خلصت دراسة للبنك الدولي حول الشاب بالمغرب إلى أن نصف الشباب المغربي المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و 29 سنة يفتقرون إما لعمل أو لمقعد دراسي. و ذكر التقرير الذي صدر في منتصف هذا الشهر تحت عنوان النهوض بالفرص المتاحة للشباب ومشاركتهم بالمغرب، أن معدل البطالة بين صفوف الشباب تتراوح ما بين 22% لدى الرجال و 38% لدى النساء مرجعا التفاوت المسجل بين الجنسين إلى وجود عوائق ثقافية إضافية تحول دون انخراط نسبة أكبر من النساء في سوق الشغل. وأشار التقرير إلى أن نسب البطالة المسجلة لا تعطي إلا صورة جزئية عن مدى إقصاء الشباب من الحياة الاقتصادية، حيث انتقد التقرير إهمال الدولة المغربية لنسبة 80% من الشباب الذين يتوفرون على مستوى تعليمي أقل من الباكالوريا (أو لم يحصلوا على أي تعليم) في مقابل تركيز سياستها على خريجي التعليم العالي الذين يشكلون 5% فقط من نسبة العاطلين عن العمل.
كما أورد التقرير أن نسبة الشباب، التي أضحت تُمثل نسبة 30 في المائة من مجموع الساكنة في المغرب، تُشَكِّل"هبة ديمغرافية بالنسبة لبلد يتوفر على اقتصاد مطرد النمو قادر على خلق فرص شغل. ويمكن لروح الابتكار والإنتاجية التي تتوفر لدى هذه الفئة الهامة، أن يجعل من هذه الشريحة من الساكنة محركاً للنمو، ومُحَفَّزاً اقتصاديا ومنبعاً لطلب إجمالي أكبر".
وتقول السيدة إنغر آندرسن، نائبة رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمالافريقيا بأن "الشباب يمثل مستقبل المغرب [وأن] التغلب على إقصاء الشباب يُمكن أن يكون له أثر هام على تقدم البلاد وازدهارها."
ويضيف "التقرير يُشكل دليلاً مفيداً لصانعي السياسات لكيفية تضمين عامل التحدي المتمثل في إدماج الشباب في أجندة المغرب الاجتماعية والاقتصادية في شكلها الأوسع. "
واعتمد التقرير الصادر حديثا على طريقة بحث مبتكرة تركز بشكل مباشر على وجهات النظر الشخصية للشباب، حيث تم إجراء هذا البحث الميداني على عَيِّنة من 2000 أسرة مغربية من مختلف أنحاء البلاد، تم استجواب 2883 شاب وشابة ضمن تلك الأسر، إلى جانب العديد من مجموعات التركيز .focus groups
و يُشير التحليل النوعي لنتائج التقرير بأن التكلُفة الاجتماعية للإقصاء الاقتصادي للشباب هي جد مرتفعة وأن درجات الإحباط هي أعلى عند الشباب، مقارنة بالشابات. كما يشجع التقرير الدولة على انتهاج سياسة تقوم على ثلاث أولويات فيما يخص استهداف المستفيدين من بين الشباب المحرومين. أولا: اعتماد خدمات ونشرها حسب الفئات العمرية الخاصة، و /أو بحسب النوع الاجتماعي، و/ أو الفئات الخاصة من الشباب.
و تمثل الأولوية الثانية في توسيع نطاق التدخلات محكمة التصميم و الرامية إلى استفادة عدد أكبر من الشباب المحرومين، بطريقة إدماجية وغير مكلفة.
أما الأولوية الثالثة، فتتمثل في التركيز على تأثير البرامج القطاعية المتقاطعة التي أطلقتها مختلف الوزارات لفائدة نفس مجموعات المستفيدين. ويوصي التقرير، الذي يقع في 150 صفحة، بضرورة التركيز على مجالين رئيسين: من جهة تعزيز قابلية التشغيل و إحداث شبكات خاصة بأسواق العمل و المقاولات، و من جهة أخرى تشجيع المشاركة الفعالة للشباب والنظر إليهم كمشاركين نشطين في تهيئة وتقييم البرامج التي تهدف إلى إرضاء احتياجات الشباب.