في بلدان تُقدّر قيمة الأشياء ، البلدان التي تُشيّد بها اكبر الجامعات والمستشفيات والمراكز الثقافية ويعيش بها الإنسان أعلى درجات الحرية والكرامة ، ينظرون لفلاسفتهم ومفكريهم نظرة إجلال لأنّهم يعلمون الدّور الّذين لعبوه من أجل الدّفع ببلادهم نحو الديمقراطية والعيش الكريم فَيسمّون بأسماءهم أكبر السّاحات والشوارع والجامعات بل ويجعلون منهم مرجعا لتأثيت الذّاكرة واستشراف المستقبل في المغرب ، كباقي جلّ الدّول المتخلفة عن الركب الحضاري لا نمتلك أسماء فكرية عديدة لأسباب تاريخية وبنيوية يصعب سردها ولن نختلف إذا قلنا أنّ أبرز مُفكرين يتباردان إلى الذّهن هما محمد عابد الجابري و عبد الله العروي ، مفكّران عملاقان ببعد كاديمي وحسّ نقذي وتموقع لا سلطوي يجعل منهما جديران بكلّ احترام وتقدير ولانقصد هناتحريم النقد الأكاديمي ولا التقديس بل ضرورة التكريم والتقدير... مناسبة هذا الكلام هوما صدر عن أحد المختلين العقليين والفقهاء الجاهلين يدعى أبو النعيم حيث وبعد تكفير إدريس لشڭر والإتحاد الإشتراكي والجمعيات النسائية " واصفا إيّاها بالبغايا " وأحمد عصيد لينهي هجومه بذكر الجابري والعروي على اعتبار أنّهما كافرين أيضاً. هذا الفقيه الجاهل الّذي أجزم أنّه لن يستطيع فهم ولا موقفا نظريا من مواقف الجابري والعروي ينقل المعركة من مجال الفكر إلى المجال العقدي ، ولأنّ اغلب ضحاياه من الذين فاتتهم فرص التّعلم فإن الطامة تصير أعظم ، من هنا تبدأ ثقافة العنف والإنتقام الأعمى بوجه بشع ونظرات يتقاطر منهما الشّر وخطاب هستيري يُؤكده الصراخ ونغمة التباكي والمظلومية يضفي شرعيةً على خطابه التحريضي ، هكذا يصنعون جيلاً فارغ الفكر حاقدا أعمى مستعدا للعنف والتدمير الإرهاب ليس فقط من ينفذ القتل والتخريب بل هؤلاء الذين يقودوهم جهلهم وخبثهم لنشر ثقافة الكراهية والتحريض على العنف، فماذا أعددنا نحن لمواجهة هذا الظلام الذي يطوق دور العبادة ويفتك بحاضر ومستقبل شبابنا ، إنّه دورنا أيضاً في نشر ثقافة العقل والتسامح والتعايش ومحاصرة كل منابع الظلام.