أصدرت جمعية الريف لحقوق الإنسان، بمناسبة الذكرى 30 لأحداث الريف لسنة 1984، بيانا، تضمن لائحة من المطالب التي رتبتها حسب أهميتها واستعجاليتها، ننشره كاملا. تحل علينا هذه السنة الذكرى الثلاثون لأحداث الريف لسنة 1984، التي عرفتها مجموعة من المدن المغربية (الناظور،الحسيمة،مراكش، تطوان،بركان،...)، وعلى رأسها منطقة الريف، والتي اندلعت بإقليم الناظور يوم الخميس 19 يناير 1984، في تفاعل تميز بارتفاع حدة السخط الاجتماعي في أوساط مختلف الفئات الشعبية كرد فعل ضد رضوخ الدولة لسياسة التقويم الهيكلي المفروضة من طرف المؤسسات المالية الدولية، والتي همت الزيادة في المواد الاستهلاكية الأساسية، وفرضت التقشف في العديد من الخدمات الحيوية، وإضافة رسوم التسجيل في البكالوريا ودخول الأفراد والسيارات إلى مدينة مليلية المحتلة. وقد ووجهت هذه المظاهرات والاحتجاجات الشعبية السلمية بالقمع الذي تميز بعدم التناسب و خروجه الفادح عن القانون، حيث عرف انتهاج الدولة للقتل العمد و العشوائي خارج القانون و الذي هم مختلف الفئات العمرية بما في ذلك الأطفال، و كذا الاعتقالات التعسفية و التعذيب الجسدي في مخافر الشرطة و الدرك و القوات المساعدة و ثكنة الجيش بتاويمة، كما شهدت محاكمات غير عادلة زجت بالمئات في غياهب السجون، كما تلا ذلك كله رفع الدولة من درجة الحصار الذي سلطته على المنطقة كعقاب جماعي. و على مستوى عدد القتلى، فقد أعلن رسميا آنذاك على أن عدد الوفيات بإقليم الناظور قد بلغ 17 حالة موزعة كالتالي: الناظور:13، بني أنصار:1، أزغنغان:2، زايو:1، و هو ما تطابق مع التحريات التي قامت بها هيئة الإنصاف و المصالحة في تقريرها النهائي، حيث أعلنت عن عدم تمكنها من تحديد أماكن الدفن بالرغم من استجوابها لمجموعة من المسؤولين المحليين، ما يعني عدم وجود رغبة لدى الدولة في الكشف عن الحقيقة، كما أنها ذكرت في تقريرها قيام فريقها بزيارات شملت " المقابر المفترضة" لكنها لم تذكرها، هذا في الوقت الذي تجمع فيه ساكنة الإقليم على وجود مقبرة جماعية داخل أسوار الثكنة العسكرية بتاويمة، والتي كانت تستخدم في حينه كمركز للاحتجاز التعسفي، وتؤكد العديد من الشهادات الحية و حتى الإعلامية منها في تلك الفترة على وجود المئات من الجثث في تلك المقبرة الجماعية. و في مرحلة لاحقة، و بالضبط يوم الإثنين 28 أبريل 2008، أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالناظور عن « اكتشاف بالصدفة » لمقبرة جماعية تضم 16 جثة بثكنة الوقاية المدنية بالناظور، ليعلن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لاحقا أنها تعود لضحايا أحداث 1984، و أجريت على أثر ذلك خبرة الحمض النووي على الجثث 16 ، و التي تم دفنها بتاريخ الاثنين 15 يناير 2010 بحضور الأسر 16 و بحضور رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، إلا أن هذه النتائج ما تزال غير معلنة لغاية الآن، هذا في الوقت الذي بلغ لنا من طرف أخ الضحية المسمى قيد حياته نجيم المرابط أنه أخبر من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن نتائج الحمض النووي كانت نتيجته سلبية، بالرغم من أنه حظر عملية الدفن على أساس أنه من ذوي الحقوق، بمعنى أن مكان دفن أخيه مازال غير معلوم، و تنضاف له ثلاث حالات تم تسجيلها من طرف المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الإنصاف، لم يتم احتسابها من لدن هيئة الإنصاف و المصالحة في تقريرها و لا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لاحقا، و هم المسمون قيد حياتهم: كنوف الحسن و عامر عبد الحميد و برو امحمد، ما يعني وجود أماكن دفن أخرى يستوجب الكشف عنها. و من جانب آخر، فقد سجلنا في جمعية الريف لحقوق الإنسان، و في إطار تتبعنا لتنفيذ توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة، التماطل الحاصل إلى اليوم في الإستجابة إلى توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة وتعهدات المجلس الوطني لحقوق الإنسان فيما يخص حفظ الذاكرة الجماعية المرتبطة بأحداث الريف خاصة لسنوات 1958-1959 و1984، كخلق فضاءات للذاكرة و مواقع الضمير والإهتمام بالأرشيف ، خصوصا و أن متحف الريف الذي تم الإعلان عن إحداثه في مدينة الحسيمة، مايزال مصيره غير واضح في ظل غياب التواصل بين مؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكل الرأي العام الوطني والمحلي وخاصة فعاليات المجتمع المدني المعنية بذلك، خاصة مع التعثرات التي شهدها و شح الإمكانيات المالية المرصودة له. هذا، وتجدر الإشارة إلى أن توصيات هامة، صدرت عن اليوم الدراسي والتشاوري ، الذي انعقد بمدينة الناظور بتاريخ 11 شتمبر 2011، وجمع كلا من المجلس الوطني لحقوق الإنسان وعدد من الجمعيات الناشطة بمنطقة الريف، و هي التوصيات التي لم ترى النور بعد ويجهل مصيرها، خاصة منها ما يتعلق بإشراك جمعيات المجتمع المدني الحاضرة في الاجتماع، لمتابعة إحداث وتفعيل متحف الريف. و لأجل ذلك، فإننا في جمعية الريف لحقوق الإنسان، نطالب مؤسسات الدولة المعنية بما يلي: 1. نشر نتائج خبرة الحمض النووي المنجزة بخصوص ضحايا الأحداث؛ 2. إحداث آلية لاستكمال جبر الضرر الفردي والجماعي لفائدة ضحايا أحداث الريف الذين لم يتمكنوا من وضع طلباتهم في السابق؛ 3. الكشف العلني عن المقبرة الجماعية المفترضة بالثكنة العسكرية بتاويمة، و تحويلها إلى فضاء عمومي لحفظ الذاكرة، و إخلائها من الجيش؛ 4. إشراك المجتمع المدني في إخراج مؤسسة متحف الريف إلى حيز الوجود، كمتحف يمتد خارج أسواره، ليشمل كل الإرث الثقافي والحضاري للريف، وبخاصة، ليعكس ذاكرة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كآلية جماعية لبناء دولة الحق والقانون و مجتمع العدالة والسلم؛ 5. تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، بما يفترضه من دسترة لتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، وبخاصة ما يتعلق منها من تقديم الدولة لاعتذار رسمي وعلني عن مسؤوليتها عما ثبت من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الماضي؛