بسم الله الرحمن الرحيم كلمة الجمعية في الجلسة الافتتاحية السادة الحضور الكريم إخواني وأخواتي الأساتذة والأستاذات المؤتمرون الحضور الكريم اسمحوا لي في البداية أصالة عن نفسي ونيابة عن المكتب الوطني أن أرحب بكل الحاضرين معنا في هذه الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية الذي ينعقد تحت شعار "التربية الإسلامية أساس بناء القيم و تثبيت الهوية" السيدات والسادة : إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز وموجبات حمد الله تعالى وشكره أن نجتمع اليوم بعد مرور خمس سنوات على مؤتمرنا الثالث ، فاستطاعنا بتوفيق من الله تعالى أن نعقد مؤتمرنا الرابع هذا واصلين الماضي بالحاضر ومتحفزين لغد مشرق مليء بالمنجزات وجلائل الأعمال، تحذونا الرغبة الصادقة للإسهام في تنشئة الأجيال على تعاليم الإسلام السمحة التي أنزلت للناس هدى ورحمة ومنهاجا خالدا لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، لتحقيق سعادة الدنيا والآخرة. أيها السادة والسيدات: إن مجال التربية الإسلامية أوسع وأشمل من أن تنهض به جمعيتنا ذات الإمكانات المحدودة والكفاءات البشرية القليلة، فمهمتنا مهمة الأنبياء و الرسل، لكن وعي الجمعية، مكتبا وطنيا وفروعا التي تناهز ثلاثين فرعا تغطي مختلف جهات المملكة، بهذا الوضع هو الذي يحملنا على استشعار حدود مسؤوليتنا؛ والتي لابد أن نستمر في القيام بتحملها على أحسن وجه مستطاع متعاونين مع كل الجهات والهيئات المدركة لحجم هذه الأمانة الجسيمة. لقد انطلق منذ سنتين البرنامج الاستعجالي مما يعطينا الحق اليوم أن نتساءل عن دورنا في إنجاح هذا البرنامج و إن كانت لنا عليه ملاحظات، و هذا لعمري جيد و مقبول، لكن إذا كنا نؤمن بأن الأهم في أي إصلاح أن ينطلق من إصلاح الذات ووعيها بالتغيير نحو الأفضل مصداقا لقوله تعالى " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فلا بد أن نسائل عن الجهد الذي نقوم به في سبيل تفعيل مقتضيات الإصلاح التربوي في بلادنا واعطائه مزيدا من الحيوية وأسباب النجاح؟ و يمكننا أن نؤكد اليوم بأن جمعيتنا بفضل فروعها وتطوع أعضائها قد انخرطت في هذا الورش ووقعنا شراكة مع الوزارة الوصية قبل إعطاء الانطلاقة للبرنامج الاستعجالي وأخذنا على أنفسنا القيام بمهام ذات صلة بالمجال حيث وضعنا برامج تكوينية في بعض مجالاته، و كنا سباقين لتحقيق جوانب من التكوين المستمر( ندوات و أيام تكوينية(حول المضامين/التدريب على الإعلاميات/ والتكوين في الجوانب الديداكتيكية خاصة مدخل الكفايات وبيداغوجيا الإدماج ...) بفضل ثلة من المؤطرين والخبراء من داخل المادة وخارجها . إضافة إلى الموضوعات المضمنة في منشوراتنا في هذا الاتجاه. ولا يفوتني في هذا الصدد أن أؤكد بأن المعول عليه في استثمار جهود الجمعية وحصص المادة القليلة وتعزيز مكانتها في منهاجنا التعليمي هو أساتذة المادة وأطرها الذين يباشرون تفعيل معطيات المضامين وطرق التدريس وتدارك ما يعتريها من خلل أو نقص، وتعزيز ثقة التلاميذ في قدرة المادة على إصلاح أخلاقهم وتزكية نفوسهم عن طريق ما يلاحظونه من تطبيقاتها الحية في سلوك أساتذتهم ، بالتركيز على دور القدوة في تحويل كثير من المعارف المدرسية وقيمها إلى سلوكات عملية ملاحظة لدى المتعلمين. أيها السادة و السيدات: إن مجريات الأحداث وتواتر الوقائع،و ما حادثة مراكش البشعة و المرفوضة عنا ببعيد، لتؤكد يوما عن يوم، لمن يحتاج إلى توكيد، حاجتنا إلى تقوية و تدعيم التربية الإسلامية في منظومتنا التربوية تحصينا لناشئتنا من كل انحراف أو تطرف؛ بل تؤكد، أنه لا فلاح ولا نجاح لنظام تربوي إلا بالاستناد إلى هوية المتعلم وإرثه الحضاري، والانطلاق من دين الأمة ومنظومة قيمها، و الحرص على تحقيق التلاؤم والتناغم بين تراث الأجيال وحاضرها واضعا نصب عينيه الاستفادة من نقاط القوة حيثما وجدت، ومتتبعا لنقاط الضعف حيثما ظهرت وكابحا لتأثيراتها السلبية دون تراخ. و في هذا الصدد أشير إلى أن الجمعية لا زالت تذكر ببعض الثغرات التي عانت منها مادة التربية الإسلامية ولا زالت وهي كما يأتي: • استمرار الخصاص في أساتذة المادة مما أدى إلى إسناد تدريسها لغير المتخصصين ولا يخفى ما لذلك من أثر علمي وتربوي على الناشئة. • قلة حصص المادة و ضعف معامل ها. • الاستمرار في إقصاء أساتذة المادة من ولوج سلك التبريز. • عدم إدراج تخصص التربية الإسلامية في مباراة الدخول إلى مركز تكوين المفتشين في حلته الجديدة ، خاصة أمام تآكل عدد مفتشي المادة نتيجة المغادرة الطوعية والإحالة على التقاعد، مما يجعلنا نجد نيابات وقريبا جهات دون مفتش للمادة. • ضعف التكامل بين مفردات المنهاج الدراسي. • ضرورة اعتماد رؤية شمولية لبيداغوجيا الإدماج تستوعب جميع المواد الدراسية وتعميق التكوين ودعم وتحفيز الأساتذة والمؤطرين على المصاحبة والتتبع والتقويم... أيها السادة والسيدات: لقد لقد كانت جمعيتنا حاضرة في أهم المحطات الوطنية التي عرفتها المشاريع الإصلاحية ببلدنا منها أنه تم استدعاؤها لتقديم مقترحاتها بشأن مهنة التدريس من قبل المجلس الأعلى للتعليم، وواصلت مشاركتها في جميع الملتقيات التي تستدعى إليها من قبل الوزارة الوصية على القطاع، كما تقدمت قبل أيام قليلة بمذكرة للجنة الاستشارية لمراجعة الدستور ضمنتها مقترحاتها بخصوص التعديلات الدستورية المرتقبة خاصة في مجال تدبير الحقل الديني و التربوي، و ذلك على إثر الحراك السياسي الذي تعرفه بلادنا، آملين أن تكلل جهود الإصلاح بالنجاح و الأمن والاستقرار لبلدنا و سائر بلدان المسلمين. ولا يفوتني في ختام هذه الكلمة أن أترحم على أخينا الأستاذ السعيد الشرقاوي أمين مال الجمعية الذي انتقل إلى جوار ربه في شهر رمضان الأخير على إثر حادثة مفجعة أودت بحياته وألحقت بعائلته أضرارا متفاوتة الخطورة، فالصدمة كانت قوية على كل من عرف الرجل أو كانت له به صلة من قريب أو بعيد. لقد فارقنا الأخ السعيد الشرقاوي الذي عرفناه مجاهدا صادقا في خدمة التربية الإسلامية، فهو من مؤسسي هذه الجمعية المباركة في سنة 1992، و ظل عضوا نشيطا بمكتبها الوطني إلى أن وافته المنية و هو يهاتف أعضاء المكتب الوطني ليخبرهم بتاريخ انعقاده ، لكن الأجل المحتوم عاجله فلا مرد لقدر الله ! "وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" فما أحوجنا أن نقتدي بالمرحوم في خصلتين من خصاله الحميدة، وهما سعة الصدر والمثابرة في العمل داخل القسم وداخل الجمعية، و قديما قيل "من كان متأسيا فليتأس بمن مات فإن الأحياء لا تؤمن عليهم الفتنة وسوء الخاتمة" والآن ألتمس من الحضور الكريم قراءة الفاتحة ترحما على روحه الطاهرة. أيها السادة والسيدات: في الختام أكرر شكري للسادة الفضلاء الذين لبوا دعوة الجمعية بالحضور في هذه الجلسة الافتتاحية كما لا يفوتني أن أنوه بالكلمات القيمة التي أغنت هذا المؤتمر وطرحت بين يديه أفكارا وتوجيهات ومقترحات من شأنها أن تنير سبيله وتحفز همم المشاركين للمزيد من الاجتهاد ونكران الذات في خدمة التربية الإسلامية وأجيال المستقبل، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته