إذا قرأت كل ما يكتب على السيد إلياس العمري، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، ستتخيل بأن الرجل هو سبب كل المصائب التي تضرب المغرب منذ أن حصل على استقلاله. فإلياس العمري هو من يسقط الحكومات، وهو من يعين الأمناء العامين للأحزاب، وهو من يبدل الدساتير، وهو من يعين الولاة والعمال، وهو من قتل شكري بلعيد، وهو من أتى بعبد الإله بنكيران وشباط ولشكر، وهو من أخرج عشرين فبراير إلى الشارع، وهو من يمول جبهة الإنقاذ في مصر، وهو من يدخل الأسلحة لقطاع غزة، وهو الذي يفجر السيارات في شوارع بغداد، وهو من أوصل عجز ميزانية في المغرب إلى 7%, وهو من وقف في وجه معدل النمو سنة 2012 فلم يتجاوز 2,5%. هكذا يحول البعض أن يصوروا لنا إلياس العمري، والمشكل أنه كل من يفتح فمه بالاتهامات لا يجرؤ على اللجوء إلى القضاء للاقتصاص من إلياس. فلا رئيس الحكومة فتح تحقيق قضائي حول ما يسميه تزوير انتخابات 2009 الجماعية، ولا بوانو طلب فتح تحقيق قضائي حول التعليمات التي يصدرها إلياس للولاة والعمال، ولا أفتاتي لجأ إلى القضاء ليتهم إلياس بإقامة مخيم كديم ايزيك، ولا الزايدي رفع قضية قضائية ضده لأنه زور انتخابات المؤتمر الاتحادي الأخير. لا شيء يسود اليوم فوق الشائعات، ولا أحد قادر على اثبات أي شيء أو تقديم أدنى دليل يورط إلياس العمري في أي شيء. فلماذا كل هذا الحقد على الرجل إذاً ؟! والغريب في الأمر أنه لا أحد يجرؤ على الرد على ما يطرحه إلياس العمري في خرجاته الاعلامية، فلم نسمع بعد ما يقوله السيد بنكيران حول قضية جامع المعتصم ومقولة بنكيران الشهيرة « ستر ما ستر الله » في الاجتماع الذي جمعه بإلياس العمري. ولم نسمع رد رئيس الحكومة بخصوص ما أثاره السيد العمري حول وجود آلية ثالثة غيرت مضامين الدستور الذي أعدته لجنة المنوني، ولم نسمع أي تعليق حول علاقة حزب العدالة والتنمية بمخيم كديم ايزيك، ولم نفهم بعد سكوت الحزب الحاكم عن التهم الموجهة للسيد حامي الدين عضو الأمانة العامة للبيجيدي بقتل طالب قاعدي بفاس، ولم نفهم بعد الوضع الغير قانوني للسيد جامع المعتصم، وما زلنا ننتظر فتح تحقيق قضائي من طرف السيد الرميد في اتهامات رئيس الحكومة لإلياس العمري وحزبه بتزوير انتخابات 2009 الجماعية. وشخصياً، لم أفهم بعد مقدمة الملف الذي أنجزه الصحفي سليمان الريسوني لجريدة المساء والذي أعطى فيه تفاصيل ما دار بين إلياس العمري ومحمد عامر في مكالمة هاتفية صبيحة مؤتمر الاتحاد الاشتراكي. وأنا هنا لا أناقش حرية الصحافة التي نعتبرها مقدسة، بل المهنية في الأداء التي تجبر الصحفي على إعطاء المعلومة الصحيحة بكل حيثياتها. صراحةً، لم أفهم بعد كيف لصحفي أن يعرف تفاصيل ما دار في مكالمة هاتفية بين شخصين إلى إذا قام أحد الشخصين المعنيين بسرد ما دار في المكالمة. وهنا كان على الصحفي الريسوني أن يوضح للرأي العام مصدر معلوماته، فإما أن السيد محمد عامر قام بسرد ما جرى و يجب عليه أن يدلي بتصريح واضح ومفصل، وإما أن الصحفي هو فعلاً بوليسي يتصنت على المكالمات الهاتفية ليعرف محتواها. لا نحب أن نرى السياسيين في بلادنا يتابعون الصحافيين قضائياً، لكن لا نقبل كذلك أن يوزع الصحفيون التهم الخطيرة دون تحمل المسؤولية المهنية. وإذا توفرت الدلائل وجب اللجوء إلى القضاء من طرف الجهة الطاعنة في الانتخابات (مجموعة الزايدي)، والتي لم تفعل إلى حد الساعة، بل أنها لم تتهم شخصاً معيناً وألصقت التهمة في أجهزة معلومة. يجب أن يكف البعض عن تعليق فشلهم في عباءة إلياس العمري، لأننا اصبحنا اليوم نعيش عبثاً سياسياً لا معنى له ولا آفاق. ولا يمكن أن تصبح الديمقراطية لعبةً نحبها إذا حافظت لنا على مناصبنا و ريعنا، ونهجوها إذا جاءت بنتائج تخالف تطلعاتنا. وإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.