فجأة، ارتبكت الأسلاك الهاتفية، حينما علمت المصالح الأمنية أن الملك محمد السادس سيمر من ملتقى شارع المقاومة وأولاد زيان في الدارالبيضاء. رجال الأمن على أعصابهم لإزاحة أصحاب الشاحنات الكبيرة ومطالبتهم بتغيير مسارهم عبر طرق فرعية لإبعاد أي ارتباك في حركة السير بشارع محمد السادس.
ينتقل إلى خريبكة ثم يعود إلى الدارالبيضاء. يغير برنامجه في أخر لحظة ليمسح بعينيه أكثر من نقطة سوداء في مدينة الدارالبيضاء دائما.
من فاس إلى كازا، ومن الرباط إلى كازا ومن الفقيه بن صالح إلى كازا.. إذ لوحظ منذ ما يربو عن الشهر أن الملك أطال من مقامه في الدارالبيضاء، حيث جعلها "عاصمة مؤقتة" ونقطة انطلاق لزياراته باتجاه المدن المجاورة.
ودون سابق إشعار يقرر الملك التنقل والتجوال بين أزقة وشوارع الدارالبيضاء. البارحة شوهد وهو يسوق سيارته في شارع الزرقطوني ومنذ لحظات الاستنفارات الأمنية تسارع الخطى بالقرب من القصر الملكي بالأحباس.
ومن شأن زيارات الملك المتكررة للدار البيضاء أن تدفع بالعناصر الأمنية للوقوف بحزم حول الواقع الأمني للمدينة، سيما أن البعض ذهب إلى ربط زيارات الملك الأخيرة للبيضاء بعدم رضاه عن الوضع الأمني بالمدينة التي استفحلت بها الجريمة والفوضى إلى درجة باتت تسمية "الدار الكحلا" التي تقال عنها من باب التفكه بين البيضاويين تنطبق عليها بشكل كبير. كما لو ثمة "رادار" يشعره أن ثمة شيء ما يختبئ خلف بعض المشاريع المتعثرة وأرقام السرقة المؤرقة وأكثر الملقات التهابا في العاصمة الإقتصادية، ولذلك يصر على المكوث بها أكبر وقت ممكن لاختبار شعارات "التنمية" و"الحكامة الجيدة" في الميدان، حتى وإن طاردته رسائل طالبي "الكريمات" إلى قلب المسجد مثلما حدث آخر مرة في مسجد الحسن الثاني. باختصار، الملك يحرج المسؤوليين الأمنيين وفي مقدمتهم وزير الداخلية امحند العنصر، ووزيره المنتدب في الداخلية الشرقي اضريس وبوشعب أرميل المدير العام للأمن الوطني، وقدرهم أن ينقدوا عاجلا "الدار لكحلا" من كارثة الاأمن التي تطارد ساكنتها، على اعتبار أن تحقيق الأمن واسثتبابه الأرضية الصلبة لأي تنمية اقتصادية.