يريده محمد السادس أن يرسم شخصيته بنفسه، لا أن يكون صورة طبق الأصل منه. "فبراير.كوم" ترسم ملامح ولي العهد في الذكرى التاسعة لميلاده بعد أن بات أكثر نضجا، الشيء الذي تعكسه صورته بالزي العسكري في رحلة خاصة مع الملك.
حضر على الساعة الثالثة من زوال الأحد 29 أبريل 2012 بمعية رفاقه في الدراسة للاستمتاع بملهى "أدفنتر لاند" أو "أرض المغامرات" الذي افتتح منذ أسابيع في الطابق الثاني بالمركب التجاري "موروكو مول".
تتكون "أرض المغامرات" من أكثر من لعبة وتختلف اللعبة باختلاف التيمة والزاوية والمكان داخل نفس الفضاء، وقد سٌمح لباقي الأطفال أن يستمروا في تزجية وقتهم وفي اللعب دون تضييق، كما أكد ل"فبراير.كوم" شهود عيان في المركب التجاري "موروكو مول"، بحيث مٌنع على باقي الأطفال الاقتراب من الأمير أو من قاعة اللعبة التي يشترك وأصدقائه في تزجية وقتهم بها، على أن يٌنتقل إليها مباشرة بعد انتقال ولي العهد إلى اللعبة المجاورة.
كان يرتدي قميصا تزينه مربعات بالأبيض والأسود ويضع وباقي رفاقه قبعات رياضية، وقد استمتع كثيرا بأكثر من لعبة وهو يمسح كل الألعاب بأرض المغامرات منذ الساعة الثالثة من زوال الأحد. ولعل ما أثار انتباه بعض الأطفال وذويهم حينما لمحوه وهو يستمتع بقيادة سيارات تربط بخيط كهربائي لا تحقق المتعة فيها إلا عبر اصطدام سائقها بباقي السائقين، حيث ردد بعضهم:"ياه شوف ولي العهد كيلعب سيارة "التصاطيح".
هذه جزء من ملامح ولي العهد الذي يتمتع بطفولته، في نفس الآن الذي يقتفي فيه خطوات والده الملك بكثير من اليقظة والجدية.
صبيحة يوم الخميس الموافق للثامن من ماي 2003، سمع ذوي طلقات المدافع بالعاصمة الرباط، المعلنة عن الإحتفاء بولادة ولي العهد.
إنه الابن الأول لمحمد السادس وللا سلمى، الذي كشفت المجلة الفرنسية "باري ماتش" عن دنو ميلاده حينما نشرت نبأ حمل للا سلمى بعد مرور سنة من زواجها، وهي نفسها التي تنبأت أنه في حالة إذا كان المولود ولدا، فمن المحتمل جدا أن يحمل اسم جده الحسن، لأنها عادة قديمة داخل الأسرة العلوية.
إنه "سميت سيدي" ويشكل حدث ولادة ولي العهد شأنا للدولة.
كان الملك محمد السادس في قمة غبطته مثل أي أب يفرح بولده البكر، فاصدر عفوه على حوالي 48 ألف سجين، وهو رقم غير مسبوق وضخم، لكن للأسف بعد أيام قليلة استفاق المغرب على تفجيرات 16 ماي 2003 الإرهابية، والتي خلفت مقتل 43 شخصا، فتم تقليص عدد الحفلات وإلغاء بعضها.
يضفي دوما ولي العهد صورة الأسرة العادية تقريبا على العائلة الملكية، وهذا ما يجعل الصحافة المتخصصة في أخبار المشاهير وكبار العالم تلقي بجميع أضوائها على هذه الصورة، وبدون شك تظل أكثر تلك الصور حميمية تلك التي حصلت عليها مجلة "باري ماتش" الفرنسية سنة 2004، ففي ألبوم الصور المنشور على صفحات المجلة حول العائلة الملكية، نشاهد الملك وزوجته يداعبان ابنهما بممرات حديقة إقامتهما الملكية بدار السلام بالرباط، وفي ذلك الحوار الذي خصصه الملك محمد السادس للمجلة الفرنسية صرح مثل أي أب:"عندما يحل الليل نضطر للحديث بصوت خافت كي لا نوقض ولي الأمير ولي العهد".
مما لا شك فيه أن الملك يهتم شخصيا بجميع الأمور المتعلقة بتعليم ولي العهد، ويقول في نفس الحوار:"تلقيت أنا وأخواتي وأخي تربية صارمة، وتتبعنا منهجا تعليميا كثيفا جدا، كما كنا ملزمين كذلك بتلقي تكوين ديني جيد بالمدرسة القرآنية الموجودة بالقصر، أحرص على أن يتلقى ابني نفس تلك القواعد، لا أحبذ أن يكون صورة طبق الأصل عني، ولكن أريده أن يرسم ملامح شخصيته بنفسه".
من الواضح أن محمد السادس يخص ابنه بكثير من الوقت، مما كان يحصل عليه حينما عندما كان وليا للعهد، بل إنه يشرك ابنه في كل شيء، سواء تعلق الأمر برحلات القنص، أو التجول على الخيل، أو التزلج على الجليد بفرنسا أو ميشليفن، أو زيارة مدن الألعاب، كما يقومان كذلك بخرجات خاصة بالسيارة المكشوفة، حي يكتشفان معا شوارع وأزقة المملكة.
في سنة 2008، تحولت إحدى تلك الخرجات لقضية دولة، عندما توقف كعادته عند إشارة ضوء أحمر فحياهم شرطي مرور استطاع التعرف عليهما، كان الملك في مزاج رائق، فسأل ابنه إن كان يحب أن يصبح شرطيا عندما يكبر، فاستغل ذلك الشرطي الفرصة للبوح بعبارات المديح لولي العهد، فأعجب الملك بذلك فقرر أن يمنحه مأذونية طاكسي، كان الأمر سينتهي هنا، لكن مدونا على الأنترنيت من أكادير نشر الخبر مع تعليق يقول، إن محمد السادس قد قدم مثالا لابنه على الريع عبر المأذونيات، فتحرك صقور النظام لاعتقال ذلك الشاب ورموه في السجن، لكن المتابعة القضائية لم تتحق وأطلق سراحه.
ورث مولاي الحسن عن أبيه الشغف بالسيارات والرياضات الميكانيكية، إنه يقود بنفسه سيارته الكهربائية الصغيرة، التي أهداها له والده، وكان أول ظهور رسمي للأمير بجانب والده لدى استقبال الملك لأعضاء الفريق الوطني لكرة القدم الذي بلغ نهاية كأس إفريقيا بتونس سنة 2004، وكان عمره حينها 8 اشهر فقط.
أما اليوم فإن الأمير يجيد اللعب بكرة القدم، ويتدرب أسبوعيا بالنادي التابع للجيش الملكي بالمعمورة بالرباط .. ومؤخرا تعرض لإصابة في إحدى المباريات بسبب تدخل عنيف من مدافع الفريق الخصم قبل أن يتعافى من الإصابة ويعود للعب كرة القدم، دون أن يحدث أي شيء لابن العقيد الذي كان سببا في تعرض الأمير للإصابة لأنه لم يتعمد إصابة الأمير بالأذى...
مع توالي السنوات كبر مولاي الحسن، لقد بات أكثر حضورا لدى ظهوره بلباسه الرسمي، ولقد تعودنا على ظهوره خلف والده في جميع الخطب الملكية، وكانت أول مرة يظهر فيها الأمير في خطاب ملكي خلال خطاب العرش التي خلد للذكرى العاشرة لتولي الملك محمد السادس مقاليد السلطة، أو لدى استقبال الملك لصديق كبير للمملكة، مثل ملك الأردن ... ومنذ بلوغه سن الثامنة، أصبح الأمير مولاي الحسن يقوم بالأنشطة الرسمية بدون مرافقة أي أحد، وفي مارس، ترأس لأول مرة، مثل شخص بالغ، حفل إعطاء انطلاقة المسابقة الدولية الثانية للدراجات، وهي المسابقة التي تحمل اسمه...
وباستثناء الجدل الذي أثارته صوره أثناء تدشينه حديقة الحيوانات ويده محط التقبيل، وكانت محط أضواء وطنية ودولية، فإن عود ولي العهد يشتد خلف أسوار البلاط وتظهر في خرجاته الناذرة والمحسوبة ملامح شخصية قوية بقسمات وجه أبرز ما فيه عينيه المشعتين بالذكاء.