يبدو أن بعض القنوات العربية إن لم نقل جلها استمرأت العيش في الكذب و البهتان حيث اتخذت من النفاق سبيلا وذلك من أجل تنفيد مخططات وتصفية حسابات قد تكون ضقة لكن نتيجتها وخيمة وهي تخذير الشعوب العربية و حصر تفكيره فيما تصدره له هذه القنوات الخبيثة . ومن بين هذه القنوات قناة الجزيرة , فلعل الكل متفق على شهرة هذه القناة وشعبيتها هذا ليس بالغريب لأن الطريقة التي تنهجها هي طريقة مكهربة مليئة بالكذب و الزور و النفاق الإعلامي قد تمكنها من الحصول على أكبر شعبية في العالم العربي فكيف لا وهي تتغنى بفكرة الرأي و الرأي الأخر , لكن هل فعلا تحترم هذه القناة هذه الفكرة أي الرأي و الرأي الاخر. هذا ما سنحاول التطرق إليه لنوضحه جملة و تفصيلا بإذن الله تعالى . فالكل يعلم الشعارات التي اتخدتها قناة الجزيرة فمنها الرأي و الرأي الاخر بمعنى أن هذه القناة تتصف بالمصداقية و الموضوعية في جل المواضيع و البرامج التي تطرحها .لكن هذا لا يتسم بالحقيقة كون هذه القناة لا تنقل إلا الأفكار التي تتوافق مع إدارتها فكيف لا ونحن نشاهد بأم أعيننا أن جل القضايا المعروضة في هذه القناة هي قضايا خارجية أي قضايا بعيدة كل البعد عن الرقعة القطرية ولا تمس لا من قريب و لا من بعيد بدولة قطر أو تهتم بالشأن الداخلي لهذه الدولة. هل هذا يعني أن قطر لا يوجد بها أية مشاكل أو انزلاقات أو خلافات أو فساد أو غيره من المواضيع التي تتشدق بها قناة الجزيرة في العديد من البلدان العربية خاصة المغاربية منها ؟؟ فقناة الجزيرة كأي قناة أخرى ، توظف برامجها وأخبارها أحيانا لصالح الحقيقة وأحيانا لصالح مآرب سياسية خاصة وأحيانا لأهداف مغرضة, فلا يمر يوم دون أن نرى الكم الهائل من حملات التشهير و التشويه التي تمارسه هذه القناة ضد العديد من الدول العربية لكن في المقابل لم نسمع أو نرى يوما أي حملة تشهير أو فضح أو كشف حقيقة فساد ما داخل قطر ,بل وصل بها الأمر إلى تصنيف بعض الدول العربية بأنها دول خيانية تقف ضد مصالح الأمة العربية وكأن قطر دولة ثورية تقف بدباباتها على حدود قطاع غزة. هذا بالإضافة إلى بحثها الدائم عن الثغرات في البلدان العربية حتى وإن كانت ثغرات بسيطة و صغيرة فهي تضيف عليها رونق التشويه وتضخمها بشكل كبير من أجل نشرها في موادها الإخبارية ولما لا برمجتها في إحدى الحلقات الخاصة ببرامجها. فقد رأينا عملها الدؤوب في الثورة التونسية و المصرية كما رأيناها تنقل كل صغيرة و كبيرة عن المغرب من قضايا الفساد و الحقوق والإنتهاكات أي كل خبر يرافقه عيب أو يكون مضمونه فساد. فهي تسعى لنقل كل خبر من شأنه تشويه صورة المغرب أما إن كان خبر يخدم مصلحة المغرب فحاول أن تلاحظ المساحة المعطاة له هذا إن كان لابد من خبر جيد عن المغرب في هذه القناة. فقد رأينا في العديد من برامجها الحديث عن الإنقلابات ومحاولات الإنقلاب في العديد من البلدان العربية من بينها ليبيا و الجزائر و موريتانيا و المغرب..لكن لم نسمع يوما في برامجها الحديث عن الإنقلابات التي شهدتها قطر. فكل باحث في التاريخ السياسي القطري يجد أن دولة قطر هي الأكثر من بين جيرانها لجهة وقوع الانقلابات وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الانقلابات القطرية الآتية: * في عام 1972 نظم أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عملية انقلاب لجهة الإطاحة بنظام ابن عمه أحمد بن علي آل ثاني. * في عام 1995 نظم الأمير الحالي الشيخ حمد بن خليفة انقلاباً استطاع من خلاله الإطاحة بوالده الذي كان في تلك اللحظة يتلقى العلاج في أحد المشافي السويسرية. وقد سرت العديد من الشائعات التي سعت في تشرين الأول 2002 للتأكيد على وقوع محاولة انقلابية قطرية أخرى هدفت للإطاحة بالأمير الحالي حمد بن خليفة بسبب أزمة ملف حرب العراق. فهل رأينا يوما في قناة الجزيرة الحديث عن هذه الإنقلابات أم أن الجزيرة تطبق مبدأ السكوت عن العيوب و النواقص إذا تعلق الأمر بدولة قطر ؟؟ فقد يزور مسؤول عربي إسرائيل أو يلتقي بشخصية إسرايلية لكن في مقابل ذلك يتعرض لحملة تشهير واسعة من طرف هذه القناة حيث تجعل من زيارة هذا المسؤول حديث الساعة وقد يوصف بالخائن و العميل هذا أمر طبيعي قد نتوقعه من أية قناة عربية ليس فقط قناة الجزيرة حتى لا أكون متحاملا كثيرا على هذه القناة. لكن يبقى السؤال المطروح هو لماذا لم تأكد أو تنفهي قناة الجزيرة زيارة حاكم قطر لإسرائيل كما تفعل مع جميع القادة العرب ؟ ولماذا لم تعطي لو ثمن ما تعطيه من المساحة الإعلامية لهذا الخبر إذا تعلق الأمر بمسؤول غير قطري ؟ و إضافة إلى ما سبق يمكن أن نستدرج الخلافات الحدودية التي تعرفها منطقتنا العربية حيث تعتبر إشكالية الحدود واحدة من المفارقات الكبيرة في الوطن العربي لذلك فليس من الغريب أن نرى هذه القناة تهتم بهذه الخلافات الحدودية في برامجها وموادها الإخبارية بالتفصيل لكن الغريب هو أن يكون لدولة قطر عدة مشاكل حدودية مع جيرانها ولم نسمع عنها أو نراها موضوع الحديث في إحدى برامج القناة كما تفعل مع جل الخلافات الحدودية العربية هذا بالإضافة إلى أنها لم تقم يوما بوضع خط أحمر يفصل قطر عن المناطق المتنازع عليها مع جيرانها كما تفعل مع المغرب حين تفصله عن صحرائه فهل نستخلص من هذا أنها توظيف للمصداقية أم تنفيد للمارب السياسية ؟ إلى جانب ذلك ننتقل إلى العلاقات العربية الأمريكية من الناحية العسكرية فكل متتبع لبرامج هذه القناة قد يلاحظ الإهتمام البالغ الذي توليه قناة الجزيرة لكل خبر قد يكون موضوعه صفقة عسكرية أمريكية مع دولة عربية أو فتح قاعدة عسكرية في دولية عربية كقاعدة أفريكوم مثلا ,حيث تكشر هذه القناة عن أنيابها وتتصف بالوطنية و القومية وبالمبادئ العربية المقاوماتية متهمة الدولة العربية بالخيانة و العمالة لكونها ستفتح قاعدة عسكرية أمريكية على أرضها حيث تمتلئ برامجها بالعديد من المحللين من هنا وهناك هدفهم المشترك هو تشويه تلك الدولة و التنديد بفتح تلك القاعدة العسكرية ,وبصفتي كمواطن عربي أشكر قناة الجزيرة على هذه الخصال الحميدة لكن هل نسيت أم تناست هذه القناة أن هناك قاعدة عسكرية أمريكية في قطر ربما يفوق عدد جنودها سكان قطر الأصليين ؟ فلماذا لا تهتم بهذا الموضوع مادامت تعزف على أوتار ميثاق الشرف الصحفي؟ و أخيرا كنت أود إضافة العديد من الإنزلاقات لهذه القناة لكن حبي للقارئ أوقفني فحتى لا أطيل عليكم ليس كل من يتغنى بالرأي و الرأي الاخر ذات مصداقية لأنها مجرد أقوال وليس أفعال. فهناك مئات القنوات العربية تحملها أقمار صناعية تجوب الفضاء بأموال عربية مهمتها لم تكن أبداً .. البحث العلمي وتطوير قدرات الشعوب أو كشف الحقائق . هذه القنوات لها مهمة محددة المعالم وأهداف واضحة تستطيع أن تستخلصها من أول ساعة مشاهدة فهي تساهم في تخدير الشعوب ، وحصر أفكاره فيما تمليه عليه فقط وهذا ماتنهجه قناة الجزيرة فقبل أن تتبنى الشعارات يجب أن تعرف فحواها , فكم من مشكل صغير في دولة عربية تضخمه هذه القناة وتراه في معظم نشراتها الإخبارية ليس حبا في نقل الخبر إلى المواطن العربي أو كشف الفساد في الأنظمة و الحكومات العربية بل فقط لتنفيذ أهداف مغرضة تكون مخططة مسبقا ,ففي قطر من الفساد و الإنزلاقات و المواضيع ما تملئ به هذه القناة برامجها ونشراتها الإخبارية. وخلاصة القول سأكون سعيدا جدا كمواطن عربي عندما أرى هذه القناة تتبنى فكرة المصداقية فعلا وليس قولا بمعنى التركيز على مبدأ "لنا وعلينا" أي ألا تخضع للإغراءات و الإملاءات الخارجية وأن تساوي في برامجها وموادها الإخبارية بين كل الدول العربية بما فيها قطر ,فحينئذ يشرفنا أن نشاهد هذه القناة ونفتحر بها أما الان فعيب على هذه القناة أن تتخد من جملة الرأي و الرأي الاخر شعارا تملئ به فواصل إشهار القناة فقد كان الأجدر بها أن تتبنى فكرة الرأي و الرأي الواحد فهو الأصلح لها في الوقت الحالي لأنها بتبنيها للشعار الأول تكون قد اتسمت بالنفاق الإعلامي وتأكد تنفيذها للمآرب السياسية. **