بتعاون مع مندوبية وزارة الثقافة بالصويرة, وفي إطار الاحتفاء بالإصدارات الجديدة في جنس القصة القصيرة, نظمت جمعية مبادرات للثقافة والتربية بسميمو حفل توقيع إصدار " العناصر" للقاص الجميل أحمد شكر مساء يوم السبت 6 مارس 2010 بفضاء المركز البيئي بمدرسة سيدي بوسكري. في البداية قدم للقاء الشاعر يوسف الأزرق الذي رحب في مستهل كلمته بالضيوف / المبدعين وشكرهم على تلبيتهم الدعوة , كما رحب بالحضور الرائع / النوعي الذي امتلأت به قاعة الحفل . حضور جاء ليستمتع بلحظات إبداع حقيقية, ومن جهة أخرى ليحتفي بأحد الأسماء المهمة في كتابة القصة القصيرة المغربية المبدع أحمد شكر. الشاعر يوسف الأزرق تطرق في كلمته أيضاإلى السياق العام والخاص الذي يندرج فيه هذا الاحتفاء , والذي يتضمنه البرنامج السنوي للجمعية , ليمرر الكلمة للقاص محمد معتصم في شهادة حميمية معبرة , ركز فيها على العلاقة التي تجمعه والمبدع أحمد شكر على امتداد سنوات , انطلقت بمدينة البروج وخاصة بتأسيس نادي القصة الذي اعتبر إطارا رائدا اهتم بهذا الجنس الأدبي الراقي : القصة القصيرة, كما أكد على أن العلاقة التي يحضنها الإبداع هي علاقة تمتد داخل الزمان وداخل الفضاءات المتعددة , ليتحدث بعد ذلك عن إصدار القاص أحمد شكر " العناصر " التي تأتي بعد مجموعته الأولى " تودة " بحيث تختلف ببنائها الجديد وتيماتهاالمختلفة , وبذلك يكون أحمد شكر قد بصم لأسلوب ومنهجية قصصية خاصة به , ويتفرد بها لوحده . أما ورقة الناقد سعيد بوكرمي والتي قرأها نيابة عنه المبدع سليمان الدريسي فقد ركز في القسم الأول : شعرية السؤال , على أن السؤال يعني البحث عن المعرفة ومحاولة استجلاء معنى العالم . لكن بالنسبة للسارد في المجموعة , فالبحث بالأساس , هو بحث عن الكتابة, وعن الحكاية, وعن معنى البداية, بالمفهوم البلاغي. لأن البداية هي إشكالية الخطاب عموما والقصة بطبيعة الحال تبحث عما ستقوله. وكيف ستقوله , بمعنى كيف سأحكي ما سأحكيه ؟ وعند هذه النقطة تبدأ القصة عند أحمد شكر في الانقسام إلى سرد ومحكيات تتحدث عن بعض الظروف العصيبة التي تعيشها شخصيات القصص فارضة عليهم الإيمان بالواقع وتصديق تجلياته وان كانت في الحقيقة مجرد أحاسيس وانفعالات وإشارات تنزاح كليا عن الواقع الحقيقي لتصبح واقعا قصصيا هي بالتأكيد مجرد إيهام بالواقع. أما في شعرية الشذرات فتأكد على أن مجموعة أحمد شكر تستند في بنائها الحكائي على الشذرة المرقمة من واحد إلى عشرة أو المعنونة بعناوين جزئية, طبعا بالنسبة للكاتب . فالعملية تقنية محضة يبتغي منها شحذ ذهن القارئ للانتباه إلى هذه الأرخبيل الحكائي الذي يتزحزح أمامه مشكلا في نهاية القصة قارة من التشكلات الحكائية. أما قسم شعرية الخيبة فيأكد على أن الموضوعة الموحدة بين قصص الجيل الجديد من القصاصين المغاربة والعرب لن تكون سوى الخيبة التي هيمنت على السرد العربي وجعلته يبوح بأسرار فشل العربي في أن يتوجد كائنا حرا مستنيرا وفاعلا ضمن صيرورة التطور الإنساني , لكن فشل حتى في الخروج من جمجمته الفولاذية, لهذا يبقى صوت الوعي الثقافي بقيمة العقل والفن والجمال معطلا إلى حين. وتوجد في قصص أحمد شكر الكثير من الخيبات : خيبة محاربين يموتون داخل البحر. خيبة مدرسين من واقع تعليم كاسد. خيبة مثقفين من ألاعب السياسة. خيبة أشخاص من تخلف المجتمع أسير الأسطورة. خيبة من تلوث العلاقات الاجتماعية. خيبة الأحلام... أما الناقد محمد أيت حنا فقد ركز في ورقته على البناء القصصي والجمالي في المجموعة, حيث عمل على استجلاء الشكل الذي وزع به القاص عناصر الوجود مخالفا التوزيعات الفلسفية والشعرية القديمة , وجاعلا هذه العناصر تحكم الهندسة الداخلية للعمل, وتؤتث أحداته وتطبع بميسمها أمزجة الشخصيات ليخلص في النهاية إلى أن عمل أحمد شكر لا يقصد عناصر الوجود بما هي عناصر في ذاتها, وإنما بما هي رؤيا خاصة بالمبدع. والى أن العمل كل لا يقبل التجزء, وأن أفضل قراءة له , هي القراءة الخطية التي تحترم ترتيب العناصر كما ارتضاها الكاتب. أما كلمة المحتفى به والتي عنونها ب "بهاء الهباء"فقد أكد فيها على أن العمل الجمعوي شرط شارط لرواج الكتاب,فلولا حفلات التوقيع, وتقديم الكتب والقراءات, لكشفت عورتنا القرائية وبارت الكثير من الأحلام. الزمن يتغير دائما بأسرع مماقد نتصور أو نحتمل, لكن يبقى هناك هامش لنمارس طوباويتنا الشهيدة في احتضان الهامش, والاستئناس برموزه, هو الذي ما زال يحتفظ بكل بريقه ورونقه في استقبال من لازال بجدوى أن تمنح من وقتك وجيبك كي تروج منتوجا ثقافيا وفنيا. وفي الجزء الثاني من الورقة فقد تحدث القاص أحمد شكر عن مدينة الصويرة, مدينة تهجع بين بحر وريح تروض الآهات, لا تحفل بغير سرها العذب, ضربا عن فتح باب المدائح ها نحن نشرع للأزرق كي يهمي ويتلاطم في كل صوب, نغدو وإياه الكل في الكل . نحن جزء من حكاية تبدأ هناك لتمتد هنا وتبدأ هنا لتمتد هناك, خيوطها جلية ومتشابكة, ممتدة ومتقاطعة.الحكاية نحن , ونحن الحكاية , أسرارها نحن , ونحن هي, ماؤنا واحد يمرح أنى شاء, متى نفصل الكلي عن الجزئي ؟ وبعد قراءة الأوراق . جدد مسير اللقاء الترحاب وشكر كل من ساهم في إنجاح هذا الاحتفاء المتميز بالقاص أحمد شكر ووعد الحضور الجميل المتعطش لمثل هذه اللقاءات بإصدارات وكتاب آخرين. ليفسح المجال لحفل توقيع المجموعة القصصية التي ترفض التجزء " العناصر". متابعة : محمد معتصم