احتفى مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة في ليلة ستظل راسخة لدى الجمهور ورواد الفضاء التاريخي (باب الماكينة) بأم كلثوم وبمصر والعالم العربي من خلال حفل فني أحيته مساء امس الجمعة مجموعة « كوكب الشرق » المنبثقة من الأوركسترا الكبرى لأوبرا القاهرة. وقدمت هذه الفرقة، التي تأسست بعض مضي حوالي 40 سنة على وفاة سيدة الطرب العربي أم كلثوم على يد مديرة أوبرا القاهرة، إينيس عبد الدايم، مجموعة من الأغاني الخالدة لأم كلثوم، بأصوات مطربات شابات حافظن من خلال أصواتهن وتميز أدائهن على الموروث الخالد للراحلة أم كلثوم. واستطاعت المطربات اللواتي تناوبن على المنصة رفقة الأوركسترا التي تضم مجموعة من العازفين الشباب أن يستعدن بأصواتهن كل ذلك التألق والزخرفة الصوتية التي طبعت إبداعات سيدة الطرب العربي من خلال انتقاء وأداء باقة من أغانيها الخالدة. واسترجع هذا الحفل الذي حضره جمهور من عشاق الموسيقى الشرقية وهواة الطرب الأصيل تلك الليالي البادخة حين كانت سيدة الطرب العربي أم كلثوم التي تركت بصماتها الخاصة في الساحة الموسيقية العربية تقدم في الخميس الأول من كل شهر حفلا موسيقيا يتتبعه عشاق الطرب في العالم العربي . وتضم مجموعة » كوكب الشرق » بقيادة المايسترو مصطفى حلمي أمهر العازفين في أوبرا القاهرة حيث يقدمون حفلاتهم الموسيقية في الخميس الأول من كل شهر على غرار ما كانت تفعله الراحلة أم كلثوم . وتسعى هذه المجموعة التي تضم مطربات شابات وموهوبات يجدن أداء ربرتوار سيدة الطرب العربي إلى المحافظة على تراث أم كلثوم من خلال اللجوء إلى نفس البنية الأوركسترالية والاعتماد على أصوات شابة تجيد الأداء . وكان الفضاء التاريخي ( باب الماكينة ) قد احتضن ليلة الخميس حفلا فنيا احتفى بالتقاليد المولوية وكذا بفن السماع الأندلسي كما أصله وطوره شيوخ كبار في فن موسيقى الآلة . وشكلت هذه السهرة الموسيقية التي احياها كل من جوق الموسيقى الأندلسية بقيادة الفنان محمد برويل ومجموعة الدراويش الذي قدموا من اسطنبول ( تركيا ) رحلة روحية في عمق تقليدين موسيقيين صوفيين ترسخا كتعابير فنية تنتصر للمقدس ولإنسانية الإنسان بعيدا عن اللون أو الدين أو اللغة والجنس . كما جاء هذا الحفل الذي حضره العديد من المولعين بموسيقى الآلة وبالأذكار والترانيم الصوفية بمثابة تكريم للشيخ الكبير جلال الدين الرومي الذي لا يزال شعره يقرأ على نطاق واسع إلى اليوم ولفن السماع المغربي الذي يكشف عن الصوت الجوهري المطلق . وزاوج هذا الحفل الفني الذي تتبعه جمهور عريض بين أداء مقطوعات من الموسيقى الأندلسية مرفوقة بمنشدين يصدحون بأذكار وترانيم من فن السماع وبين لوحات فنية من الرقص الدوار لأعضاء فرقة الدراويش ( المولويين ) الذي هو تقليد موسيقي يستهوي السامع بالنظر لطابعه التأملي ب ( الجدبة ) . وستتواصل سهرات مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة في دورته 22 بتنظيم اليوم السبت لحفل فني تحييه نجمة الأغنية العربية سميرة بنسعيد التي تعد من أبرز الأصوات الغنائية التي لها القدرة على التنويع والزخرفة الصوتية .