لم تكن كل جلسات أعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة التي أشرف عليها، وقادها الراحل إدريس بنزكري، سياسة في سياسة بالمعنى المتداول والحرفي والجاف للسياسة. في بعض اللحظات، جمعت رفاق إدريس بنزكري، سياسة فيها بعض من المستملحات المعبرة، وإن لم تخلو من إشارات أكثر تعبيرا. يقول امبارك بودرقة وأحمد شوقي بنيوب في مذكراتهما التي ستصدر رسميا يوم الخميس المقبل، أنهما اعتمدا على عدد من الوثائق في الإعداد وصياغة مشروع المذكرات، رهما الذين توليا مسؤوليات متعددة داخل هيئة الإنصاف والمصالحة:« امبارك بودرقة، كرئيس لفريق التحريات، (وهو قطب رحى العدالة الانتقالية المغربية) والفاعل الرئيسي في مفاوضات الهيأة، والحاضر المتتبع لباقي أعمال فرقها، والمسؤول المباشر، مع شوقي بنيوب، عن عملها في الصحراء، ودور هذا الأخير، في إعداد مشروع التوصية والدفاع عنها ومسؤولياته في فريق جبر الأضرار وإعداد التقرير الختامي… فضلا عن مسؤولياتهما المباشرة، في مهام خاصة مع المرحوم إدريس بنزكري». وتضيف المذكرات وعنوانها «كذلك كان»، أن رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، إدريس بنزكري، جوابا منه على سؤال طرح عليه مباشرة:« ماذا يفعلان في الأقاليم الجنوبية للمملكة؟» وطبعا صاحب السؤال كان يقصد، أحمد شوقي بنيوب وامبارك بودرقة، فرد إدريس بنزكري ووصفهما في معرض قوله بأنهما (بودرقة وبنيوب) « الكوماندو الانتحاري لهيأة الإنصاف والمصالحة ». في كثير من محاور المذكرات، أسرار لم يسبق نشرها، خاصة تلك المرتبطة بالعراقيل التي واجهت فريق التحريات في عدد من المناطق أو تلك المرتبطة ببعض الأحداث الاجتماعية. وتتوقف المذكرات عند التحديات التي واجهت فريق التحريات في تحديد المدافن واستخراج الرفات، والتحري أيضا في مصير ضحايا 23 مارس 1965، وأحداث 20 يونيو والمقبرة الجماعية، والتحري في أحداث 14 دجنبر 1990 بفاس، وأيضا وضعية قرية تازممارت واقتحام إدريس بنزكري لجدران الصمت بالريف بالشمال، فضلا عن قضايا مصير الحسين المانوزي والمهدي بنبركة بنبركة التي عنونتها المذكرات في خاص ب«غلطة الشتوكي» المتهم الأبرز في عملية الاختطاف التي تعرض لها الراحل بنبركة .. ثم العراقيل التي عشها فريق التحري في الصحراء.