في الوقت الذي يضج العالم وينشغل بحكاوي الويكليكس وتسريب المُسرب من هذه الإعداد الهائلة التي تحتاج إلي سنوات وسنوات لكي يتم فرزها وتجنيبها من حيث الأهمية والمصداقية والتي قالوا لنا عنها بأنها سرية والتي لم نجد فيما قالوا عنه أي سرية او أي جديد من غزو العراق وإحتلاله وإغتيال رئيسه وحتي أحاديث الحكام والمسئولين العرب الجانبية ومواقفهم السياسية والتي جاءت في تقارير موظفي السفارات الأمريكية من مستوي وكيل خارجية إلي مستوي سفير ولاتوجد وثيقة واحدة مما تم نشره وأعتباره فضيحة إلا وهو معلوم لكل مواطن عربي فكل المواقف الخاصة بهؤلاء الحكام والساسة العرب تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلي وثائق من هنا أو هناك إلا إذا كان لتسريب المُسرب أهداف ومآرب أخري تكمن في خلفية السياسة الأمريكية والدليل علي ذلك هناك مؤامرات تجري علي الساحة السياسية ولم نسمع ولم نقرأ لها أي وثائق، وبينما نحن منشغلين بهذه النميمة السياسية وهذه الفتن منزوعة الدسم يجري العمل علي قدم وساق في تفكيك السودان إحدي الدول العربية الكبيرة والإستراتجية وفصل شماله عن جنوبه وتسليمه إلي دولة الكيان الصهيوني ليتحويل هذا السودان إلي دويلات وأقاليم متناحرة فيما بينها وهو الوضع الذي بدأ يستشعره اليوم ويستفيق منه الرئيس السوداني عمر البشير والمطلوب ضبطه وإحضاره من قبل المحكمة الجنائية الدولية علي خلفية أتهامة بارتكاب جرائم حرب في دارفور والذي مورست عليه ضغوطا دولية وعربية لقبول التوقيع علي أتفاقية " نفاشا في 2005" والذي توصلت فيه الأطراف الي حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان عن طريق أستفتاء لتحديد وضعهم مستقبلا (بروتوكول مشاكوس) إلي هنا وكل شئ يبدو طبيعيا فهناك أستفتاء عام جاء سيكون موعده في "كانون ثان " يناير 2011 المقبل من أجل التصويت علي تفكيك وفصل شمال السودان عن جنوبه، في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة الدبلوماسية والهيمنة الأمريكية من أجل أن يتم الأستفتاء علي الأنفصال الفعلي بشكل يضمن قبول المجتمع الدولي لهذا الأنفصال والذي لوح به الرئيس الأمريكي اوباما في قوله إذا لم يتم أجراء أستفتاء تقرير المصير في جنوب السودان بطريقة سلمية وطبقا لما هو متفق عليه سيؤدي ذلك إلي سقوط ملايين القتلى في حال فشل العملية والمقصود هنا عملية الأنفصال والذي يعطي لإسرائيل الحق في السيطرة علي ثروات السودان و التحكم في منابع النيل والتلاعب بحصة مصر من المياه ، وعلي الرغم مما يجري للسودان علي أرض الواقع نجد هناك من الأنظمة العربية من يساهم او يشارك في المخطط التقسيمي والأنفصالي سواء كان مساهمة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق ترك السودان يواجه مصيرة وحيداً بعيداً عن حاضنته العربية فيبدو أن المواقف الرسمية العربية وصلت إلي درجة من اللا مبالاة وكأن هذا البلد قد سقط من الخريطة السياسية للأمة العربية وجغرافيتها بعد أن أسقطوا العراق وتم تفكيكه وباعوا فلسطين ولم يتبقي بعد ذلك إلا مصر وسوريا والسعودية ولبنان ، وإن كان هذا المخطط التقسيمي والإنفصالي هو أول من يستهدف مصر قلب الأمة العربية لأنها هي الجائزة الكبرى بعد الانتهاء من هذا المخطط الصهيوأمريكي ،إلا أن كل المؤشرات تؤكد علي أقتراب هذا الخطر من مصر ومع ذلك لم نجد من يقف في وجه هذه المؤامرة ومحاولة إنقاذ السودان وهو الذي يمثل الأمتداد الطبيعي والتاريخي والجغرافي لمصر ومنعها من الوقوع في براثن الصهيونية بعد الفراغ العربي والإسلامي الذي ينشأ من هذا الأنفصال والذي يتحول علي أثرها الجنوب السوداني إلي أرض خصبه ومرتع لإسرائيل . أما السؤال الذي نطرحه علي أنظمتنا العربية الي متي يظل هذا الصمت ولماذا تصمتون وماذا تنتظرون ؟ ولماذا تغيُبون شعوبكم وتغرقوهم في بحور من المشاكل الأقتصادية والسياسية من أجل تمرير الصفقات والأتفاقيات مع الصهاينة والأمريكان من أجل ضمان البقاء ومن الذي يضمن لكم بان ما جري للعراق وما يجري للسودان لن يأتي لكم في القريب العاجل لان هذا هو ثمن من يفرط او يبيع او يتوسل او يستهين بشعبه فلن تنقذكم أمريكا او إسرائيل وسوف يأتي اليوم الذي تنكشف فيها المواقف والأسرار ونشرها وتسريبهاعلي مواقعهم ، إن ما يجري للسودان أمام أعيننا ما هو إلا حلقة من مسلسل إستعماري جديد قادم إلينا بشكل يختلف عن قوي الأستعمار القديم الذي قام بالغزو العسكري الهمجي لبلادنا وأحتلالها بالقوة العسكرية الذي أغرقها في كم كبير من المشاكل ولذا قررت هذه الدول الإمبريالية من قوي الشر إلي الألتفاف علي هذه البلدان لتحقيق ذات الأهداف الإستعمارية و الشيطانية الخبيثة ولكن بوسائل القوة الناعمة التي يجري تنفيذها اليوم بأساليب أخري وهو ما نشاهده ونعيش وقائعه اليوم في السودان ، الأمر يا عرب في غاية الخطورة أمريكا وإسرائيل لم يخفيان أهتمامهم الخاص ومساعيهم من أجل التأكيد علي السير في أتجاه التفكيك والأنفصال ،كل التقارير الأمريكية تتحدث عن ذلك بوضوح و لم تخرج من ويكليكس ولكن خرجت من تصريحاتهم العلنية والتي تتحدث عن منح إحدي الشركات الأمنية عقودا بملايين الدولارات للقيام بتأهيل وتدريب متمردي جنوب السودان وتحويلهم إلي قوات عسكرية مقاتلة علي غرار الشركات الأمنية الخاصة في العراق من"بلاك ووتر" وغيرها والتي أغرقت العراق في بحور من الدماء ،هذه الأهداف والوقائع لم تعد خافية علي أحد فكل ما يجري من تصعيد علي مستوي القارة الأفريقية هومن صنع الكيان الصهيوني وأصابعه الخفية وما صدر من تصريحات أثيوبية علي لسان "ميلس زيناوي " في تهجم علي مصر ما هو إلا نتيجة لهذا التصعيد الذي تحدث به رئيس الوزراء الأثيوبي بلسان حال الكيان الإسرائيلي في صفاقة واضحة بالرغم من تأكيد مصر علي متانة العلاقات المصرية الإثيوبية ؟! أن ما يحدث ويجري في السودان بإعتبار أن ما يجري هو حق تقرير مصير سوف يكون حافزاً لكثير من شركاء الوطن الواحد بالمطالبة بهذه الحركات الإنفصالية وأستخدام هذه الورقة في الضغط علي الحكومات من أجل الدفع في هذا الطريق ، لابد أن ندرك بان العبث الصهيوني والأمريكي علي أشده في تدخله السافر علي القارة السمراء في الوقت الذي غاب عنه التواجد العربي والإسلامي الغارق في بحور من الأزمات ، إسرائيل تمد جسور التواجد بدول حوض النيل وتمول بناء السدود الذي يمكنها مستقبلا من التحكم في حصة مصر من مياه النيل والتي تعد من أول أولويات الكيان الصهيوني في حربه ضد مصر مما يزيد من سوء الوضع المصري الذي يسهل عليها سقوط مصرمن حساباتها الإقليمية والتي سقطت بالفعل وهو ما عبر عنه رئيس الموساد الإسرائيلي السابق والذي أقر وأعترف فيها باختراق غالبية النظم العربية وعلي رأس هذه النظم مصر والتي لعب فيها جهازه علي ورقة الفتنة الطائفية ، إذا سقطت مصر فسوف تزول كل النظم العربية ولم يعد أمامنا إلا أن نكون أو لا نكون الهدف الأكبر هو تفتيت الوطن العربي من خلال تحريك الأقليات وتداول مفهوم حق تقرير المصير والتي يتم أستغلالها للدخول إلي هذا المنزلق الخطير وتفكيكه وتحويله إلي مجموعات من دويلات وملوك طوائف ورؤساء حرب يتم تحريكهم بحسب الطلب ومتي أقتضت الحاجة ، نقولها مراراً وتكراراً لابد أن نتحرك قبل ضياع الثواني المتبقية وإفشال المخططات وألا تشغلنا قضايانا الداخلية عن السودان الذي إن حدث وتفكك سوف تكون بداية علي طريق تفكيك وبيع الأوطان ولا عزاء لأصحاب الجلالة والفخامة الرؤساء والملوك العرب . الوعي العربي