تم مساء امس بالرباط٬ تقديم أعضاء اللجنة العلمية الاستشارية المكلفة بدراسة مسودات مشاريع القوانين المتعلقة بمشروع مدونة الصحافة والنشر. وتتكون هذه اللجنة٬ التي يرأسها محمد العربي المساري٬ من محمد الإدريسي المشيشي العلمي٬ ويونس مجاهد٬ ونور الدين مفتاح٬ وأحمد الزايدي٬ وعبد الله البقالي٬ وخديجة مروازي٬ وغزلان الفاسي الفهري٬ وعبد الوهاب الرامي٬ وعلي كريمي٬ وعبد العزيز النويضي٬ وعبد العالي حامي الدين٬ ومحمد عبد النبوي ومحمد بلغوات. ويهدف تنصيب هذه اللجنة، حسب وكالة الأنباء المغربية، إلى صياغة مدونة موحدة وحديثة وعصرية للصحافة والنشر تجسد مكتسبات المغرب في مجال الحريات الصحفية وضوابط المسؤولية٬ وتمثل رافعة لتنزيل مقتضيات الدستور المتعلقة بحريات الإعلام والوصول إلى المعلومة٬ وعنصر إشعاع ديمقراطي٬ وأداة للمساهمة في تأهيل قطاع الإعلام لكسب التحديات المهنية والتعددية والتنافسية والمقروئية وأخلاقيات المهنة٬ والتنظيم الذاتي الديمقراطي والمستقل. ويندرج هذا اللقاء٬ الذي نظم في إطار التحضير لصياغة مدونة موحدة وعصرية للصحافة والنشر٬ وتحقيقا للمقاربة التشاركية التي تنهجها وزارة الاتصال٬ من أجل تعزيز ضمانات الحريات الصحفية٬ وإرساء شروط الاستقلالية والديمقراطية في التنظيم الذاتي للمهنة. وأكد مصطفى الخلفي٬ وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة٬ في كلمة بالمناسبة٬ أن مشروع إصلاح قطاع الإعلام والاتصال يستند على توجهات كبرى تتمثل٬ على الخصوص٬ في تعزيز ضمانات حرية الصحافة والحق في التعبير انسجاما مع الدستور المغربي ووفق الالتزامات الدولية للمغرب٬ وإلغاء العقوبات السالبة للحرية من قانون الصحافة ومن المتابعات بالصفة الصحفية وتعويضها بالمسؤولية الاجتماعية والتعويض المدني وبالذعائر المالية المناسبة٬ وإدماج الاجتهاد القضائي الدولي والوطني في قضايا الصحافة والنشر٬ وإصلاح منظومة التجريم والزجر في المجال الصحفي. كما يستند المشروع٬ يضيف الخلفي٬ على إرساء شروط ضمان الاستقلالية والديمقراطية والحكامة الجيدة في التنظيم الذاتي للمهنة من خلال "مجلس وطني للصحافة"٬ والارتقاء بالضمانات القانونية للممارسة الصحفية وللحق في الوصول إلى المعلومة وإرساء آليات ربط الحرية بالمسؤولية٬ وضبط الإطار القانوني بغاية الولوج إلى المهن الصحفية٬ وتحديد منظومة حقوق وواجبات المهنيين والصحافيين وتعزيز الحقوق الاجتماعية والمعنية في النظام الأساسي للصحافي المهني والناشر المهني. ويستند أيضا على التأطير القانوني للصحافة الإلكترونية٬ ووضع الإطار القانوني لمجالات استطلاعات الرأي والتوزيع والإشهار في الصحافة المكتوبة٬ وضع قواعد ومعايير واضحة ودقيقة لصيغ التقيد بنظام أخلاقيات المهنة كما هو متعارف عليه دوليا٬ وتحديد شروط شفافة وفعالة لضمان حكامة ومردودية الدعم العمومي للصحافة المكتوبة وجعل الدعم العمومي "دعما من أجل الاستثمار". واعتبر الوزير أن هذا الورش ينطلق في سياق تحديات مطروحة على المغرب تتمثل٬ أساسا٬ في أولوية تنزيل مقتضيات الدستور الجديد المتعلقة بقطاع الإعلام والصحافة وحرية التعبير٬ وفي أولوية صياغة مدونة موحدة وحديثة وعصرية للصحافة والنشر مدونة مؤطرة لقطاع الإعلام والصحافة. كما تتمثل هذه السياقات٬ يقول الخلفي٬ في تحدي تطوير التشريعات الوطنية ذات الأثر على الممارسة الصحفية٬ مستحضرا المجهود الذي بذل منذ سنوات على مستوى الاجتهاد القضائي لمسايرة التحولات التي يعرفها قطاع الإعلام والصحافة. وأبرز الوزير أن هناك تحديا آخر يهم ضرورة تعزيز مكتسبات المغرب في مجال الحريات الصحفية وضوابط المسؤولية٬ لتعزيز تصنيف المغرب في مختلف المؤشرات الدولية الخاصة بحرية الصحافة والتعبير. واعتبر أن هذا الإصلاح يستمد مرجعيته من الدستور أي الفصل 28 الأحكام المتعلقة بحرية الصحافة٬ الفصل 27 حق الحصول على المعلومات٬ ثم الفصل 165 حكامة القطاع السمعي البصري٬ والباب الثاني من الدستور ذات العلاقة بالحريات والحقوق الأساسية٬ والباب الثاني عشر المتعلق بالحكامة الجيدة وهيئاتها. كما يستمد مرجعيته من التوجيهات الملكية والتي توجه عمل الحكومة للعمل على انبثاق مؤسسات إعلامية مهنية وحرة ومسؤولة٬ وكذا البرنامج الحكومي٬ إضافة إلى الالتزامات الدولية التي وقع عليها المغرب في مجال الصحافة والنشر٬ ورصيد المبادرات المؤسساتية والمذكرات المتراكمة منذ 2003٬ ومنها توصيات الكتاب الأبيض للحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع٬ وكذا في التشريعات المعتمدة في القضايا ذات الصلة بقطاع الإعلام. من جهته٬ أبرز مصطفى الرميد٬ وزير العدل والحريات٬ أن تنصيب هذه اللجنة يعد فرصة للتأكيد على التطلع لأن تكون المرحلة الحالية مرحلة انتقال فعلي تعكس المستوى المتقدم للحقوق والحريات التي سطرها الدستور المغربي الجديد. وعبر الوزير عن الأمل في أن يتم إنتاج قانون جديد يستجيب لمقتضيات حريات الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومة٬ والتعامل مع الصحافة باعتبارها أحد دعائم الديمقراطية وذلك بإلغاء العقوبات السالبة للحرية والتوفر على بدائل ناجعة لها تحمي الحقوق٬ وأن يؤسس هذا القانون لقواعد مهنية ذات أبعاد أخلاقية. وبعدما أكد أن وزارة العدل والحريات ستواكب أشغال هذه اللجنة٬ أشار الرميد إلى أن المغرب أطلق ورشا إصلاحيا من خلال حوار وطني يضع٬ من بين اهتماماته الأساسية٬ تنظيم العلاقة بين القضاء والصحافة وبلورة قواعد تؤسس لاحترام حريات وحقوق الأفراد. من جانبه٬ أكد محمد العربي المساري رئيس اللجنة٬ أن المشاريع التي ستنكب عليها اللجنة سيتم تهييئها بأسلوب تشاركي. واعتبر أن الهدف هو النهاية إخراج قانون للصحافة "غير مبني للمجهول"٬ ومدونة تتضمن "ما يلقن لطلابنا في الكليات ومعهد الصحافة من مبادئ"٬ مشيرا إلى أنه سيتم العمل على أن "نتثبت من أن النصوص المقترحة تمثل اللقاءات التي جمعت بين المهنيين والحقوقيين في هذا المجال". وأبرز السيد المساري أن الاختلاف في الآراء الذي قد يظهر بين أعضاء اللجنة لن يؤثر على سير أشغالها لأنهم "مجبولون على إعمال المنطق السليم والتوافق مع ما هو معلوم منه بالضرورة". وقد تم٬ بهذه المناسبة٬ توقيع اتفاقيتين اثنتين٬ الأولى تهم تقوية قدرات الصحفيين ودعم التكوين المستمر٬ بين وزارة الاتصال والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية المغربية لناشري الصحف٬ والثانية تتعلق بدعم الأعمال الاجتماعية لفائدة العاملين بقطاع الصحافة المكتوبة بين الوزارة وجمعية الأعمال الاجتماعية لفائدة العاملين بقطاع الصحافة المكتوبة. *تعليق الصورة: محمد العربي المساري رئيس اللجنة العلمية الاستشارية المكلفة بدراسة مسودات مشاريع القوانين المتعلقة بمشروع مدونة الصحافة والنشر.