أربع سنوات مرت على "الرسالة الملكية" للمناظرة الوطنية الثانية للرياضة، يمكن معها تقديم العزاء للرياضة المغربية، لأنها لم تستفد شيئا من المناظرة، وتراجعت كثيرا، رغم الأرقام التي ما فتئ يقدمها الوزير السابق، ومفادها أن المغرب فاز مرتين بكأس "كاف"، ووصل نهائي العصبة، وبلغ نهائيات أمم إفريقيا. الرياضة المغربية تستحق العزاء، ليس فقط لأنها خسرت الملايير إعدادا للأبطال الأولمبيين فإذا بها ترجع من لندن فضيحتي منشطات، لم نعرف إلى الآن مآل صاحبيهما، بل لأنها، وهذا أكبر فداحة، خسرت السنوات، إذ "الوقت من ذهب"، وهو "سيف، إن لم تقطعه قطعك"، سيما أن منافسيك لا ينتظرونك، وهم في شغل واجتهاد، فيما أنت في رقاد. ورياضتنا، ولله الحمد، ما أن عادت من لندن حتى انخرطت في نوم عميق للغاية، استعدادا للأولمبياد المقبل، "اللي باقي بعيد بزاف.. حتى ل2014".
وقد اتضح هذا النوم العميق من شخير مجموعة من الرياضات التي كان لها بعض الشأن في ما سبق، وعلا الصوت أكثر بعد أن كسب المغرب مباراة الموزمبيق، بحيث خرج الناس إلى الشارع، وهلل التلفزيون، وسارع المعنيون إلى الاحتفال، كما لو أن الأمر يتعلق بمنتخب كبير فعلا، حتى وإن كان تقنيونا يصرون على أن المنتخبات كلها صارت قوية. "ومنين أودي".
كرة الطائرة التي عقدت جمعها العام، وأعطت الانطباع بأنها "فايقة مع راسها، وكتطير نيت"، اتضح أنها لم تعقد جمعا عاما، بل أخذت حبة منومة من العيار الثقيل، إذ أنها هيأت رئيسا منفردا، ولجأت إلى الإجماع، لتذكرنا بالطريقة المألوفة التي وصل بها رؤساء آخرون إلى سدة التدبير، في غياب للاختلاف، وغياب للرأي الآخر، ما نتجت عنه معاناة ما زالت قائمة إلى اليوم، ولا شك أن تداعياتها ستمتد إلى وقت طويل.
إن الرياضة المغربية، وهذا جاءت به الرسالة الملكية، تحتاج إلى الدمقرطة، تلك التي تؤطرها القوانين، وتحكمها آليات المحاسبة، والنقد أيضا، وإلا فإنها ستبقى غائبة، من الغياب والغيبوبة كذلك، عن الساحة الدولية، لأنها، بكل بساطة، ستسقط في الصراعات الذاتية، مهما حاول بعض الرؤساء "كبت" الاختلاف، والابتسام أمام الكاميرات لإعطاء الانطباع عن جو هادئ، وروح مرحة ورياضية.
لقد قيل الكثير عن التألق والأنطولوجيا و"الكلادياتورات" والبوطولات والتميز المغربي قاريا ودوليا، وعن الأوراش، والفتوحات، ودخول التاريخ، "ومنعرف آشنو"، قبل أكتوبر 2008، وجاءت الرسالة الملكية لتؤكد صحة الانتقادات التي كانت توجه للرياضة، ولرؤساء الجامعات، ولمن كانوا يشتغلون لديهم "نكافات"، موضحة أن الحقيقة هي أن الوضع سيء للغاية، ومشيرة إلى أن تغييره بات ملحا، هنا والآن.
المصيبة أن "دياولنا ما كيتقاضاوش". فأغلب الذين أحسوا، في العمق، أن الرسالة كانت تتحدث عنهم بالضبط تحايلوا على مشاعرهم الصامتة بأن أدخلوا أنفسهم في الاستثناء، ليواصولا سلوكاتهم كما لو أن شيئا لم يحدث، فصاروا بقدرو قادر ضمن من قالت الرسالة إنهم نزهاء، معتمدة جزءا من آية كريمة يقول":إلا من رحم ربي".
هل قلنا بداية إن رياضتنا نامت نوما عميقا. لعله كان موتا ولم ينتبه من يعنيهم الأمر. "واعتقو الروح أعباد الله".