من يكون خالد الودغيري الذي صدر في حقه حكم ابتدائي يقضي بحبسه النافذ 20 سنة، قبل أن تخفض المدة استئنافيا إلى 15 سنة في يوليوز 2010 وأداء 35 مليون درهم تضامنا مع شخص آخر في نفس القضية، فإذا بالعفو يشمله في فبراير 2012؟ ما الذي حدث في سنة ونصف فقط؟"فبراير.كوم" تعود إلى أصل الحكاية، وإلى ما جاء في كتاب "الملك المفترس". البعض توقف لحظة، ربما لحظات ليستعيد ما جرى. لقد مر الخبر سريعا وسط زحمة الأحداث التي تغلي في المملكة، وانشغال البعض بالحكومة الملتحية وبالقفشات المثيرة لرئيسها وبالمبادرات الرمزية لبعض الوزراء.
لم يسبق أن نزل قرارعفو بهذا الشكل.
كل شيء بدأ حينما اتهم عبد الكريم بوفتاس ابن عم الوزير السابق في الإسكان "مسؤولا بالبنك المغربي التجاري بالضغط عليه من أجل دفع رشوى" قدرها صاحبها بالملايير. هنا بدأت القضية، وهنا بدأت الأسئلة الساخنة تتوالى، ولذلك كان على راديو الشارع أن يعود إلى الأسباب التي عجلت باستبعاد خالد الودغيري من رئاسة البنك التجاري المغربي الذي سهر على ولادته.
قبل أن تصل القضية إلى المحكمة، كان ابن فاس الذي رأى النور سنة 1957 قد غادر البلاد، وبدأ حياة جديدة في إحدى المؤسسات البنكية الرائدة في العربية السعودية، قبل أن ينتقل للاستقرار في فرنسا، وقد تزامن وجوده بالديار الباريسية مع بداية تشكل رغبة لم تعلن عن نفسها إلا في الشهر الماضي، ولم يكن صاحبا تلك الرغبة غير الصحافيان "إيريك لوران" و"كاترين غراسيي" اللذين كانا يعدان لمشروع كتاب جديد حول ملك البلاد، وهو الكتاب الذي كشف فيه خالد الودغيري عن بعض من أسرار إقالته من المؤسسة البنكية التي كان يسيرها، وما جاء بعدها، في نفس الفترة التي كان يستعد فيها نشر مذكراته للكشف عن روايته في ما جرى.
يجب أن تعلموا أن خالد الودغيري أحد المغاربة الحاصلين على الجنسية الفرنسية، وهذه المعلومة مهمة في مسار البحث عن الإجابة عن الأسئلة العالقة في قضية خالد الودغيري، والكلام هنا ليس لموقع "فبراير.كوم" ولكن لصاحبا الكتاب الجديد.
قبل ست سنوات، وكان ما يزال حينها خالد الودغيري مديرا للبنك التجاري المغربي، كان الدرع المالي للهولدينغ الملكي "أونا" يحقق أرباحا طائلة، ففي سنة 2005 حقق البنك ربحا صافيا قدر بمليار درهم، وفي السنة الموالية حقق ربحا قدر بملياري درهم، فما الذي يفسر قرارا يقضي بإبعاده من المؤسسة التي طورها؟
لماذا تقرر استبعاد الودغيري من رئاسة البنك الذي كان يحقق أرباحا صافية تقدر بالملايير؟ تقول القاعدة الرياضية أن الفريق الذي يحقق الانتصارات لا يجب تغييره، فلماذا تكسرت هذه القاعدة في حالة الشاب خالد؟.
إذا صدقنا رواية خالد الودغيري التي جاءت في كتاب "الملك المستحوذ" فإن ابن فاس بدأ نجمه يصعد في سماء المملكة، والأرباح التي كانت تحققها المؤسسة البنكية التي أصر على خلقها زادت من شهرة الودغيري، وبالضبط في عالم الأبناك، لكن خالد الودغيري لم يكن حينها يخفي قلقه من المواجهات الخفية التي كانت تحدث بين الفينة والأخرى بين بعض رجال الأعمال الفرنسيين وبعض المقربين من المربع الذهبي، ولذلك بدأ يظهر خالد الودغيري وكأنه صوت رجال الأعمال الفرنسيين، ولا يهمه إن أعلن تضامنه معهم، ولذلك أصبح خالد الأساس الذي بنيت عليه "مؤامرة رجال الأعمال الفرنسيين" ...
يقول كل من "إيريك لوران" و"كاترين غراسيي" أن اتصالا جرى مع خالد الودغيري يخبره أن إجراءات ستجري على هيكلة البنك المغربي التجاري، ومنها أساسا إحداث مجلس مراقبة إلى جانب المجلس الإداري، ولأن المجلس الأول مجلس بدون مسؤوليات قوية بالمقارنة مع التي يتوفر عليها المجلس الثاني، وبما أن القرار يقضي بتعيين خالد الودغيري في رئاسة المجلس الأول، فقد فُهمت الرسالة، فقدم الودغيري استقالته:"لست مغفلا، لكنني أجبتهم:حسنا.. سأعلن عن الخبر بنفسي في أشغال المجلس، وفي اليوم الموالي، عندما قدمت خلاصة الاندماج الناجح، وبرنامج التنمية على الصعيد الدولي ... في نهاية العرض أخبرتهم أنني قررت العودة إلى الوراء".
لم تتوقف الحكاية عند هذا الحد، بل تطورت كثيرا وأدت إلى الغضب، وذلك حينما اقترح خالد الودغيري في شتنبر 2006 دراسة ترسم الطريق لكيفية فك ارتباط مساهمة العائلة الملكية في الاقتصاد الوطني، فكان الرد عاصفا:"خذ هذه الوثيقة، لا أريد أن أحتفظ بها"