمية إلى غير ذلك، بالمساهمة في نشر فكر العنف المتطرف، وتجييش الشباب للالتحاق بجبهات القتال"، حسب قوله. ولمكافحة الظاهرة الإرهابية، أكد إلياس العماري على أن المقاربة الأمنية وحدها غير كافية لتفكيك الأنساق المؤسسة للتطرف، داعيا إلى استحضار المقاربة التنموية التي تدخل في صميم اختصاصات الجهات، معتبرا أن تنامي الاحتجاجات التي تأخذ مظاهر عنيفة، تجد مبرراتها في مؤشرات التنمية، مشيرا في هذا الصدد إلى احتجاجات إقليمالحسيمة، وطنجةوتطوان، بسبب غلاء فواتير الماء والكهرباء. من ناحية أخرى، ذكر العماري بالسياق السياسي والدستوري المؤطر للسياسات الأمنية، مذكرا بتوصية هيئة الإنصاف والمصالحة، بإقرار الحكامة الأمنية التي تنبني على أسس المسؤولية والشفافية، واحترام القانون والحريات، باعتبارهما مدخلا أساسيا لإنجاح التجربة الديمقراطية، وتعزيز دولة الحق والقانون، وما تضمنه الدستور الجديد في وضع الضمانات الأساسية لتأطير السياسات الأمنية، والمتمثلة في استحداث المجلس الأعلى للأمن.