ما إن يذكر اسم المغرب لدى أهالي أسوان، حتى تعود بهم الذاكرة بشكل سريع إلى حوالي سبع سنوات من الآن ليعيدوا بابتسامة تفاصيل رحلة أميرة من أميرات المغرب، وهي زوجة الملك محمد السادس إلى مدينتهم لاكتشاف سحر الصعيد المصري. «المغرب... محمد الخامس... الأميرة سلمى، زوجة الملك محمد السادس»، هكذا يرد الأسوانيون على كل سائح يكشف جنسيته المغربية، ثم سرعان ما يكشفون تفاصيل زيارة الأميرة لالة سلمى للمدينة، حيث قضت يومان كاملان، تتجول بين جزرها ومعابدها التاريخية. فقبل حوالي سبع سنوات، يقول عبد الناصر صابر أحمد، رئيس فرع النقابة العامة للمرشدين السياحيين بأسوان، حلت الأميرة لالة سلمى بإحدى مدن الصعيد المصري السياحية، وهي مدينة أسوان، لاكتشاف سحر الحضارة الفرعونية التي أبدت الأميرة إعجابا منقطع النظير بها. كان عبد الناصر صابر، المكلف بمرافقة الأميرة في هذه الزيارة... يحكي لها أصول أهل النوبة وحكاية السد العالي، وجزيرة النباتات وأسرار تماثيل معبد الكرنك... لم تكن الأميرة لوحدها في الزيارة، بل كانت رفقة وفد عائلي كبير، حيث لأول مرة، يسمع أن الأميرة سافرت مع أفراد عائلتها من بنات خالاتها، حيث رافقها في تلك الزيارة التي دامت يومان 12 شخصا، بينهم خالاتها وبناتهن، وبعض مقربيها من العائلة. وبينما ظلت تتحرك هي في سيارة فاخرة رفقة إحدى بنات خالتها، كان الآخرون يتحركون ب»باص» خاص محروس بدوره. «بدت أميرة متواضعة للغاية... تتحرك بخفة وتسعى لأن تكتشف المزيد والمزيد»، هكذا يعلق مرافق الأميرة في زيارة أسوان عبد الناصر صابر أحمد. ويضيف، في حديث معنا، «لكن الحمد الله بدت سعيدة جدا وهي في ضيافة أهالي الصعيد». لم تكن الأميرة لالة سلمى أنجبت وقتها طفلتها الصغيرة «لالة خديجة»، وكان للأسرة الملكية وقتها طفل واحد هو ولي العهد مولاي الحسن. لم تصطحبه لالة سلمى معها في رحلتها العائلية، لكن قلبها ظل معلقا مع صغيرها، حيث ظلت تتصل في كل دقيقة بالملك محمد السادس للاطمئنان عليه، يقول عبد الناصر صابر. ويضيف باسما «قلب الأم دائما مع صغارها، والأميرة ظلت تحمل هاتفها معها، وتتصل في كل حين بالملك لتطمئن على أحوال ولي العهد». وبأمر من الملك، أقامت لالة سلمى في فندق «أولد كاتاراكت» بأسوان، ويقع فندق Sofitel Legend Old Cataract في الصحراء النوبية، على ضفاف النيل ومقابل جزيرة الفنتين، ويقدم غرفاً وأجنحة أنيقة. ويضم مسابح داخلية وخارجية. كما يتميز هذا المبنى الفيكتوري بواجهة غرانيت وردية، ويضم غرفا حديثة مع حمامات خاصة. كانت الأميرة تفضل فنادق أخرى، لكن «الملك أصر على أن تقيم في هذا الفندق الذي يقصده عادة رؤساء دول والشخصيات الكبيرة»، يقول مرافق الأميرة. وخلال الرحلة، زارت لالة سلمى السد العالي، وهو سد مائي على نهر النيل في جنوب مصر، أنشئ في عهد جمال عبد الناصر، وساعد السوفييت في بناءه، وقد ساعد كثيرا في التحكم في تدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل، كما يستخدم لتوليد الكهرباء في مصر. وزارت الأميرة جزيرة فيلة الأسطورة التاريخية في حضن النيل. وتعد هذه الجزيرة بوتقة لانصهار الديانات القديمة بامتياز، فقد شيدها المصريون القدماء في بدايات القرن الرابع قبل الميلاد، وأضاف لبنائها البطالمة والرومان، وامتدت هذه الإضافة حتى القرن الثالث الميلادي، على يد المسيحيين الأوائل. تعود تسميتها «فيلة» أو «فيلاي» إلى اللغة اليونانية التي تعني «الحبيبة» أو»الحبيبات». الزيارة كانت مناسبة أيضا لتقوم زوجة الملك بجولات نيلية في أسوان رفقة أفراد عائلتها. وعلى الرغم من أنها حظيت بحراسة أمنية مشددة، من قبل فرق رافقتها من المغرب وأخرى بمصر، إلا أن الأميرة كانت تفضل بين الفينة والأخرى أن تتمتع بجولات خاصة مشيا على الأقدام، وبدون حرس ولا بروتوكول. وعندما عرجت على بعض الفيلات الفخمة، يقول عبد الناصر صابر، «أخبرتها أن إحداها للفنان محمد منير، فردت «يعجبني كثيرا هذا الفنان». حار مرافقو الأميرة لالة سلمى في بساطتها وتعاملها اللطيف، وظلوا يلقبونها ب»الملكة»، لكنها تدخلت لتصلح المعلومة، حيث قالت لنا، يقول رئيس النقابة الفرعية للمرشدين السياحيين بأسوان: «أنا أميرة ولست ملكة، فالمغرب ليس فيه ملكة مطلقا». ويضيف «تحدثنا أيضا عن جمال الطبيعة في المغرب، وعن مشاكله ووحدة المغرب العربي». وإلى جانب أسوان، كان للأميرة جولات أخرى في الأقصر والقاهرة، وهناك أعجبت بالأكل في مطعم «أبو السيد»، وظلت دائما تقول بأنه من أحسن المطاعم التي زارتها. بقي عبد الناصر صابر يرافق لالة سلمى إلى أن اكتشفت كل معالمها، وفي النهاية «شكرته كثيرا، وقالت له: «أنت لست فقط مرشدا سياحيا بل سفيرا مصريا».