ربما أيقن الجميع الآن وعلى رأسهم المسؤولون العرب أن منطق التاريخ غالب في النهاية، وأن إرادة الشعوب لا بد أن تعبر عن نفسها. وعل في هذا اليقين ما يقنع من لم يقتنع بعد بالعودة إلى عقله، ويتراجع عن كل الممارسات القمعية والاستبدادية والاستئثارية، ويتصالح مع شعبه على أساس الخضوع لإرادة الشعب. في فلسطين، أذاقتنا اتفاقية أوسلو الويلات فاقتتلنا وتمزقت صفوفنا، وألحقت بالشعب الذل والهوان حتى بات التنسيق الأمني مع العدو أمرا يوميا مقبولا لدى فئة واسعة من الناس، وسلمنا الكثير من أمورنا للأمريكيين وأعوانهم، الخ. لم نجن من هذه الاتفاقية وملحقاتها إلى الشرور والأضرار والآثام حتى أصبح الأخ ضد أخيه، والجار ضد جاره. فهل نعيد التفكير فيما نحن فيه؟ إنني أدعو السلطة الفلسطينية أن تختصر الطريق على الجميع، وأن تختزل المسافات والمعاناة، وتعزم على إلغاء اتفاقية أوسلو وما ترتب عليها من اتفاقيات، والتوقف عن كل ما ترتب على ذلك من إجراءات وسياسات. الأجواء في الوطن العربي مشحونة، والحكيم من يستبق الحدث ولا ينتظره، وصاحب الرأي هو من يعترف بخطأه قبل أن يعرفه من غيره. نحن لسنا بحاجة إلى تنازع، ولا للمزيد من إضاعة الوقت والاشتباك الكلامي، وبإمكاننا أن نعود إلى أنفسنا لنفكر فيما نحن فيه، وفيما يجب أن نعمل بعد تمزيق اتفاقية أوسلو وما ترتب عليها. نحن ندرك تماما أننا تحت الاحتلال، ولسنا دولة حرة ذات قرار، لكن بإمكاننا أن نكون أصحاب قرار في مواجهة الاحتلال إذا قررنا إخراج هذا الاحتلال من حسابات العلاقات الداخلية فيما بيننا. ونحن ندرك أن ضنكا من العيش سيلحق بنا مؤقتا، لكن الشعوب لا تعدم وسيلة لكي تشق طريقها إلى الأمام. الأموال الغربية لم تكن يوما من أجل فلسطين وإنما من أجل تمكين إسرائيل، وأن نقبل عسرا ماديا الآن، أفضل من أن يضيع الوطن نهائيا. لنمزق اتفاقية أوسلو، واتفاقية طابا، واتفاقية واي ريفر وغيرها، ولنقف على أقدامنا شامخين مفضلين الجوع على الركوع. نحن بإذن الله قادرون، وعهد الله أنه ناصر المؤمنين الصابرين. جميعا نحو فجر فلسطين جديد محتضنا فجرا عربيا جديدا