يتخيل الواهمون ويرى الحالمون أن حزب الأصالة والمعاصرة قد تلقى الضربة القاضية بسبب نزيفه الداخلي وبعد أن قال المغاربة كلمتهم فيه والتي لم تتغير منذ تأسيسه. لكن البام ما زال يصول ويجول في حلبة السياسة المغربية بمعية الأحزاب التقليدية، ولو كره الكارهون الحاقدون الحاسدون... ترهق الأحزاب عقول الناس وتضر مسامعهم بتقارير التجمعات والاقتراحات الجديدة والبلاغات القديمة عن الاسثتناء المغربي والتعددية الحزبية والإنصاف والمصالحة والشفافية و قطار الديموقراطية الذي لا يكف المغرب عن ملاحقته ملاحقة توم لتجيري وكما تلاحق الحكومة سراب تنظيم كأس العالم. من الظاهر أن الأحزاب تصر على التمادي في استفزاز المواطن وتسفيهه والمراهنة على بلادته وقصر ذاكرته. يودون لو ترك كلام الثوار وأخبار الثورات التي لا تخصه في شيء ولا تقرب بلده الاسثتنائي لا من قريب ولا من بعيد، ولو كره الكارهون الحاقدون الحاسدون... يودون لو فقد وعيه وشغل باله -وهذا عهدهم به- بمباراة المغرب والجزائر والسهرات الأسبوعية وحالة الطقس ووصفات (قميرة) وسعر(الكوميرة). يتعجبون من جحوده وقد غازلته الحكومة باستضافتها ألتون تجون في مهرجان (بواسير)، ولو كره الكارهون الحاقدون الحاسدون... وأهدته كرها وفرضا-وهو القاصر والمحجور عليه، وهي الأدرى بمصلحته- (أنا أؤمن بالحب)، وأرادت أن يرد لها الجميل ويستمر في (تضحيته). يمكن تفسير هذه المشاهد السريالية باقتباسات الحكومة من روايات جورج أورويل (1984 و مزرعة الحيوانات)، أو ربما ببكم الشعب وصمم الأحزاب. ومن المحتمل أن الأحزاب لا تفهم اللغة العربية ولا حتى الدارجة المغربية أو اللهجات الأمازيغية. ويبدو أنها تتكلم اللغة الكريبتونية، وأنها تعيش في أكوان موازية، بعيدا عن مجرتنا وخارج زمننا. لكن يرجح أن الأحزاب يحكمها منطق المقاولة التي تصر على الثبات والمثابرة في وجه عراقيل السوق واحتكار المنافسين ورفض الزبون لبضاعتها، لتروي فيما بعد أعجوبة نجاحها في جريدة (الوال ستريت تجورنل) و مجلة (فوربس). إن خلط أوراق الاقتصاد والسياسة لا يمكن أن ينتهي إلا بما لا تحمد عقباه. أمنية الشعب أن تتعظ أحزاب المغرب بمصير الحزب الواطي في مصر وحزب تجمع بن علي-الطرابلسي و شركاؤهما في تونس. وأمنية الحكومة أن يتواصل الشعب مع الأحزاب بتعلم الكريبتونية -فلا يقول بم ويقول بام - وأن يثق في حكمة عائلة الفاسي التي ترفض أن تعتبر بدروس التاريخ وتصر على إيصال تيتانيك السياسة المغربية إلى... بر الأمان، حتى لا نقلب المواجع ونقول شط النجاة.[/align]