خلص تقرير جديد صادر عن البنك الدولي إلى أن ما يعادل نصف الشباب بالمغرب، المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و 29 سنة، يفتقرون إما إلى عمل أو إلى مقعد دراسي. ويقوم التقرير، الذي يحمل عنوان «النهوض بالفرص المتاحة للشباب ومشاركتهم بالمغرب»، بتحليل أسباب الغياب المنتشر لنشاط مهني أو دراسي لدى الشباب، كما يطرح سلسلة من الاقتراحات لدعم إدماج أكبر لفائدة الشباب في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلد. التقرير الذي يركز بشكل مباشر على وجهات النظر الشخصية للشباب، يمثل أحد التحليلات الأكثر شمولية لقضايا الشباب بالمغرب، حسب بلاغ صحافي للبنك الدولي، توصلت «المساء» بنسخة منه، حيث ألقى الضوء على ظاهرة الخمول، وليس فقط العطالة، بين أوساط الشباب المغربي، إذ تم إجراء هذا البحث الميداني على عينة من 2000 أسرة مغربية من جميع المدن والقرى، كما تم استجواب 2883 شابا وشابة ضمن تلك الأسر، إلى جانب العديد من مجموعات التركيز، بغية تسجيل تطلعات شريحة متنوعة المشارب من الشباب عبر البلد، وتحديد العوائق التي تحول دون إدماجهم. وصرحت كلوريا لاكافا، العالمة الاجتماعية بالبنك الدولي ورئيسة فريق العمل الذي أنتج التقرير، بأن «الشباب المغربي يزخر بالأفكار، ويحرص على المساهمة داخل مجتمعه، لكنه متعرض للإقصاء من دائرة الفرص المتاحة، وبالتالي لم يستفد من النمو الاقتصادي الذي حصل في العشرية الأخيرة، كما أن صوته يبقى محدودا في عملية صنع القرار. وشكلت نتائج البحث، التي تضمنت كذلك نظرة عامة عن البرامج والمؤسسات الحالية ذات الارتباط بالشباب، القاعدة التي تنبني عليها سلسلة من الاقتراحات لإحداث سياسات للنهوض بوضعية الشباب. كما أن معدي التقرير، بمن فيهم تارا فيشوانات، المختصة في شؤون الاقتصاد ومحاربة الفقر بالبنك الدولي، أتموا هذه المقترحات بأمثلة لمقاربات ناجحة تم استقاؤها من بعض التجارب الدولية في مشاريع مماثلة. وتضمن التقرير عدة توصيات، أهمها ضرورة جعل الشباب جزءا من الحلول المقترحة والنظر إليهم كمشاركين نشطين في تهيئة وتقييم البرامج التي تهدف إلى إرضاء احتياجات الشباب. ودرس التقرير فئة الشباب التي أصبحت تشكل واحدة من أهم الفئات من الساكنة المغربية، حيث إن الفئة العمرية ما بين 15 و29 سنة أضحت تشكل نسبة 30 في المائة من مجموع الساكنة، ونسبة 40 في المائة من الساكنة البالغة سن العمل (ما بين 15 و 64 سنة). ورأى التقرير بأن هذه الفئة تشكل «هبة» ديموغرافية بالنسبة لبلد يتوفر على اقتصاد مطرد النمو قادر على خلق فرص شغل، ويمكن لروح الابتكار والإنتاجية التي تتوفر عليها هذه الفئة الهامة أن تجعل من هذه الشريحة من الساكنة محركا للنمو، ومحفزا اقتصاديا ومنبعا لطلب إجمالي أكبر. وأضاف التقرير أن التحدي الذي يواجهه المغرب يكمن في توفير البيئة الملائمة، التي من شأنها مساعدة هذا المورد البشري الحيوي على تفجير كافة طاقاته، فالشباب يواجه العديد من العوائق، خاصة الولوج المحدود للكفاءات اللازمة لإتقان اللغة الفرنسية في المدارس العمومية، التي تستقبل أغلبية الشباب المغربي، ويؤدي ذلك إلى حرمان فئة عريضة منهم من الفرص الاقتصادية المتاحة في القطاع الخاص حيث الإلمام بتقنيات التحدث والتواصل باللغة الفرنسية ضرورية. وتعاني كذلك البرامج الهادفة لمحاربة البطالة بين أوساط الشباب من نفس التباينات، حيث إن غالبية تلك البرامج موجهة إلى خريجي التعليم العالي الذين يمثلون 5 في المائة فقط من فئة الشباب العاطل، مما يترك ما تبقى من العاطلين بدون برامج خاصة لإدماجهم في عالم الشغل.