إحياء لمرور 50 عاما على تأسيسه الذي يتزامن و 20 مارس من كل سنة، نظم الاتحاد العام للشغالين تجمعا جماهيريا حاشدا شارك فيه آلاف المنتسبين لهذه النقابة العتيدة، والذين جاؤوا من مختلف ربوع المملكة. فمنذ الساعات الأولى من يوم السبت 20 مارس الماضي، تقاطرت الحشود على قاعة ابن ياسين بالرباط صادحة بالشعارات، لتجدد العهد والوفاء لنقابة يعود إليها الفضل في رد الإعتبار للعمل النقابي بالمغرب، وكسرت حاجز هيمنة النقابة الوحيدة على المشهد النقابي المغربي لتدخل البلاد في زمن التعددية النقابية التي تعد إحدى اللبنات التي لاغنى عنها لتكريس التعددية السياسية ولبناء التجربة الديمقراطية المغربية. فتحت شعار: «هوية راسخة، نضال مستمر» وأمام وفود عربية وإفريقية وأجنبية، وبحضور شخصيات حكومية وسياسية بارزة، وهيئات نقابية دولية، افتتحت فعاليات الاحتفال الذي أراده مناضلو الاتحاد العام للشغالين استثنائيا بكل المقاييس، وبعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وعزف النشيد الرسمي للاتحاد العام للشغالين من طرف الفرقة النحاسية للكشاف المغربي، وبعد كلمات الوفود التي تعاقبت على المنصة، والتي كان من بينها رئيس منظمة العمل العربية وكلمة ممثل الاتحاد النقابي الإفريقي، وكلمة ممثل الكونفدرالية الحرة للعمال الموريتانيين، وكلمة الأستاذ المجاهد محمد الدويري أحد مؤسسي الاتحاد الأوائل، وكلمة خديجة الزومي، الكاتبة الجهوية للاتحاد العام للشغالين بالرباط سلا زمور زعير، تناول حميد شباط الكلمة في جو شعبوي وحماسي منقطع النظير. قبل أن يتم تسليم بعض شواهد التكريم والهدايا على المناضلين. وعرف الحفل لحظات مؤثرة في جو مشحون بالانفعالات، فبمجرد صعود الكاتب العام السابق للاتحاد العام للشغالين الى المنصة محمولا على كرسي متحرك بفعل وطأة المرض، اهتزت قاعة بن ياسين بالهتاف وبالشعارات المدوية، وكانت اللحظة دافئة بكل المعايير، لحظة عناق المؤسسين الأوائل لنقابة وحاملو مشعل قيادتها اليوم، في صورة معبرة عن مدى رسوخ الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وعن حفظه لذاكرة المناضلين الأوائل الذين هيأوا الشروط كي يصبح الاتحاد العام على ماهو عليه اليوم، النقابة الوازنة ذات التأثير الواسع والقوي وسط كل الشرائح الاجتماعية بالمغرب، وعلى رأسها الطبقة العامة المغربية. وفي كلمته، قال حميد شباط، الكاتب العام للاتحاد إنها لحظة تاريخية تلك التي نجتمع فيها اليوم، فهو يؤرخ لميلاد نقابتنا القيمة ، والتي بزغت الى الوجود بعد مخاض عسير على يد مجموعة من المجاهدين الشرفاء الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل نصرة الحق ، وبناء مجتمع ينعم فيه الجميع بالعيش الكريم. وقال شباط في كلمته الحماسية، التي ظلت القاعة تهتز تجاوبا معها مرددة شعارات مدوية، أن 20 مارس 1960، سيظل في الذاكرة المغربية الوطنية إلى الأبد رمزا للصمود بعد كسر القيود.. وهزم قوى الشر والجحود. وأضاف: «أيها النقابيون الشرفاء، حافظنا على كرامتنا وحافظنا على قوتنا، سائرون في إباء نحو النصر بعدالة مطالبنا، ومعتزون بتاريخنا، قوتنا وحدة صفنا وصدق طويتنا. وقال شباط إن إحياء الذكرى الفضية للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، تتزامن أيضا وتخليد مائوية الزعيم خالد الذكر سيدي علال الفاسي. وهو الذي أعطى لوطنه ولملكه وللشعب المغربي مالم يعطه أحد من قبله ولا من بعده، عاش عظيما ومات عظيما عاش لوطنه، ومات دفاعا عن الوطن ووحدته وكرامة أبنائه. وأردف الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين، أن هذا الحدث الاستثنائي الكبير، يصادف أيضا، مرور عشرين سنة على الإضراب العام ليوم 14 دجنبر المجيدة، وهو الاضراب الذي فجر فيه الجياع سخطهم، والمظلومون غضبهم، وكذلك فجر فيه الحاقدون حقدهم، والظالمون ظلمهم. ومن جهة أخرى، قال حميد شباط إننا نعيش حدثا بارزا آخر، هو مرور العشرية الأولى من حكم جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وهي العشرية التي تميزت بإعطاء الانطلاقة من طرف جلالته لأوراش كبرى، إن على المستوى التشريعي القانوني أو على المستوى الهيكلي التنموي، وهي تهم الماضي بكل تراكماته، والحاضر بكل متطلباته، والمستقبل بكل تطلعاته. الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب في خطاب تعبوي وحماسي حاشد معتزون بذاكرتنا، قوتنا وحدة صفنا بسم الله الرحمن الرحيم السادة الوزراء. السادة ممثلو الأحزاب والنقابات المهنية. السادة الضيوف السيدات والسادة. أيها الحضور الكريم. تحية إلى إخواننا في القدس وفلسطين يقول الله تعالى: وقُل إعْملُوا فَسَيرَى اللَّهُ عَمَلكُمْ ورَسُولُهُ والمُومِنُون (صدق الله العظيم). إنها لحظة تاريخية هاته التي نجتمع فيها اليوم. هذا اليوم أيّها السيدات والسادة ليس كباقي الأيام. يوم يؤرخ لميلاد نقابتنا العتيدة ت ع. للشغالين. هذه المركزية التي بَزَغت إِلى الوجود بعد مخاض عَسير، على يد مجموعة من المجاهدين الشرفاء الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل نُصرة الحق. وبناء مجتمع ينعم فيه الجميع بالعيش الكريم. نعم أَيها الإخوة، إن يوم 20 مارس 1960 سيظل في الذاكرة المغربية الوطنية إلى الأبد رمزاً للصمود بعد كسر القيود. وهزم قوى الشر والجحود. نعم أيّها الإخوة يوم 20 مارس 1960 يوم أشرقت فيه الأنوار، بعد إفشال الأشرار وانتصار المؤسسين الأبرار، عن طريق النقابيين الأحرار، والمجاهدين الكبار، أمثال سيدي محمد الدويري وسيدي عبد الرزاق أفيلال. نعم أَيها السيدات والسادة. إننا اليوم نُطفئ الشمعة الخمسين من حياة نقابتنا. خمسون سنة من الكفاح خمسون سنة من النضال خمسون سنة من الصراع خمسون سنة في مقاومة التهميش خمسون سنة من التشريد خمسون سنة من التفقير خمسون سنة من التسويف خمسون سنة من التعذيب خمسون سنة من الظلم الاجتماعي. ورغم ذلك أيها النقابيون الشرفاء. حافظنا على كرامتنا وحافظنا على وجودنا. بل وحافظنا على قوتنا سائرون في إبَاء نحو النصر لعدالة مطالبنا. معتزون بتاريخنا. قوتنا وحدة صَفِّنا. وصدق طَوِيَْتنا . نعم نسير بخطى ثابتة مرددين للحرية جهادنا حتى نراها والتضحية سبيلنا إلى لقاها. أجل أَيها الإخوة والأخوات. إن هذه السنة . سنة تؤرخ كذلك للذكرى المائوية لميلاد سيدي علال الفاسي: سيدي علال العالم علال الفقيه علال الأديب علال المجاهد علال المقاوم علال المرشد علال الشاعر علال المصلح علال المحرر علال الزعيم. (الله أكبر) . هذا الرجل الذي أعطى لوطنه ولملكه وللشعب المغربي ما لم يُعطه أحد. من قبله ولا من بعده. عاش عظيما ومات عظيماً عاش لوطنه، ومات دفاعا عن الوطن ووحدته وكرامة أبنائه. كما أن هذه السنة تؤرخ كذلك لحدث كبير في تاريخنا النضالي المعاصر. حدث تنطفئ شمعته العشرون أَلاَ وهو الإضراب العام ليوم 14 دجنبر. هذا الإضراب الذي فجر فيه الجياع سخطهم، والمظلومون غضبهم، وكذلك فجر فيه الحاقدون حقدهم، والظالمون ظلمهم. هذا الإضراب. زهقت فيه أرواح الشهداء رمياً بالرصاص. كما أصيب العشرات بعاهات مستديمة، وشملت الاعتقالات حتى القاصرين المهمشين من أبنائنا. وانطلق مسلسل المحاكمات، عبر ملفات مطبوخة، ومحاضر جاهزة. ومن طرائف تلك المحاكمات الغريبة. ما أدلى به أَحد المعتقلين القاصرين. رداً على سؤال القاضي: لماذا قمت بأعمال الشغب في يوم الإضراب العام. فأجاب القاصر: قمت بذلك سيدي القاضي، دفاعاً عنك فتعجب القاضي من أجوبة القاصر: قائلا في حيرة من أمره: وَضِّح كلامك؟ فوضح القاصر بثقة كبيرة في النفس بقوله سيدي القاضي: أنا أسكن داراً للقصدير، أبي رجل مُسن لا يقدر على العمل. غادرت المدرسة لانعدام الإمكانيات. شاركت في الإضراب من أجل كل الفقراء والمحرومين. ومن أجلك كذلك السيد القاضي، وأنا مقتنع أن الدولة بعد هذا الإضراب. ستمنحك الزيادة. ولأمثالك من رجال السلطة والأمن، والطبقة العاملة. سَتَلقى مزيداً من التهميش، كالذي عاشه والدي. وأنا سيدي القاضي مصيري معروف هو السجن، أرجوك سيدي أسرع بالحكم وخلصني من محيطي القذر لأن العيش السيد القاضي بين القضبان مع رفاقي الشجعان، خير لي من حياة الذل والهوان ، وكذلك كان. وها نحن اليوم بعد مرور عشرين سنة على الحدث، نعيش المحن، ونعيش العذاب. فتحية إكبار وإجلال منا جميعاً لأبطال الإضراب العام ليوم 14 دجنبر 1990 والرحمة والمغفرة للشهداء ضَحايا الأحداث المؤلمة. ونحن وإياكم على الدرب سائرون، وعن مطالبته مدافعون، «وإن تَنْصُروا اللَّهَ يَنْصُركُم ويُثبت أَقْدامَكُم. الأخوات والإخوة حدث بارز يعيشه المغرب الحديث، هو نهاية العشرية الأولى من حُكم الملك محمد السادس نصره الله هذه العشرية التي تميزت بإعطاء الانطلاقة من طرف جلالته، لأوراش كُبرى، إن على المستوى التشريعي القانوني أو على مستوى الهيكلي التنموي ، تهم الماضي بكل تراكماته، والحاضر بكل مُتطلباته، والمستقبل بكل تطلعاته. وهكذا أيها السيدات والسادة، فإن الإرادة الملكية كانت قوية، لتجاوز سلبيات الماضي عن طريق خلق هيئة الإنصاف والمصالحة، التي كان لها تحت إشراف الملك دور إيجابي في جبر الضرر، وتعويض المتضررين من بطش ما اصطلح عليها بسنوات الرصاص، وبهذا العمل الشجاع استطاعت الدولة أن تتصالح مع ماضيها بكل تجاوزاته، في أفق بناء مستقبل مبني على الثقة، بين الجميع. تَلتْ هذا الورش الكبير. أوراش أخرى كالمفهوم الجديد للسلطة، فَدِيوان المظالم، مدونة الأسرة والطفل، قانون الإضراب ، مشروع الحكم الذاتي بأقليمنا الجنوبية والجهوية الموسعة بباقي جهات المملكة. فمشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ثم المشروع الهام للميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، كل هذه الأوراش، حظيت برضى ودعم المجتمع الدولي، حيث أصبح المغرب محط اهتمام كل الفاعلين في مجال حقوق الإنسان، مما أهله للحصول على الموقع المتقدم مع أوروبا كأول دولة عربية وإفريقية - كما أصبح المغرب عن طريق توقيع إتفاقيات التبادل الحر مع كل من أمريكا وأوروبا وتركيا وباقي الدول محط إهتمام المستثمرين يدعمه في ذلك آستقرار وضعه الداخلي نظرا للتطور الديموقراطي الذي جعله يدخل نادي الدول الديموقراطية بإمتياز. ولعل هذا الوضع هو الذي خيم على أجواء إعداد و إنعقاد المؤتمر التاسع لنقابتنا، ودفع بمناضلاته ومناضليه قيادة وقاعدة إلى أن يجعلوا من هذه المحطة النضالية نقلة نوعية في تاريخ عملهم النقابي منسجمين في ذلك مع العهد الجديد والتوجهات الحديثة التي أصبحت تعيش في إطاره وكنفه بلادنا، فانفتاحها على الأوراش الكبرى بقيادة الملك الشاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله. الأخوات والإخوة. إننا اليوم في بداية الخمسينية الثانية وعبر هذا اللقاء التاريخي الهام. نرفع بافتخار شعار: النقابة المواطنة، النقابة المساهمة. نقابة مرتكزاتها، الشفافية والمصداقية والتشاركية، نقابة في خدمة منخرطيها، دون الإضرار بالغير. كان هذا الغير قطاعا حكوميا أو قطاعا خاصا. إننا مع الحقوق ، والواجبات ، مع الجودة والإنتاج، إننا بكل وضوح مع البناء وضد الهدم. مع الحوار وضد التصادم. رافعين شعار. جميعا من أجل بناء مغرب الغد تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله. وهكذا يقتضي بالضرورة إقرار عمل تشاركي قوامه الرأي والرأي الآخر والإحترام المتبادل في إطار حوار بناء وفعال بعيدا كل البعد عن أي هيمنة أو إقصاء. المناسب بما فيه حق الإضراب الذي يؤكد الاتحاد العام للشغالين على ضرورة حمايته وتقويته بحسن استعماله حتى يظل محافظا على قوته وهيبته وتأثيره بدون أي تمييع أو تبسيط، ولنا في إضراب دجنبر 1990 خير نموذج من حيث الخلفيات والمسببات وكذا من حيث النتائج والمكتسبات وكما قيل «آخر الدواء الكي». أعزائي عزيزاتي في هذا الإطار ومن هذا المنبر الذي نحيي فيه خمسينية التأسيس أجدد نداء الاتحاد العام للشغالين الى كافة إخواننا في باقي المركزيات النقابية الفاعلة من أجل توحيد الصف ولم الشمل انطلاقا من ملف مطلبي مشترك يهم جميع الشغالين في القطاعين الخاص والعمومي الى وحدة النضال المشترك لإقراره خصوصا وأن اليوم والحمد لله أصبحنا نتوفر على مكتب هام المتعلق بإقرار مأسسة الحوار الاجتماعي الذي استطاعت فئات وشرائح عديدة أن تحقق بسببه بعض من مطالبها الأساسية ينضاف الى ذلك إرادة سياسية لدى الحكومة الحالية لمواصلة حوار بناء ومسؤول غير أننا نؤكد أن الحوار الاجتماعي يجب أن يأخذ مداه البعيد ليستوعب كل القضايا بصورة شمولية وفي هذا الصدد إذ نحيي ونهنئ بعض الفئات التي حصلت على قوانينها الأساسية كرجال السلطة ورجال الأمن و.... فإن الاستيعاب الشمولي الذي نطالب به هو تعميم هذا المكسب على جميع فئات الوظيفة العمومية من مهندسين وأطباء ومتصرفين وتقنيين وموظفي الوكالات الحضرية وقطاع الأحواض المائية وموظفي صناديق العمل وموظفي الجماعات المحلية مع المطالبة بزيادة هامة في الأجور وإيجاد الشغل للعاطلين وعلى رأسهم الأطر العليا. إخواني أخواتي مرة أخرى أحيي تحية إكبار وإجلال الجماهير العمالية التي حجت إلى هذا التجمع الضخم مؤكدين لكم ولجميع منخرطي مركزيتنا النقابية في مختلف جهات المملكة ان الاتحاد العام للشغالين بالمغرب سيواصل مسيرته النضالية بكل إصرار وثبات معتمدا على الثوابت التي تأسس من أجلها وفي مقدمتها: إسلام الوسطية لايشوبه تطرف ولا غلو ووحدة وطنية ترابية وفكرية مع المحافظة على التنوع الثقافي في ظل إمارة المؤمنين، وتعادلية اقتصادية واجتماعية تحفظ لجميع مكونات المجتمع المغربي حقوقها مع المزيد من المكتسبات. سائلين العلي القدير أن يمدنا بعونه لمواصلة المشوار النضالي عملا بقوله تعالى (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتيكم خيرا) صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وكل خمسين سنة وأنتم بألف خير