القاهرة - بعد اربع سنوات من العداء جلس الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حماس خالد مشعل يحتسيان القهوة ويتبادلان الحديث وديا قبل دخولهما القاعة للمشاركة في احتفال المصالحة الفلسطينية في القاهرة، في مشهد رمزي لفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما بعد ان اعتقد كثيرون انها وصلت الى نقطة اللاعودة. ومع دخولهما القاعة بصحبة نبيل العربي وزير الخارجية المصري ومراد موافي رئيس المخابرات المصرية في مقدمة وفد لامناء الفصائل الفلسطينية، صفق الحاضرون للرجلين ولنهاية حقبة سوداء من التاريخ الفلسطيني المعاصر. وافتتح عباس خطابه الذي تلاه من على منصة مرتفعة جلس عليها متوسطا وزير الخارجية المصري ورئيس المخابرات المصرية بالتاكيد على ان "صفحة الانقسام طويت الى الابد". واضاف "اليوم نتجاوز كل المرارات وننطلق ابناء شعب موحد لانجاز حقوق شعبنا". ومشعل، الذي جلس في الصف الامامي مع الحضور اعتمد هو الاخر نبرة متفائلة في كلمته التي اكد فيها ان حركته "مستعدة لدفع كل ثمن من اجل اتمام المصالحة وتحويل النصوص الى واقع على الارض". وبعد ان اعلن ان حماس مستعدة "للاحتكام للانتخابات في اقرب فرصة في ظل ظروف مواتية"، التفت نحو عباس مضيفا "بطمنك بطمنك يا اخ ابو مازن". كما حمل خطاب مشعل اشارات مطمئنة للغرب، الذي تعتبر العديد من دوله حركة المقاومة الاسلامية (حماس) منظمة ارهابية، فاكد على ان الحركة ستعمل على اقامة "دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على ارض الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشريف" اي فقط على الاراضي التي احتلت عام 1967 وليس تلك التي تشكل دولة اسرائيل. وطغت الاجواء الايجابية على الحفل بالرغم من ان مصادر فلسطينية اكدت ان خلافات نشبت صباح الاربعاء بين فتح وحماس حول الترتيبات البرتوكولية. لكن يبدو ان هذا الخلاف سرعان ما نسي، حيث ربت مشعل بيده على كتف عباس قائلا "سازورك مع وفد من حماس في محل اقامتك بعد ان نغادر الاحتفال" وذلك خلال جلسة ودية جمعتهما مع وزير الخارجية المصري بعد انتهاء الاحتفال تناولوا خلالها الحلوى وتعالت الضحكات. ورد عباس مرحبا بقوله "تفضل مباشرة الى قصر الاندلس (مقر اقامته في القاهرة) وساؤجل مغادرتي الى المانيا من اجل اجتماعنا". وكان المقرر ان يغادر عباس القاهرة الاربعاء الى المانيا حيث سيقوم بزيارة رسمية. وهذه هي المرة الاولى التي يلتقي فيها عباس ومشعل منذ ان سيطرت حماس بالقوة على قطاع غزة منتصف العام 2007 بعد اسابيع من القتال مع الاجهزة الامنية التابعة لفتح. وبالفعل لبى مشعل دعوة عباس وتوجه للقائه على راس وفد من حماس في قصر الاندلس. واكد القيادي في حماس عزت الرشق ان الاجتماع "كان ايجابيا جدا (..) وجاء تحضيرا للقاء حماس وفتح وكل الفصائل خلال اسبوع من الان للتفاهم على تشكيل الحكومة". وعزام الاحمد مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح اكد هو الاخر ان "اجواء الاجتماع الثنائي كانت ودية وايجابية جدا". ولم تقتصر الاجواء الاحتفالية على الوفود المتواجدة في القاهرة، اذ عمت اجواء الفرحة كافة الاراضي الفلسطينية حيث قام شبان فلسطينيون بتوزيع الحلوى واطلاق بالونات والعاب نارية. وكانت فتح وحماس اعلنتا على نحو مفاجئ يوم 27 نيسان/ابريل توصلهما الى اتفاق على تشكيل حكومة انتقالية تضم شخصيات مستقلة تمهيدا لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة خلال عام وذلك بعد عام ونصف من الاخفاقات المتكررة في جهود المصالحة بين الطرفين.