اليوم سيختبر الدكتور سعد الدين العثماني، وزير الخارجية والتعاون، صحة الوعود التي سمعها في بيت الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يناير الماضي . في مانهاست سيظهر على سلوك المفاوض الصحراوي ما إذا كانت الجزائر تريد أن تتجه بالمنطقة المغاربية نحو انفراج جديد، أم إن ساكن قصر المرادية، ووراءه الجنرالات الكبار في الدولة، لا يريدون مراجعة سياساتهم الإقليمية تجاه المغرب، حتى وإن كان الربيع العربي قد غير تضاريس كثيرة في كل البيوت المغاربية. سألت ألان جوبي، وزير الخارجية الفرنسي أثناء لقاء على هامش زيارته الأخيرة للمغرب، حول توقعاته بخصوص الجولة الجديدة من المفاوضات غير الرسمية بين المغرب وجبهة البوليساريو في نيويورك، فأجاب: «نحن لا ننتظر شيئا من هذه المفاوضات، وهذا النزاع معقد، وربما لم يحن بعد موعد تسويته. المهم في هذه المرحلة أن تترك الجزائر ملف الصحراء في الأممالمتحدة، وتفتح صفحة جديدة مع جارها المغرب... لا تطلبوا مني أكثر. أنتم تعرفون حساسية الجزائريين، خاصة وأنهم يحتفلون هذه السنة بالذكرى ال53 لاستقلالهم». لا نعرف سياسة ولا أفكارا ولا توجها للحزب «الحاكم» الجديد، أي العدالة والتنمية، تجاه نزاع الصحراء غير النهج الرسمي للدبلوماسية المغربية... وهذا معناه أن «الاستمرارية» هي التي تحكم تدبير هذا الملف وليس القطيعة، والواقع أن الحزب، وإن كان متفقا على أن مشروع الحكم الذاتي للصحراء حل سياسي واقعي لهذا النزاع، فإن عبد الإله بنكيران مطالب بتوظيف صورة حكومته وثقلها السياسي، باعتبارها حكومة منبثقة عن انتخابات هي الوحيدة التي توفرت فيها النزاهة إلى حد ما، لخدمة ملف الصحراء... كيف ذلك؟ على بنكيران أن يتجه إلى الصحراء ويخاطب شبابها وشيوخها ونساءها بلغة جديدة، وأن يضع برنامجا عمليا وملموسا لتنزيل أكبر جزء من مشروع الحكم الذاتي على الأرض الآن وهنا، وأن يقول للصحراويين: «إننا كنا حركة معارضة، كما كانت حركة البوليساريو، قبل أن تصطادها الجزائر وليبيا القذافي، وتحولها إلى أداة تخدم مخططاتها ضد عرش الحسن الثاني، وإننا اليوم في الحكومة لأن مغربا آخر ولد من رحم التحولات العميقة التي مست العالم والمنطقة وبلادنا»... كلما تقدمت حكومة بنكيران في إصلاح جهاز الدولة ومقاومة الفساد، وقطع جذور الاستبداد، وفتح بنية السلطة على جيل جديد من الإصلاحات، وإعادة النظر في طرق توزيع الثروة وتقاسم الأعباء، كلما اقتربت البلاد من ربح رهان الوحدة الترابية... لقد لاحظنا أن «محركات» الانفصال في الداخل والخارج خف نشاطها إلى حدوده الدنيا طيلة السنة الماضية، لأن أزهار الربيع العربي، التي تفتحت في كل البلدان العربية والمغاربية، على وجه التحديد، لم تترك لأحد فرصة للكلام. هذا معناه أن آمال وأحلام سكان المغرب العربي واحدة: الديمقراطية، الحرية، الكرامة، التنمية... وليس تأسيس المزيد من جمهوريات الخوف العربي، وتفتيت الدول القائمة. أوراق ملف الصحراء ليست كلها في يدنا، لكن في مقدورنا أن نجعل من هذا النزاع بؤرة توتر صغيرة لا يهتم بها العالم، وإذا اهتم بها فإنه سيقول إنها مشكلة مغربية-جزائرية... كيف؟ هذا هو السؤال الذي يجب على الحكومة الاجتهاد للجواب عليه.