حذر منار اسليمي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، مما يعيشه الإعلام المغربي من صراع بين التأويل السلطوي والتأويل الديمقراطي للإعلام، مستدلا بالصراع الذي دار حول دفاتر التحملات لقنوات القطب العمومي. وأوضح اسليمي، في ندوة وطنية نظمها المركز المغربي لحقوق الإنسان حول «حرية الإعلام والصحافة بالمغرب، مساء أول أمس في الرباط، أن التلفزيون المغربي مازال يعيش مرحلة الحرب الباردة، فأحيانا يحس المرء بحضور الدولة وأحيانا يرى كأنها اجتماعات في الشارع. وأبرز أستاذ القانون الدستوري أن عدد البرامج السياسية لا يتجاوز برنامجين، وهناك برامج نصفها سياسي ونصفها شيء آخر، إذ لوحظ هذه السنة ابتعاد عن البرامج السياسية، وهو ما يفسره اسليمي بتداعيات الاحتجاجات في 20 فبراير التي جعلت التلفزيون يبتعد عن البرامج السياسية وكأنها هي التي كانت مسؤولة عن خروج الشارع. وتساءل اسليمي عن سبب غياب استطلاعات الرأي في المغرب، في الوقت الذي توجد دول عربية تشتغل بتقنيات استطلاع الرأي. وأضاف: «الذين يتخذون القرار لا أعرف على ماذا يعتمدون، ولو أنني أحس بأن هناك اعتمادا على المعلومة التي يقدمها المقدم أو الشيخ». من جهته، أكد مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أنه خلال هذه السنة تمت مرافقة كل الهيئات التي تعمل على تقديم طلبات الدعم في إطار التعددية حتى توفر المعايير التي تجعلها تستفيد من الدعم العمومي، «إلا أن التحدي لا يرتبط فقط بمنظومة الدعم التي هي موضوع مراجعة عميقة، ولكن أيضا النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحافية». وشدد على أنه يجب إعادة التفكير في موضوع حرية الصحافة حتى يبقى منحصرا في الشق القانوني، بل أن يشمل أيضا البعد المؤسساتي وكذلك البعد الاقتصادي، المرتبط بالطباعة والتوزيع والإشهار، إضافة إلى تطوير منظومة الدعم العمومي. وأوضح أن قطاع النشر بالمغرب يستفيد من أزيد من عشرة إعفاءات كلية أو جزئية، حيث يصل الدعم غير المباشر الخاص بالإعفاءات لورق الطباعة إلى أكثر من 50 مليون درهم، وسوق الإعلانات الإدارية ب50 مليون درهم. وفي سياق حديثه عن رقم معاملات قطاع الإعلام بالمغرب، أكد وزير الاتصال أن هذا الرقم يصل إلى 3 مليار ونصف من الدرهم، سواء تعلق الأمر بالإعلام السمعي البصري العمومي أو الصحافة المكتوبة. أما الموارد البشرية فلا تتجاوز 2200 صحفي، والقطاعات المرتبطة بهذا القطاع لازالت لم تطور علاقات قوية مستدامة، كشركات الإنتاج وسوق الطباعة والتوزيع، في الوقت الذي لا يتجاوز عدد مؤسسات التكوين 31 مؤسسة. إلى ذلك، سجل المحامي عبد العزيز النويضي أن المشكل في المغرب لم يكن يتعلق بقانون الصحافة لكنه مشكل سياسي تتم تصفيته عن طريق القضاء الذي لم يكن يتوفر على عناصر الاستقلال، خصوصا في القضايا ذات الصبغة السياسية أو عندما تريد الدولة التضييق على بعض المنابر. بدا النويضي مدافعا عن استمرار العقوبات السالبة للحرية في بعض الحالات التي يقع فيه التشهير والسب والقذف من لدن وسائل الإعلام. وتساءل: هل يمكن أن نلغي العقوبات السالبة للحريات كلية عندما يكون هناك تحريض على الكراهية والتمييز والجرائم والعنصرية وقذف بسوء نية؟ أو عندما يتعرض أحد لتشهير يمكن أن يدمر أسرته وسمعته ونفسية أطفاله من شخص صحفي سيء النية.