فاعلون مغاربة وأجانب في ندوة دولية حول « الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان بالمغرب» قالت جميلة السيوري رئيسة جمعية "عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة"، الجمعة الماضي بالرباط، إن الحكامة الأمنية هي أحد أهم مظاهر تدبير الدولة الحديث الذي لا يهم مجال الأمن فقط، بل يقوم بشكل أساسي على توزيع صائب للأدوار والمسؤوليات بين مختلف فاعلي قطاع الأمن المؤسساتيين وغير المؤسساتيين. وأضافت السيوري، في الجلسة الافتتاحية، للندوة الدولية" الحكامة الأمنية وحقوق الإنسان بالمغرب"، أن على المصالح الأمنية الانفتاح على الأطراف الأخرى الشريكة لا سيما المجتمع المدني، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن الحكامة الأمنية بالمغرب وضعت في صلب النقاش العمومي بعد دستور 2011 الذي ينص في فصله ال 54 على إحداث مجلس أعلى للأمن. وأكدت أيضا، أن هذا النقاش يقوم على اختيار نموذج جديد يعتمد على الحكامة الإنسانية التي تضع المواطن وحقوق الإنسان في صلب المجال الأمني. وأوضحت أيضا أن الهدف من تنظيم الندوة، هو بسط مختلف وجهات نظر الفاعلين والأطراف المعنية، فيما يخص موضوع محاربة الإرهاب واستئصال التطرف بين صفوف الشباب وضرورة الالتزام باحترام حقوق الانسان، مع فتح قنوات تواصل ونقاش حول التحديات الأمنية التي تهدد المغرب ومتطلبات مجتمع ديمقراطي ودولة الحق والقانون بالمغرب. من جهتها، ذكرت كريستينا بيرك ممثلة مؤسسة "فريديريك ايبيرت"، أن موضوع الندوة يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لمؤسستها، لكونه يندرج في إطار عمل باشرته المؤسسة منذ سنوات مع مختلف الشركاء المغاربة من أجل تعزيز دولة الحق والحريات بالمملكة. وذكرت في هذا الإطار بتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة بشأن الحكامة الجيدة في مجال الأمن وهي التوصيات التي شددت تحديدا على ضرورة المراقبة والتحقيق البرلمانيين في مجال الأمن، والمراقبة الوطنية للسياسات والممارسات الأمنية وكذا التكوين المستمر لموظفي السلطة والأمن. وأكد باقي المتدخلين في هذه الندوة، على أن محاربة الإرهاب، الذي هو ضرورة أساسية إلى جانب ضمان الحق في الأمن، ينبغي أن يتم في إطار توفير الضمانات اللازمة لحماية واحترام حقوق الإنسان والمحافظة على المكتسبات في مجال الحريات الفردية والجماعية، مع الربط بين احترام حقوق الإنسان ومهمة الدولة في استتباب الأمن، وضرورة محاربة الإرهاب والعنف بكل أشكاله مع احترام حقوق الإنسان والمحافظة على المكتسبات في مجال الحريات الفردية والجماعية، خصوصا تلك المتعلقة بحرية التعبير والتجمع والتظاهر وفقا للمعايير الدولية في هذا المجال. وفي هذا الإطار، أشار ادريس بلماحي، من مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، إلى أن دستور 2011 أطلق النقاش حول الحكامة الأمنية من خلال تنصيصه على إحداث مجلس للأمن . وأكد على ضرورة إرساء مسار شامل قوامه انخراط المجتمع المدني والتفاعل بين المؤسسات الأمنية والفاعلين في مجال حقوق الإنسان لإغناء التفكير والنقاش في هذا المجال. في حين، اعتبر المحامي مصطفى المانوزي، من المركز المغربي للديمقراطية والأمن، أن الأمن جزء من التنمية الديمقراطية العامة وهو ما يعني تحديد إطار مؤسساتي أمني واضح و إدماج الاعتبارات الأمنية في التوجهات الاستراتيجية والانشغالات المرتبطة والتنمية وبتحقيق الديمقراطية وبالحكامة الجيدة؛ وأن التطور الذي عرفه مفهوم الأمن يتطلب إطارا مؤسساتيا أمنيا واضحا واندماجا للقضايا الأمنية في التوجهات الاستراتيجية للدولة. وأوضح المانوزي أيضا، أن من نتائج الربيع المغربي الذي انطلق مع التظاهرات السلمية في 20 فبراير إعادة صياغة الوثيقة الدستورية والتصويت عليها في فاتح يوليوز 2011 والتي نصت في الفصل 54 على إحداث "مجلس أعلى للأمن"، بصفته هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة". وأكد أن إحداث هذا المجلس يتطلب توافقا واسعا بين كل الفاعلين السياسيين والأمنيين إضافة إلى الجمعيات المدنية المهتمة في الموضوع داعيا بهذه المناسبة إلى فتح نقاش واسع بمشاركة جميع الأطراف حول "المجلس " . ومن جهتها، اعتبرت سيسيل كي ممثلة "مركز الرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة "الذي يتخذ من جنيف مقرا له، أن مكافحة الإرهاب، والأمن، وحقوق الإنسان، لا يمكن أن تعتبر كمحاور غير مرتبطة ببعضها البعض.وأضافت أنه في ظل السياق الذي تطبعه التهديدات الإرهابية ، فإن المتغيرات الثلاثة المذكورة يتعين أن تتعزز في ما بينها بشكل متبادل، مشيرة إلى أن إجراءات مكافحة الإرهاب يتعين أن تخضع للتوجيه وان تحترم بعض المعايير في مجال حقوق الإنسان من أجل ضمان عدم تعارض تنفيذها مع هدفها الرئيسي المتمثل في حماية وصيانة المكتسبات الديمقراطية لمجتمع معين. وعموما، فقد شكلت هذه الندوة الدولية، المنظمة من طرف جمعية "عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة" ومؤسسة "فريديريك ايبرت ستيفتونغ"،مناسبة لتدارس مختلف وجهات نظر الفاعلين المغاربة والأجانب والأطراف المعنية بموضوع الأمن في أفق إحداث المجلس الأعلى للأمن الذي ينص عليه الدستور. كما نظمت ثلاث ورشات حول "دور القوات الأمنية في ضمان الحكامة الأمنية الجيدة" و"دور المجتمع المدني في تكريس الحكامة الأمنية" و"العدالة ودورها في إعمال الحكامة الأمنية" توجت بإصدار مجموعة من التوصيات.