توقع الكاتب علاء الدين الأسواني أن يتراجع الرئيس المصري محمد مرسي عن الاعلان الدستوري الذي يمنحه صلاحيات واسعة بما فيها تلك التي تجعل قراراته غير قابل الطعن فيها، وهذا تماما ما وقع اليوم. استقبلني بالابتسامة في عيادته بالبذلة الزرقاء. تطوقه المرمدة وأقداح القهوة، كما يسميها، وتخاله تائها بين المشرط والقلم ولوحة المفاتيح في حاسوبه المتواضع، لكنه بارع في ترتيب يوميات كاتب وروائي يسبح بنفس عميق في المسافات الطويلة. شعرت بالفرق من أولى شهيق وزفير في عيادته بحي «كاردن سيتي»، بين أن استنشق مكرهة القنابل المسيلة للدموع في ميدان التحرير، وبين أن أملأ رئتي بأوكسجين تحليل رصين يحاول أن لا ينحاز لا إلى هذه الجهة ولا إلى تلك. عن الوضع الحارق في مصر، وعن المغرب وعن الإسلام السياسي وطقوسه العجيبة في الكتابة تحدثنا مع كاتب ترجمت أعماله إلى 32 لغة ويتابع تغريداته اليومية على حسابه ب"التويتر" ما يربو عن نصف المليون معجب ومعجبة. عن الاعلان الدستوري وعن ما يصفه ب"ديكتاتورية الرئيس" وعن تواطؤ الاخوان المسلمين وفلول النظام وصراع السلطة بين الثوريين من جهة والاخوان المسلمين والنظام القديم، يضع الأستاذ الاسواني الحالة المصرية على مشرحة الطبيب، من وجهة نظره طبعا. (الجزء الأول) مصر تغلي على صفيح ساخن، وأنت واحد من المحللين للوضع السياسي الذين ينصت إليهم بإمعان. كيف تقرؤون الوضع؟ الرئيس مرسي قرر أن يكون ديكتاتورا، وهو ما لا يٌسمح به في مصر بعد الثورة. وهو يريد أن يقنعنا نحن المصريين بأنه سيكون ديكتاتورا مؤقتا، وهو أمر يدعو للسخرية، لأنه لم يوجد قط على مر التاريخ ديكتاتور مؤقت، وكل الديكتاتوريات بدأت في التاريخ وهي تزعم أنها ستكون مؤقتة لكنها استمرت إلى الأبد. إن الرئيس مرسي يريد أن يقنعنا بأنه مضطر لاستخدام الديكتاتورية مرحليا، بهدف محاربة النظام القديم، وهو في الحقيقة لا يحارب ولم يحارب النظام القديم، وإنما تواطأ مع النظام القديم ضد الثورة المصرية، وكان يستطيع أن يحارب النظام القديم بإجراءات أقل تكلفة بكثير من الإعلان الدستوري.» الرئيس مرسي اختار وزيرا للداخلية هو أحمد جمال الدين، وهو المسؤول عن مذبحة محمد محمود التي راح ضحيتها 70 شابا مصريا في القاهرة، وعوض أن يحاكم الرئيس مرسي أحمد جمال الدين، اختاره ليكون وزيرا للداخلية. أبقى مرسي على مباحث أمن الدولة «السلخانة» التي تم تعذيب مئات الآلاف من المصريين فيها، كما تم الإبقاء على نفس الضباط «القتلة»، كما هم.. أبقى أيضا على أجهزة الأمن كما هي، شريطة أن يتحول ولاءها من المجلس العسكري وحسني مبارك إلى محمد مرسي والإخوان، وعندما اكتشف أنهم يدبرون مؤمراة ضده، وهذه حقيقة، فهم فعلا يدبرون مؤامرة ضده، اضطر إلى الإعلان الدستوري حتى يضربهم ضربة استباقية، وبالتالي نحن أمام صراع على السلطة بين طرفين: النظام القديم والإخوان المسلمون، ولا يعبأ أي طرف منهما بالثورة المصرية، وقد تواطأ الاثنان ضد الثورة المصرية، وبالتالي لن يسمح للرئيس مرسي أن يمرر هذا الإعلان الدستوري تحت أي ظرف من الظروف.