مع المحاولات الدائبة لأعداء الثورة المصرية وفلول النظام السابق و الأيدي الخارجية المتحالفة مع القوي المعادية لمصر وشعبها فى الداخل من أجل تصعيد المواجهات بين أبناء الشعب الواحد وتحويل الخلافات السياسية بين المصريين إلي صراعات دموية ، فإن مصر تمر بواحدة من أعقد وأصعب مراحلها التاريخية ، وإذا كان المخطط الهدام يقوم علي دعم استمرار الشقاق والخلاف بين المصريين وترسيخ عدم الأستقرار في الشارع ، وتفريغ مؤسسات الدولة من مهامها ومسئوليتها ، ومن ثم الدخول فى مرحلة الفوضي من هنا فإن طريق مصر إلي الأستقرار أمامه عقبتان كبيرتان ، إذا نجح الشعب المصري فى تخطيهما فإنه بذلك يدخل فى بداية مرحلة الأستقرار والبناء . أما العقبة الأولي فهي نجاح الشعب فى القيام بعملية التصويت علي الدستور المقررة فى الخامس عشر من ديسمبر الجاري علي أن يقول رأيه بحرية وأن يكون صندوق الأقتراع هو الوسيلة الأساسية لأنهاء الخلاف القائم ، وأن يكون رضانا بالديمقراطية حكما هو الطريق وليس الأحتكام إلي صراع الشوارع وأن يسعي كل طرف ليحشد في هذا الميدان أو ذاك مؤكدا فى كل حشد أن الشعب معه ، وقد بدأت مؤسسات الدولة المعنية بالمسئولية عن الأستفتاء تتجاوب لاسيما القضائية علاوة علي الوزرات المعنية وعلي رأسها وزارة الداخلية ، كما بدأت قناعة الشعب بالمشاركة تترسخ بعد محاولات التشويش التى استمرت طوال الأسبوعين الماضيين ، وبعد تراجع الرئيس مرسي عن الأعلان الدستوري المثير للجدل لم يعد أمام المعارضين سوي اختلاق الأكاذيب والأسباب التى تدفعهم إلي الأستمرار فى المعارضة لمجرد المعارضة ، فإذا نجح الشعب فى تخطي العقبة الأولي بالتصويت علي الدستور فإن ذلك يمثل الهزيمة الأولي لأعداء الثورة ودعاة الفوضي فى مصر ، ولا يعني التصويت بنعم أو لا أن يكف هؤلاء عن مخططاتهم لكنهم علي الأقل سيكونون قد هزموا من الشعب فى المعركة الأولي . أما العقبة الثانية فهي الأنتخابات التشريعية التى من المقرر أن يدعو لها الرئيس خلال ستين يوما من التصويت علي الدستور وهي المعركة الأساسية التى ستحاول القوي السياسية من خلالها الحصول لكل منها علي أكبر عدد من المقاعد فى البرلمان ، لأن الفراغ التشريعي القائم فى مصر الآن يلعب دورا كبير في عدم الأستقرار ، وكل المعطيات تؤكد أن هدم مجلس الشعب الأخير الذي كان أول خيار شعبي حر منذ ستين عاما كان مقصودا ، وكما جرت محاولات كثيرة لعرقلة ومنع التصويت علي الدستور فإن نفس القوي التى حاولت ذلك ستحاول عرقلة إجراء انتخابات مجلس الشعب ، لأنه فى حالة وجود مجلس تشريعي منتخب تكون سلطات الدولة الثلاث قد اكتملت مما يعني أن المسئولية أصبحت واضحة علي كل طرف وأن المرحلة التالية هي مرحلة الأستقرار وإعادة بناء الأنسان المصري من جديد ، لأن الأنسان المصري هو الذي سيعيد بناء مصر ، وقد أظهرت أيام الثورة وما بعدها كفاءة الشعب وقدرته علي أن يحول مصر إلي واحدة من أعظم دول العالم ، لاسيما وأنها تملك جميع الأمكانات لتحقيق ذلك وعلي رأسها الأنسان المصري المبدع ، فهل ينجح الشعب المصري فى تفويت الفرصة علي أعدائه وأن ينجح فى تخطي العقبة الأولي يوم السبت القادم ؟