بالرغم من أن حكومة بنكيران لم تتصادم مع الصحافة خلال سنة مرت من عمرها، إلا أن متدخلين في ندوة حول «حرية الصحافة «، أجمعوا على أن التلفزيون لايزال «بعيدا عن آثار الربيع العربي»، ويوجد «تحت تأثير نزعة سلطوية» ضد أي تغيير يجعل الإعلام العمومي في خدمة الشعب بدل خدمة السلطة. عبدالعزيز النويضي، فاعل حقوقي، قال في الندوة التي نظمها المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن الإعلام العمومي «ظل محل صراع، لأنه إحدى أدوات الصراع»، وأضاف أن «مشكل الصحافة لم يكن قانونيا أبدا»، بل «كان دائما سياسيا»، حيث تعمل السلطات على «تصفية مشاكلها مع الصحافة عبر توظيف القضاء».
وانتقد النويضي الجمود الذي عرفه قطاع الصحافة خلال فترة حكومة عباس الفاسي، وقال إنها «كانت مرحلة بياض»، رغم ما جرى حينها من «حوار وطني حول الإعلام والمجتمع» قاده جمال الدين الناجي من داخل البرلمان.
في حين ذهب عبدالرحيم منار سليمي، أستاذ جامعي بكلية الحقوق أكدال، إلى أن التلفزيون المغربي «لايزال يعيش فترة الحرب الباردة»، و»لم تصله رياح الربيع العربي بعد»، وأضاف أن الإعلام العمومي «يعاني من نزوعات سلطوية» ترفض أن يصبح الإعلام حرا.
لكن مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، فضل التركيز في مداخلته على الأعمال التي قام بها خلال سنة مضت من عمر حكومة بنكيران، وركز في هذا السياق على «تخلف البيئة القانونية الصحفية»، وقال «إن الإطار القانوني للمهنة أصبح متجاوزا»، مشيرا إلى أن مدونة الصحافة التي ستخرج للعلن بعد أن تنتهي اللجنة المكلفة بإعدادها منها «ستكون خالية من العقوبات السالبة للحرية».
أما علي كريمي، أستاذ قانون الإعلام، فقد نبّه إلى أن إلغاء العقوبات السالبة للحرية في حق الصحفيين «لا يجب أن تستبدل بعقوبات قد يكون الهدف منها إقبار المقالة الصحفية»، مشيرا إلى أحكام قضائية كانت قد صدرت في حق مؤسسات صحافية، وقضت في حقهم بغرامات جد مرتفعة، رافعا شعار: «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق».
أما النويضي فقد رفض إلغاء العقوبات السالبة للحرية، لأن هناك أخطاء يقع فيها الصحافيون، وتكون عن سوء نيّة، تلحق ضررا بليغا بالأشخاص، وقد تؤدي إلى تدمير أسر، يستحق مرتكبها في نظر النويضي «عقوبات بالسجن، في إطار محاكمة عادلة».
هذا الجدل دفع الجميع إلى القول إن مهنة الصحافة بحاجة إلى «ضبط ذاتي»، وبينما أكد النويضي أن الصحافة في المغرب «فشلت في تنظيم ذاتها»، قال الخلفي إن إحدى أوراش وزارته هو «إخراج مجلس وطني للصحافة إلى حيّز الوجود»، وأكد أنه سيكون هيئة مستقلة عن الحكومة، و»سينتخب مؤسساته بشكل حر ومستقل».
هذا، وكان الإطار الاقتصادي لحرية الصحافة والإعلام أيضا محور الجدل في الندوة؛ عبدالعزيز النويضي قال إن تمويل الصحف «كان يتم بشكل انتقائي، ولا يساعد على دعم التعددية»، وأشار إلى أن هناك «صحفا تُوفر لها موارد ضخمة»، بينما كان يتم «استهداف مقاولات صحفية أخرى حتى لا تنهض».
وأكد الوزير الخلفي من جهته، أن أحد الأعطاب التي كانت تشكو منها الصحافة هي عدم تأهيل البعد الاقتصادي للمقاولة الصحفية الذي «كان غير واضح»، في إشارة إلى الاختلالات التي كان يعرفها الدعم المالي والإشهار والتوزيع، ولايزال.
وفي إشارة إلى دعم النشر، قال الخلفي إنه يستفيد من 10 إعفاءات جبائية، كما أن الإعلانات الإدارية توفر للصحف 50 مليون درهم، كما أكد أن مبالغ تلك الإعلانات يعد بمثابة «دعم غير مباشر للصحف». تنضاف إلى دعم مالي مباشر يوزّع بناء على شروط قال عنها إنها «موضوعية ومحايدة».