احتضنت مدينة طنجة الجمعة ندوة فكرية حول موضوع "الجهوية والسياسات الأمنية" نظمتها جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بمشاركة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة والمركز المغربي للديمقراطية والأمن. وأشار رئيس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، إلياس العماري، في هذا اللقاء، الذي حضره على الخصوص والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، محمد اليعقوبي، وفعاليات أمنية وسياسية وجمعوية وأكاديمية، إلى أن موضوع الندوة يهم مناقشة معمقة و مسؤولة لمسار تعزيز الحكامة الأمنية المبنية على ضرورات حماية الأمن ومستلزمات احترام الحقوق و الحريات الأساسية، ومسار بناء الجهوية المتقدمة. و أبرز أن اضطلاع الجهة بدورها التنموي في إطار صلاحياتها، لا يمكن أن يتم إلا في أجواء يسود فيها أمن الأشخاص والممتلكات والأمن الإنساني بمفهومه الشامل، حيث يشعر المواطن بالطمأنينة و ينصرف إلى الإسهام الإيجابي في الحياة العامة، مضيفا أن السياق السياسي و الدستوري المؤطر للسياسات الأمنية ترافق مع تكريس الجهوية الموسعة كاختيار أساسي لتدبير التنمية الشاملة وتعزيز المشاركة في تدبير الشأن العام. وأكد على تبني الندوة لمقاربة تعتمد الحوار بين المسؤولين المؤسساتيين في مجال الأمن والباحثين الأكاديميين، وفعاليات المجتمع المدني على اعتبار أن الأمن والسياسات الأمنية تعتبر جزءا لا يتجزأ من السياسات العمومية التي ينبغي أن تكون موضوعا للنقاش العمومي، إعمالا للمقتضيات الدستورية، ولمبادئ دولة القانون والمؤسسات. وأوضح أن إقرار الحكامة الأمنية القائمة على أسس المسؤولية والشفافية واحترام الحقوق والحريات يعتبر مدخلا أساسيا لإنجاح الانتقال الديموقراطي، وتعزيز دولة الحق و القانون، لافتا إلى أن الدستور الجديد وضع الضمانات الأساسية لتأطير السياسات الأمنية ضمن التوجه العام لدولة القانون، من خلال التنصيص على مبادئ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، و جملة من الحقوق والحريات التي تعزز مسار بناء الديمقراطية و المواطنة. وأعرب عن اعتقاده بإمكانية توسيع دائرة الأدوار المنوطة بالجهات كما هو منصوص عليها في القانون، والمنحصرة، حاليا، في التنمية لتناط بها أدوار تدخل في إطار الوساطة لحل بعض القضايا التي ترتبط بالتنمية بشكل غير مباشر، بما في ذلك مسألة الأمن، وذلك عبر آليات التشارك والتنسيق مع المؤسسات ذات الاختصاص في هذا المجال. من جانبه، أكد عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، في مداخلته على ضرورة انخراط المفكرين لمواجهة الظاهرة الإرهابية والتصدي للخطاب الذي يمرره التطرف العنيف، على اعتبار أن الفكر المتطرف أيديولوجية يجب محاربتها بالفكر. واضاف إنه بفضل الرؤية السديدة لجلالة الملك محمد السادس، اعتمد المغرب سياسة متعددة الأبعاد واستراتيجية تقوم على إجراءات عملية واستباقية في مجال مكافحة الإرهاب، إلى الجانب المقاربة الأمنية وتطوير الحقل الديني، ومكافحة كل أشكال التهميش والفقر، وضمان التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وشدد على أن المغرب "يتميز بنجاحاته" في مجال مكافحة الإرهاب كما أن السياسة الأمنية للمملكة رائدة لقيامها على الالتزام بحفظ النظام في ظل احترام حقوق الانسان والضمانات الدستورية، مشيرا إلى أن المغرب يتميز بترسانته التشريعية، لاسيما أن المشرع المغربي اعتمد تشريعات تحدد نطاق عمل الأجهزة الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب.
وتطرق المشاركون خلال الجلسة الأولى للندوة التي ترأسها مصطفى المانوزي، رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن، إلى عدة مواضيع تتعلق ب"تطور مفهوم الأمن وسياساته بالمغرب"، و"الإطار القانوني والدستوري لامكانية انبثاق سياسات أمنية جهوية"، و"معضلة الأمن في المعادلة الديمقراطية"، و "أي دور للجهات في المجال الأمني.. محاولة لاستقراء التجربة الاسبانية والمغربية"، و"أية مكانة لحقوق الإنسان في السياسات العمومية الأمنية". وقد تناولت الجلسة الثانية التي أدراها محمد العمراني بوخبزة، منسق ماستر الشأن المحلي وماستر اللامركزية والحكامة المحلية، مواضيع تتعلق ب"الأمن والجهوية : حصيلة ومخططات عمل المديرية العامة للأمن الوطني في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة"، و"السلوك الأمني في مواجهة المشاكل الأمنية بالجهة : دراسة سوسيولوجية"، و"دور الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة في الرقابة على السلوك الأمني".