تكشف الفنانة لطيفة رأفت في حوار مع "فبراير.كوم" كيف تتعرض الفنانة لأنواع من التحرش الجنسي وللعديد من المضايقات، من بينها تزويجها من عشرات الرجال المعجبين بها. ماذا يعني التحرش بالنسبة إلى الفنانة لطيفة رأفت؟
هو ذاك السلوك المرضي الذي يتعرض له الصغار والكبار، والذي يستبيح الأجساد. وللأسف، عادة ما يكون الصغار، وخصوصا الفتيات، في مجتمعاتنا عرضة للتحرش، مع العلم بأن كل الديانات تحرمه، لكنه يتفشى كلما تدنت التربية الجنسية وتراجعت القيم الإنسانية والأخلاقية.
هل كنت ضحية للتحرش وأنت صغيرة؟
لا، لحسن الحظ. لكن حدث ذلك مع أختي. لقد ترعرعت في بيت محافظ، ولم يكن يسمح لنا والدي، رحمه الله، في وزان بالاختلاط، حيث كان ينظر إلى اختلاط الضيوف من الرجال والنساء على أنه عيب و«حشومة».
ومازلت أذكر كيف اشتكت شقيقتي وهي تدرس في القسم الابتدائي من أستاذها، فتدخل والدي والعائلة لتقديم شكاية ضده، وهي القصة التي علقت يومها بذاكرتي.
ماذا عن مرحلة الشباب؟ وكيف تعاملت مع ضريبة الشهرة التي تقترن في بعض الأحيان ببعض المضايقات تصل حد التحرش؟
كما أكدت لك، كان والدي رحمه الله محافظا، وبالتالي ما كان له أن يسمح لابنته بالغناء، وقد فطنت إلى ذلك مبكرا في نفس الوقت الذي أخذت أتذوق فيه حلاوة الفن، ولهذا تزوجت مبكرا من الملحن أحمد العلوي، حيث تحررت من قيود الأب وعشت مع زوج شجعني وأخذ بيدي في بداية مشواري الفني، إذ لم يكن عمري يربو على 19 سنة ونصف حين اقترنت بزوجي الأول.
فحينما أصبحت مسؤولة من زوجي لم يتدخل والدي رحمه الله في اختياري للفن. والحمد لله، منذ زواجي لم يتحرش بي أحد. طبعا كانت هناك دائما تلميحات، لكن، كما تعلمون، إذا كانت المرأة تحترم نفسها وتفرض شخصيتها، فإنها تضع حاجزا بينها وبين من يجرؤ على التمادي في التحرش بها.
لكن، أكيد، بعد طلاقي كانت هناك محاولات للتحرش بي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وكان علي في كل مرة أن أعتمد على ثقتي بنفسي وزادي من العفة والأخلاق لصد المتحرشين.
ماذا تقصدين بالتحرش المباشر وغير المباشر؟
أقصد أنني أفهم مغزى كلام الرجل، وأفطن إلى أنه يتحرش أو يستعد للتحرش بي، فأضع حدا لذلك. أنا متشبثة بديني وبتربية والدي التي تلقيتها في وزان. أكيد أن كل شخص سيجد نفسه أمام فنانة مطلقة، معروفة، مشهورة وجميلة، سيعتقد أنها سهلة المنال. لكنني في كل مرة كنت أبعث رسائل الصد والرفض ليلتقط الآخر المتحرش الرسالة.
ولحسن الحظ كان زوجي العلوي يرافقني في جميع السهرات التي أحييها ويغمرني بحبه، حيث كان مجرد حضوره يضع حواجز من الإسمنت أمام أي محاولة للتحرش، ولعل هذا ما جنَّبني التعرض للتحرش في عالم الفن والطرب، خاصة أنني لا أدخن ولا أشرب الخمر. وكثيرا ما قيل إنني سأعتزل، وقد كُتب هذا عدة مرات، لكنني لا أفكر في الاعتزال. صحيح أنني في العديد من المرات كنت أقول مع نفسي إنه إذا كان غنائي وظهوري فوق الخشبة يترتب عليه افتتان بجمالي وجمال صوتي، فمن الأفضل لي أن أعتزل. لكن، الحمد لله، في كل مرة أصعد فيها إلى الخشبة للغناء، أحس بأن لباسي وغنائي وهيئتي وشخصيتي تجعل كل من حولي يحترمونني، وهذا ما يجعلني مقتنعة باستمراري في الفن وعدم الاعتزال.
هل يمكنك أن تحدثينا عن بعض حالات التحرش التي تعرضت لها؟
أخطر تحرش أتعرض له، هو تلميحات بالخطوبة، ففي كل مرة ألتقي بأحد يلمح لي بالخطوبة، وقد لا تصدقون لكنني أكون موضوع خطبة وزواج باستمرار، إلى درجة أنه يتم تزويجي وعقد قراني يوميا!
كيف؟ بعد طلاقي من أحمد العلوي، تزوجت من رجل أعمال يرفض الكشف عن هويته، لا لسبب إلا لأنه كان مقتنعا بأنه تزوج لطيفة الإنسانة وليس الفنانة، لذلك لم يرغب في الكشف عن اسمه وهويته، وقد احترمت دائما رغبته تلك، إلا أن زواجي من رجل الأعمال لم يستمر إلا سنة ونصف السنة. وأنا الآن حرة، لكن لست أدري لماذا يصر بعضهم على التضييق على حريتي.
هل يمكنك أن توضحي لنا أي نوع من المضايقات؟
ما يضايقني بشكل كبير أن الكثير من الرجال يسمحون لأنفسهم بأن يدَّعوا أنني زوجتهم. وفجأة صار لي أزواج كثيرون ومتعددون!
هل يقدمون أنفسهم على هذا الأساس؟ ولمن يقدمون أنفسهم؟
حدث هذا عشرات المرات. وهذا هو التحرش الحقيقي الذي أتعرض له بشكل مستمر، فبعض الرجال يطمعون في ودي والتقرب مني، وبعضهم يعتقد أنه يكفي أن تكون إحداهن فنانة مطلقة ومعروفة حتى يسهل عليهم الوصول إليها، حتى إذا عجزوا عن ذلك ادعوا أنها زوجتهم!
فما يحز في نفسي أن مجموعة من الرجال ينتحلون شخصية زوجي في كل مرة، وقد حدث مؤخرا أن قدم أحد المحامين نفسه على أساس أنه زوجي، فصادف ذلك وجود وكيلة للملك تعرفني جيدا، فقالت له بالحرف: «نعلو الشيطان، راه مطلقة من راجلها، وأنا أعرف أنها غير متزوجة، فلماذا تدعي أنك زوجها؟».
أنا لا أطلب أكثر من احترام حقي في ألا يُعقد قراني عشرات المرات يوميا، وألا تتم خطبتي أكثر من مرة افتراء وبهتانا. ولا أعتقد أن هذا كثير علي كفنانة محترمة. لقد كنت دائما حريصة على أن أعيش حياتي الفنية بهدوء دون استفزاز وبلا ضوضاء، ولهذا، مثلا، رفضت عرضا من قناة روتانا، لأنني أبيت أن أغني باللهجة الخليجية وأن أرتدي اللباس الذي يقترحونه علي، ولأنني رفضت أن أكون مادة دسمة للتحرش، اقتناعا مني بأن الطرب لا يعني التعري وإبراز المفاتن، فلماذا يُتحرش بي؟