يبدو أن السباق المحموم للحصول على أكبر قدر من الأسلحة بين المغرب والجزائر مازال أمامه مستقبل «كبير» رغم أنه قد بلغ درجة عالية جعلت البلدين يستحوذان لوحدهما على 64 من مقتنيات السلاح في القارة الإفريقية ما بين 2008 و2012. ولعل الدافع الأهم لاستمرار هذا السباق يتجلى في التطورات السياسية والأمنية التي شهدتها وتشهدها منطقتا شمال إفريقيا والساحل. وكشف التقرير الأخير لمعهد استكهولم لأبحاث السلام، حول التسلح في العالم، الذي صدر أمس بالعاصمة السويدية، أن البلدين رفعا بشكل مهول من مقتنياتهما من السلاح في الفترة الممتدة مابين 2008 و2012 مقارنة مع ما كانا يشتريانه في ما بين 2003 و2007. وقد تضاعف حجم مشتريات الجزائر ب277 مرة ! بينما ارتفعت مقتنيات المغرب من السلاح ب1460 في المائة !. ورغم هذا الارتفاع الكبير من المشتريات المغربية إلا أن المغرب لم يصرف سوى ثلث ما خصصته الجارة الشرقية للسلاح. فحسب الإحصاءات التي أوردها معهد استكهولم، أنفقت الرباط 2.8 مليار دولار على التسلح ما بين 2002 و2012، ولكن جل هذا المبلغ الكبير تم صرفه في الأربع سنوات الأخيرة. أما الجزائر فصرفت نحو 9 ملايير دولار في الفترة ذاتها. ويعزو عبد الرحمان مكاوي، الخبير الاستراتيجي، هذا التفوق الكمي للجزائر في شراء الأسلحة إلى هيمنة مؤسستها العسكرية وإلى الموارد النفطية والغازية الضخمة للبلاد، خصوصا في السنوات الأخيرة. إذ بلغت في السنة الماضية 250 مليار دولار. وأضاف الخبير المغربي في تصريح ل»أخبار اليوم» أن هذه الموارد الضخمة جعلت الجزائر تحاول دائما جر المغرب إلى سباق كمي على التسلح، ولكن الرباط انتبهت إلى هذا الأمر، يضيف مكاوي، وتحاول دوما الرد على التفوق الكمي للجزائر بالحرص على الحصول على أسلحة نوعية وتمتيع الجيش المغربي بتكوين جيد. وبفضل هذا التسابق الذي تسارع في الخمس سنوات الأخيرة، فإن البلدين يحتلان مراتب جد متقدمة على قائمة أكبر مقتني الأسلحة في العالم ودخل «نادي ال20» للبلدان الأكثر إنفاقا على التسلح. إذ انتقل المغرب، حسب وثيقة معهد استكهولم، من المرتبة 69 في فترة 2003-2007 إلى الرتبة 12، أما الجزائر فوصلت إلى المرتبة 6 بفضل مشترياتها من السلاح ما بين 2008 و2012. ولا يتقدم عليها سوى بلدان ضخمة مثل الهند والصين. بل إنها تحتل الرتبة الأولى، حسب التقرير ذاته، عربيا متقدمة على بلدان معروفة تلقيديا بسخاء في شراء الأسلحة مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية مثلا. ويرى عبد الرحمان مكاوي، أن هذا التسابق الكبير بين البلدين الجارين، اللذين يتنافسان بقوة على زعامة منطقة المغرب العربي سياسيا وعسكريا، تميز كذلك بتحول نوعي في الأسواق التي كان يتوجهان إليها. فقد أخذ المغرب يتجه إلى السوقين الروسية والصينية في السنوات الأخيرة، وقد تم الكشف في نهاية الأسبوع الماضي مثلا أن الجيش المغربي يعتزم اقتناء نظام الدفاع الجوي الروسي المتطور «panrsir s1/sa»، المخصص لحماية أنظمة الدفاع الجوي بعيدة المدى والأهداف الاستراتيجية. ولكن مع ذلك، مازالت السوق الغربية هي المورد الأساس للمغرب، خصوصا الولاياتالمتحدة وفرنسا، ف10 في المائة من مبيعات هذه الأخيرة في الفترة ما بين 2008 و2012 ذهبت إلى الجيش المغربي. من جهتها، تحاول الجزائر التوجه إلى السوق الغربية لتنويع أسلحتها، وإن كانت مازالت تعتمد بشكل كبير على السلاحين الروسي والصيني. إذ استحوذت على 14 في المائة من مبيعات موسكو من السلاح ما بين 2008 و2012. من جهة ثانية، أخذ البلدان يهتمان بشكل كبير بالمجال الجوي، انطلاقا من عقيدة أن «من يملك الجوي يملك الأرض». ولكن الخبير المغربي مكاوي يرى أن الرباط حققت تفوقا نوعيا في هذا المجال مؤخرا بعد عقده صفقة مع أمريكا للحصول على 24 طائرة من طراز «F16» المتطورة والتي لها قدرات هجومية أفضل من طائرات الميغ 29 التي تعتمد عليها الجزائر.