نظم مجلس مدينة فاس ومؤسسة فاس للإرث الأندلسي حفل تقديم كتاب : "مآسي الأندلس" للدكتور محمد بن عبد الرحمن البشرسفير المملكة العربية السعودية بالمغرب، صبيحة يوم السبت 23 أكتوبر 2010، برحاب قصر المؤتمرات بفاس. بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم ، ألقت المشرفة على تنظيم هذا الحفل ، والساهرة على إنجاحه، الدكتورة كنزة الغالي كلمة تقديمية هامة ، رحبت فيها بجميع الحضور وفي مقدمتهم مستشار صاحب الجلالة الدكتور عباس الجيراري، ووالي صاحب الجلالة لجهة فاس- بولمان السيد محمد غرابي، عضو أكاديمية المملكة المغربية الدكتور عبد الهادي التازي ، المحتفى به سعادة سفير المملكة العربية السعودية بالمغرب الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، سعادة سفير الجمهورية العربية السورية. وفي معرض حديثها عن كتاب : "مآسي الأندلس" أبرزت الدكتورة كنزة الغالي أنه ذو أهمية قصوى باعتباره يتعرض لحقبة تاريخية مهمة متجلية في نبشه في تاريخ الأندلس بطريقة بديعة، ولم يفتها أن نوهت بمؤلفه الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، الذي رحبت به ترحيبا خاصا في كلمتها التي حضيت باهتمام جميع الحضور. بعدها ألقى الدكتور علال العمراوي كلمة باسم عمدة مدينة فاس السيد حميد شباط، رحب فيها بجميع الحضور،و ذكر بالتاريخ العريق لمدينة فاس وما تكتسيه من أهمية بالغة باعتبارها العاصمة العلمية والروحية للمملكة المغربية، ومهد المفكرين والعلماء الكبار، كما ذكر بالتاريخ المشترك لها والأندلس حيث أشار إلى أنه يستحيل ذكر مدينة فاس دون ذكر الأندلس باعتبارهما تتوحدان في مجموعة من المميزات، بل إن مجمل ما تزخر به الأندلس من ثرات فني وحضاري ومعماري يتجسد داخل مدينة فاس. أما مدير معهد سيرفاتيس السيد رودريغيت خيمينيث ،فقد تطرق في كلمته إلى كون الأندلس تشكل موضوعا شيقا لابد من دراسته، وأشار إلى أن المعهد قد سبق له أن نظم أياما دراسية حول ثقافة الأندلس، حيث ثم إلقاء محاضرتين هامتين الأولى تتحدث عن معالم المعمار في تلك الحقبة كمسجد قرطبة و مدينة الزهراء، والثانية حول ارتباط الأندلس بالمسلمين . أما بخصوص مؤلف : "مآسي الأندلس" فقد أكد السيد رودريغيت خيمينيث أن سعادة السفير الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، يضع بين أيدينا صفحات من تاريخ أفول نجم الأندلس، و أن هذه الحقبة من تاريخ الأندلس تميزت بالتعايش بفضل الازدهار الثقافي، حيث حضيت باهتمام الباحثين والمؤرخين و رجال الفكر والعلوم والفن، إنها في نظره نموذج رائع لتعايش الديانات والتسامح والتوافق بين الأديان. من هذا المنطلق يقول مدير معهد سيرفانتيس: "يمكننا أن نبني مجتمع رخاء يسوده الحوار ويؤسس مشهده الكلمة والعدل، فالحوار مكون عالمي وإنساني واللغة وحدها لا تكفي". وفي ختام كلمته شكر السيد رودريغيت خيمينيث سعادة السفير على هذا الإصدار الهام، وأكد بأن الجميع إخوة ويجب العيش بسلام. وفي كلمته أبرز المحتفى به الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، سفير المملكة العربية السعودية بالمغرب، شرفه الكبير بأن يكون سفيرا بالمملكة المغربية الشقيقة، إذ لم يخفي إعجابه بها، وأشاد بالتقدم والازدهار اللذان تعرفهما، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده . كما أتى على شكر الجميع، خاصة مستشار صاحب الجلالة الدكتور عباس الجيراري، والي صاحب الجلالة لجهة فاس- بولمان السيد محمد غرابي، عضو أكاديمية المملكة المغربية الدكتور عبد الهادي التازي ،عمدة مدينة فاس السيد حميد شباط، سعادة سفير الجمهورية العربية السورية، مدير معهد سيرفانتيس السيد رودريغيت خيمينيث ، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله. بعدها عرج الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر للحديث عن مؤلفه: "مآسي الأندلس" إذ أوضح أنه شكل بدايته للكتابة عن آل الأندلس و لا يمثل سوى عنوانا ولا يتعداه إلا الحكم على الأندلس، باعتبار أن الأندلسيين كتبوا عن الأندلس ، كما أنه لا يتوفر على حواشي لعدم التأثير على تشتت أفكار القارئ العادي بالعودة إلى الهوامش. إن التاريخ من منظوره، عبارة عن لوحات، فيها الجميل وفيها القبيح وفيها أيضا الخليط بين الاثنين، ويشارك عدد غير يسير من الأشخاص في رسم تلك اللوحات، و اللوحات التاريخية الحديثة المجردة تكون متفاوتة الجمال، وبالتالي فإن تاريخ الأندلس يمثل لوحات جميلة جمال أهلها، لكن تلك اللوحات في نظره لا تخلو من لوحات قبيحة، هذه الأخيرة أشار إلى تضمن مؤلفه لها وإن كان عددها قليلا مقارنة باللوحات الجميلة التي رسمها الأجداد،وتاريخ الأندلس بالنسبة له، هو تاريخ العرب وتاريخ الشعب الإسباني، فالأندلسيون هم مزيج رائع، وأن جميع الحكام لم يكونوا عربا وإنما أبناء جواري ذوي أصول أوربية أو بربرية كما هو الشأن لعبد الرحمن الداخل، إذ جربوا الحكم دون توريث ، حيث حكمهم نحو 17 حاكما في غضون 40 عاما ولم يشهد استمرارا، وجربوا الحكم الأسري فاستقامت أحواله، وكان مقياس الاستقرار من عدمه يكمن في لذة السلطة ولذة الحكم، فبين أن لذة السلطة تجعل التضحية بالناس والأرض والمال مباحا، ولذة الشهوة تجعل الحاكم الأندلسي يضعف أمام الجواري والزوجات والأبناء والشراب. كما تطرق إلى أن الإنسان حينما يدرس التاريخ يدرسه للمعرفة والاستمتاع و الاعتبار من ناحية أخرى، فقد رسم له التاريخ لوحة من الدمار والتقدم الناجم من الحروب ولم يتغير وبدأ يشعل الحروب، ومن كان يرفع شعار العلاقات الودية على المصالح وليس العدل والحق ،رسم له التاريخ لوحة عن مساوئ استخدام القنبلة الذرية ومع هذا مازال يملك ترسانة منها يمكنها تدمير العالم. وفي ختام كلمته قال الدكتور:"إننا لم نعتبر من التاريخ وكبدنا قراءته للمتعة، كما بدد حكام الأندلس الحكم في سبيل الشهوة والمتعة واللذة، فإن كان الأمر كذلك فإني أخشى أن يصيب الأمر ما أصاب الأندلس وغيرها من بقاع العالم الذي يرسم التاريخ لوحات قبيحة على تراثها ،فلعلنا نعتبر من التاريخ ونعيش بسلام". من جانبه أثنى مستشار صاحب الجلالة الدكتور عباس الجيراري على المحتفى به سعادة سفير المملكة العربية السعودية بالمغرب الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، ونوه تنويها خاصا بمؤلفه "مآسي الأندلس"، حيث وضح الأهمية البالغة لهذا الأخير، واعتبر أنه لا يتحدث عن تاريخ الأندلس فقط وإنما عن تاريخ المغرب والأندلس معا، وبالتالي فإن عنوان الكتاب لا يختصر ما ورد داخله . أما عضو أكاديمية المملكة المغربية الدكتور عبدالهادي التازي فلم تخلو كلمته أيضا من الإشادة بالدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر، باعتباره استطاع التوفيق بين مهمته كسفير وبين مهمته كمؤلف ،ولأنه أيضا قدم عملا مهما عن تاريخ الأندلس، إذ لم يخفي إعجابه بمؤلف "مآسي الأندلس"، والطريقة التي كتب بها، حيث أشار إلى أن من يقرأ الكتاب لا يمل منه ولن يرتاح له بال إلا بعد إتمامه وبداية قراءته من جديد. نشير إلا أن هذا الحفل عرف أيضا تدخلات العديد من الأساتذة الباحثين و المتخصصين، من بينهم الدكتور سعيد سبيعة رئيس مؤسسة فاس للإرث الأندلسي ، الدكتورة سعيدة العلمي رئيسة مركز الدراسات الأندلسية المغربية ووحدة الدكتوراه: تحقيق تراث الغرب الإسلامي، الدكتور عبد الواحد أكمير : رئيس مركز دراسات الأندلس وحوار الحضارات، الدكتور أحمد بن رمضان: شعبة الدراسات الإسبانية، الدكتور عبدالإلاه بلمليح: رئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية- ظهر المهراز. ولأهمية الحدث، فقد حضر هذا الحفل العديد من الشخصيات الوازنة في عالم الفكر والسياسة والأدب، وشخصيات من المجتمع المدني، وطلبة جامعة سيدي محمد بن عبد الله، ومنتخبي و برلماني مدينة فاس، ورجال الإعلام والصحافة الوطنية والدولية التي خصت هذا الحفل بتغطية شاملة.