- هناك نوعا من الآليات للتحكم في مسار ونتائج الانتخابات في المغرب: النوع الأول: يتم عبر التشريع أي بواسطة النصوص القانونية. والنوع الثاني: يمارس من الناحية الواقعية وضد على القانون. التحكم في مسار ونتائج الانتخابات بواسطة القانون. يستعمل النظام السياسي بالمغرب، من بين ما يستعمل، من أجل التحكم في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، القانون الذي يتحكم فيه بدوره عبر المؤسسات التي تصنعه وهي الاستفتاءات المغشوشة والمؤسسة التشريعية (البرلمان بغرفتيه)، والمؤسسة التنفيذية (الحكومة). - وأعلى درجة في القانون هو الدستور: ومن المعلوم أن مختلف مشاريع الدساتير التي عرفها المغرب، ابتداء من دستور 1962 وانتهاء بدستور 1996، كلها مشاريع وضعها الحكم المخزني في المغرب، وفي غياب عن القوى الديمقراطية الممثلة للشعب، وليعرضها بعد ذلك، للمصادقة بنعم أو لا بواسطة استفتاء مغشوش ترفع فيه نسبة المشاركة المزورة إلى أكثر من 90 % كذلك. هذا مع العلم بأن الدستور له أهمية كبيرة: لأنه هو الذي يحدد الاختيارات الأساسية للبلاد، هذه الاختيارات التي؛ إما أن تكون معبرة عن رغبات الشعب ومصالحه، أو عن الرغبات والمصالح الخاصة للطبقة السياسية التي تحكمه. كما أن من بين مهام الدستور، الأساسية هو تحديد اختصاصات السلطة التشريعية (البرلمان) واختصاصات السلطة التنفيذية (الحكومة) واختصاصات السلطة القضائية. والعلاقات بين هذه السلط الثلاث وإصدار قانون المالية. وبالنسبة للمغرب، فإن الدستور، بالإضافة إلى ما ذكر، يحدد سلطات الملك وعلاقتها مع باقي السلط الثلاث، وهي علاقة هيمنة؛ بما تعنيه الهيمنة من تأثير وتوجيه وخلق وتعطيل وتداخل في الاختصاصات... - ومن المعلوم: - أن المادة الثالثة من الدستور تنص على الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم، وأن نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع وهو شيء غير محبذ وغير مرغوب به في البلدان الديمقراطية حقا وحقيقة، ولكن في البلدان المتخلفة التي تدعي الديمقراطية واتخاذها كشعار وكواجهة للدعاية، مثل المغرب، فقد تتخذ من تعدد الأحزاب والنقابات والجماعات المحلية للتحكم، قانونيا وفعليا، في الخريطة الانتخابية، سواء على مستوى مجلس النواب، التي تساهم في انتخابه الأحزاب السياسية، وذلك عبر مؤيديها والمتعاطفين معها المسجلين في اللوائح الانتخابية، أو على مستوى مجلس المستشارين التي تنتخبه هيئات ناخبة تتألف: من ممثلي الجماعات المحلية، ومن المنتخبين في الغرف المهنية، ومن ممثلي المأجورين (المادتان 36 و38 من الدستور). - وتبعا لما ذكر، وكما سنرى بشيء من التفصيل، فإن النظام السياسي في المغرب يستطيع التحكم في البرلمان، بغرفتيه، حتى ولو لم يلجأ إلى التزوير، عن طريق التحكم في الخريطة الحزبية والنقابية والمجالس المحلية، والغرف المهنية. - وبالرغم من كون الدستور ينص في فصله الرابع على أنه ليس للقانون أثر رجعي، فإن النظام السياسي في المغرب، مجسما في المؤسسة الملكية، خرق هذه القاعدة الجوهرية في العديد من المسائل الأساسية، ومنها المسألة الانتخابية، وذلك عبر التأويل الواسع لمقتضيات في الفصل 19 من الدستور، وهو فصل ذو عبارات فضفاضة تسمح بالعديد من التأويلات التي تعطي للملك اختصاصات واسعة لا حدود لها، بالإضافة إلى الاختصاصات المحددة في الدستور : وهكذا: - اعتمادا على كون الملك يمارس اختصاصاته الدستورية بواسطة ظهائر (الفصل 29 من الدستور). - وارتكازا على مقتضيات الفصل 103 من الدستور التي يخول الملك صلاحية مراجعة الدستور وبالتالي تعديله وذلك عن طريق عرض مشروع المراجعة أو التعديل على الاستفتاء، فقد عرض الملك الحسن الثاني، بمقتضى ظهير، تعديل الفصل 43 من دستور 1972، وهو الفصل المتعلق بمدة ولاية مجلس النواب من أربع سنوات إلى ست سنوات. - وإذا كان من المقبول رفع المدة المذكورة بواسطة تعديل الفصل 43 من دستور 1972 وعن طريق الاستفتاء، فالذي لا يجوز، بمقتضى الدستور، وطبقا لمبدأ عدم جواز رجعية القوانين (الفصل 4 من الدستور)، هو تطبيق المدة الجديدة المرفوعة على النواب المنتخبين على أساس المدة القديمة. لكن، ومع ذلك، فإن هذا التعديل طبق على البرلمانيين المنتخبين في سنة 1977، وعلى أساس ولاية أربع سنوات والذين انتهت ولايتهم الانتخابية في سنة 1981 ومع ذلك لم تجر الانتخابات في هذه السنة وإنما مددت ولايتهم لسنتين بمقتضى ظهير وارتكازا على الفصل 19 من الدستور. وعندما رفض البرلمانيون الاتحاديون الامتثال لهذا التمديد، عن طريق مقاطعة دورة أكتوبر 1981، تم تهديدهم ومضايقتهم إلى أن رجعوا إلى متابعة دورات البرلمان... وعلى المستوى القانوني: - من المعروف أن القانون ينظم مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. والحكم السياسي بالمغرب يتحكم في خلق القانون وتعديله وإلغائه، عبر التحكم في المؤسسة الدستورية التي تصدر القانون وهي المؤسسة البرلمانية، (مجلس النواب ومجلس المستشارين "م 46 د")، وعن طريق التحكم في السلطة التنفيذية (الحكومة) التي تختص بالتشريع في المجال التنظيمي (الفصل 47 دستور). - ومن بين القوانين والقوانين التنظيمية التي يختص بها البرلمان: النظام الانتخابي لمجالس الجماعات (الفصل 46 دستور)، والنظام الانتخابي لمجلس النواب (الفصل 37 دستور)، والنظام الانتخابي لمجلس المستشارين (الفصل 38 دستور)، - والقوانين الانتخابية يتحكم فيها الحكم المخزني عبر التحكم في البرلمان التي ينتجها، ويتم التحكم في انتخاب البرلمان عبر التزوير والتزييف والغش ومختلف أوجه الفساد التي عرفها المغرب منذ الاستقلال ولغاية تاريخه، وعلى مستوى كافة المؤسسات المنتخبة التشريعية منها والجماعية والمهنية. - ومن بين ما صدر عن البرلمان: مدونة الانتخابات (قانون رقم 97 – 9 الذي لحقته عدة تعديلات) وقانون الأحزاب ( قانون رقم 04. 36). كما يختص البرلمان بالتشريع في النظام الأساسي للقضاة.. - وفي حالة توقف البرلمان عن ممارسة مهامه التشريعية، وذلك في الحالات التي ينص عليها الدستور، (الحل – إعلان حالة الاستثناء..) فإن الملك يحل محله في التشريع، بالإضافة إلى اختصاصاته الأخرى المنصوص عليها في الدستور... - وهكذا، فبالإضافة إلى هيمنة السلطة الملكية، دستوريا، على باقي السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية، فإن العديد من النصوص الواردة في القوانين المشار إليها وفي قوانين أو مراسيم أخرى، تسهل للنظام السياسي في المغرب عمليات التحكم في صنع الخريطة الانتخابية، سواء على مستوى صنع المؤسسات التشريعية (البرلمان بغرفتيه) أو على مستوى المؤسسات المحلية (الجماعات المحلية)، أو على مستوى الغرف المهنية. - وعلى وجه المثال: - فحسب النصوص الواردة في مدونة الانتخابات: - فإن وزارة الداخلية، عبر ولاتها وعمالها ونوابهم ومساعديهم، هي التي تتشرف على إعداد وتسيير كافة ما يتعلق بالعمليات الانتخابية، ابتداء من إعداد اللوائح الانتخابية ومراجعتها وتسليمها وبطائق الناخبين وأوراق التصويت، ومشاريع التقسيم الانتخابي، الدوائر الانتخابية، ومرورا بمكاتب التصويت، سواء من حيث عدد هذه المكاتب، أو مقارها، أو تعيين من سيديرها من: رؤساء وأعضاء ونواب. هذا مع العلم بأن هذه المكاتب هي التي تشرف على عمليات التصويت والفرز وإعلان النتائج. ومن مجموع نتائج التصويت، التي تعلن عنها مكاتب التصويت والمكاتب المركزية للتصويت التابعة لدائرة انتخابية معينة، يعلن عن النتائج النهائية التي يتحدد من خلالها أسماء الفائزين والفائزات... - ولا يمكن القول، بأنه حتى في دول الديمقراطيات الغربية فإن وزارة الداخلية هي التي تشرف وتدير العمليات الانتخابية، لا يمكن القول بذلك، لأنه في هذه الدول، فإن الديمقراطية موجودة وراسخة، حقا وحقيقة، سواء على مستوى النصوص الدستورية والقانونية، أو على مستوى الممارسة والتطبيق لتلك النصوص، والكلمة الأولى والأخيرة لسيادة القانون، ومن يخرج عن القانون فالجزاءات المدنية والتأديبية والجنائية تنتظره كيفما كان مركزه، كما أن الدساتير والقوانين المطبقة له، صادرة عن مؤسسات ممثلة للإدارة الشعبية وتتوفر فيها كافة الضمانات المتعلقة بحماية الحقوق. وتطبيق النصوص القانونية، تطبيقا صحيحا، ليس مراقب من طرف القضاء، المستقل والنزيه والكفء فقط، وإنما أيضا من قبل البرلمان ومن طرف جميع الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها الإيديولوجية والسياسية والاجتماعية، ومن قبل كافة فئات المواطنين الواعين المتمسكين بحقوقهم واستعدادهم للدفاع عنها مهما كان الثمن. والأمر مختلف عن ذلك كل الاختلاف في المغرب... - ومن بين التعديلات التي لحقت مدونة الانتخابات (م.ن) وفي القانون التنظيمي لمجلس النواب جعل لوائح المرشحين التي لا تحصل على 6 % على الأقل غير مؤهلة للمشاركة في توزيع الأصوات المعبر عنها، وهذا المقتضى المقصود به تقزيم عدد المقاعد التي يمكن أن تحصل عليها الأحزاب اليسارية المناضلة ضد الحكم المخزني، وهي الأحزاب المعروفة بمواقفها الإيديولوجية والسياسية، المناهضة للاستغلال والظلم بجميع أنواعهما وبفضحها لسلوكات وتصرفات النظام السياسي وإداراته ومؤسساته الفاسدة، وبسعيها الحثيث والمستمر في توعية الجماهير بحقيقة خصومها وفي تعبئتها لمواجهتهم. إنها الأحزاب المخلصة التي لا تعتمد في الوصول إلى المؤسسات المنتخبة على شراء الأصوات ولا على أموال الأعيان ولا على دعم الدولة المشروط بالولاء وبالصمت عن فضح الفساد، وبحجم الأصوات والمقاعد المحصل عليها عبر كافة أنواع الغش والتزوير والتضليل والفساد... إن اشتراط سقف معين لمشاركة لوائح المرشحين في توزيع الأصوات المعبر عنها، ليس المقصود منه عدم بلقنة المؤسسات المنتخبة، وإنما المقصود منه حرمان اليسار المناضل من الوصول إلى المؤسسات المنتخبة، أو وصوله إليها بعدد ضئيل غير مؤثر...، وهذا سبب من الأسباب القانونية التي تمكن الحكم من التحكم في نتائج الانتخابات. الدعم المالي كوسيلة من وسائل تحكم النظام السياسي المغربي في النتائج الانتخابية: - يعتبر العامل المالي، من العوامل المهمة في تحركات الأحزاب سواء على مستوى التسيير والإدارة والأنشطة والتحركات، داخل المغرب وخارجه، أو على مستوى الطبع والنشر والإعلام أو على مستوى ربط العلاقات، أو على مستوى الحملات الانتخابية... - وإذا كانت الأحزاب الموالية للحكم والمهادنة له تعتمد في تمويلها على الأعيان والمؤسسات والمقاولات التي تدافع عن مصالحها وعلى دعم الدولة، فإن الأحزاب اليسارية، المناضلة، وفي مقدمتها حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، لا تعتمد في تمويلها، الضئيل والمحدود، إلا على ما يقدمه إليها مناضلوها ومناصروها والمتعاطفون معها، وإلا على ما تقدمه إلياه الدولة، في حدود ضيقة جدا، ذلك لأن الدولة، تربط تقديم الدعم المالي السنوي للأحزاب، بانخراط هذه الأخيرة في الانتخابات التشريعية (البرلمان) والمحلية (لمجالس الجماعات المحلية الحضرية والقروية): - وهناك نوعان من الدعم الذي تقدمه الدولة للأحزاب المشاركة في الانتخابات: - النوع الأول: يخص الدعم السنوي الهادف إلى مساعدة الأحزاب في تغطية مصاريفها التدبيرية. وهذا الدعم مشروط، من ناحية بانخراط الحزب في الانتخابات العامة التشريعية وحصوله على 5 % على الأقل من عدد الأصوات المعبر عنها برسم مجموع الدوائر الانتخابية المحدثة وفقا لأحكام المادة 2 من القانون التنظيمي رقم 97. 31 المتعلق بمجلس النواب(المادة 29 من قانون الأحزاب). ومن ناحية أخرى، فإن حجم الدعم السنوي مربوط بحجم عدد الأصوات والمقاعد المحصل عليها. ومن المعلوم أن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بقي، ولحوالي أربعة عقود، يقاطع انتخابات مجلس النواب، بل وباقي المؤسسات العمومية المنتخبة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإنه، وفي ظل العزوف الانتخابي المتصاعد، لم يسمح الحزب لنفسه باستعمال وسائل غير مشروعة ولا وعود مضللة كاذبة للحصول على الأصوات والمقاعد، فكانت النتيجة هي عدم الحصول ولغاية تاريخه على أي دعم سنوي. - أما النوع الثاني: من الدعم المقدم من الدولة للأحزاب السياسية واتحادات الأحزاب، فهو الدعم المقدم لتغطية الحملات الانتخابية الخاصة بالانتخابات العامة الجماعية والتشريعية وكذلك في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية والنقابات للمشاركة في انتخاب أعضاء مجلس المستشارين. وحجم الدعم مربوط بحجم الأصوات والمقاعد المحصل عليها، مع العلم، وكما هو الشأن بالنسبة للنوع الأول من الدعم، فإن الحزب لا يستعمل وسائل الغير المشروعة من أجل الحصول على الأصوات والمقاعد، ومن ناحية أخرى فإن الحكم المخزني لن يسمح له ولأحزاب اليسار المناضل بأن يتجاوز سقفا معينا من الأصوات والمقاعد، وصولا إلى أن يظل الدعم المقدم له، سواء كان سنوي، أو بمناسبة الحملات الانتخابية في أضيق الحدود، الأمر الذي لا يمكن إلا أن ينعكس سلبا على أنشطة الأحزاب اليسارية المناضلة سواء على مستوى توسعها الإشعاعي والاستقطابي، أو على مستوى النتائج لمرشحيها... (المرسوم المنظم لدعم تمويل الحملات الانتخابية هو المرسوم رقم 360 . 06 ..2 – الصادر في 29 من جمادى الثانية 1427 (25/07/2006), استعمال سقف مصاريف المرشحين كوسيلة من وسائل التحكم في النتائج الانتخابية: - في ظل العزوف الانتخابي المتصاعد والذي يشمل على الخصوص الفئات الواسعة من الموظفين والشباب والطلبة والعمال والمثقفين وأصحاب المهن الحرة، فإن الساحة الانتخابية، بقيت معرضة، مع بعض الاستثناءات التي لا يعتد بها، إلى مختلف التأثيرات والعوامل الغير المشروعة للحصول على الأصوات (النفوذ السلطوي والتعصب القبلي، وشراء الأصوات ومختلف المنافع والإغراءات والوعود البراقة). في مثل هذه الأوضاع فإن شراء الأصوات بالمال يكون في مقدمة العوامل الفعالة للحصول على الأصوات من طرف المرشحين الرأسماليين أو مموليهم. - وقد تظاهر الحكم، تضليلا، بأنه راغب في الحد من سلطة المال وذلك عن طريق تحديد سقف أعلى لما ينبغي أن يصرفه كل مرشح في حملته الانتخابية. وقد حدد هذا السقف في خمسين ألف درهم (المادة الأولى من مرسوم 744. 08 . 2 الصادر في 2 محرم 1430 الموافق ل30 /12/2008 المتعلق بتحديد المصاريف الانتخابية للمرشحين بمناسبة الحملات الانتخابية برسم الانتخابات العامة الجماعية). وهو سقف (50 ألف درهم) لن يكون مفيدا إلا للأحزاب الموالية للحكم والتي تعتمد في التمويل على الحكم والأعيان لأنه سقف مكلف ماليا. أما الأحزاب اليسارية المناضلة ذات الإمكانيات المالية الضعيفة فليس في مستطاعها أن تتحمل ولو 10 آلاف درهم لكل مرشح من مرشحيها. هذا مع العلم بأن مجموع عدد المقاعد، الأصلية والإضافية في الجماعات المحلية يتجاوز 26 ألف مقعدا. وعدد المقاعد بمجلس النواب هو 325 مقعدا، وعدد مقاعد مجلس المستشارين هو 270 مقعدا. التحكم في مسار ونتائج الانتخابات عن طريق ممارسات مخالفة للقانون: - لا يكتفي الحكم المخزني المغربي، من اجل التحكم في النتائج الانتخابية، على استعمال الدستور والقانون الذي يصنعهما على مقاسه ومصالحه ورغباته وأهدافه، وإنما يستعمل، بالإضافة إلى ذلك، أساليب ووسائل مخالفة للقانون، وهي أساليب وإن كانت متجددة، بالنسبة لبعضها، من حيث الزمان والمكان والأشخاص، فإنها كسابقاتها، في العهد السابق، ترمي إلى الحيلولة دون تمثيل الإرادة الحقيقية للشعب... - ومن بين هذه الوسائل، على وجه المثال: 1- عدم تنقية اللوائح الانتخابية من جميع الشوائب التي تصيبها تنقية كاملة... 2- تقسيم الدوائر الانتخابية تقسيما يستهدف إضعاف حزب أو أحزاب معينة لحساب حزب أو أحزاب معينة موالية للحكم... 3- خلق أحزاب إدارية وتمويلها ودعمها ماليا ودعائيا وسلطويا، والسعي إلى تقسيم أحزاب أخرى وذلك من أجل بلقنة المشهد السياسي من ناحية، والحيلولة دون وصول الأحزاب المناضلة الجدية إلى المؤسسات المنتخبة إلا بنسبة ضئيلة غير مؤثرة، في نفس الوقت الذي يصل إليها غالبية موالية له... 4- الدفع إلى العزوف الانتخابي، سواء على مستوى التسجيل في اللوائح الانتخابية، أو على مستوى المشاركة في التصويت أو المشاركة مع التصويت بكيفية تؤدي إلى إلغاء أوراق التصويت: فالحكم وإن كان يتظاهر، عبر وسائل إعلامه الموجهة، على أن له رغبة في التسجيل الكبير باللوائح الانتخابية وفي المشاركة الواسعة للناخبين، إلا أن هذا التظاهر يكذبه الواقع الممارس من طرف الحكم، منذ الاستقلال لغاية تاريخه، وهذا الواقع يقول بأن جميع الاستفتاءات والانتخابات التي عرفها المغرب كانت مغشوشة ومزيفة ولا تمثل الإرادة الحقيقية للشعب، رغم الوعود البراقة، بعدم التزوير، والتي يكررها النظام بمناسبة وبغير مناسبة بأن الإدارة ستلتزم الحياد وستضرب بيد من حديد من يخالف قواعد الانتخابات القانونية. والعزوف الذي ترغب فيه الدولة المغربية على تحقيقه هو العزوف الواسع للفئات الواعية، (الشباب – الطلبة – العمال – الموظفون – الفئات الوسطى – المهن الحرة...) دون الفئات الانتهازية والفئات الفقيرة الأمية الغير الواعية بوضعها البئيس والمسئولين الحقيقيين عنه.. ويتم عزوف الفئات الواعية عندما ترى التزوير وشراء الأصوات مستمرا بدون محاسبة ولا ردع من طرف القضاء، وعندما ترى أن أغلبية الناجحين هي من صنف الفاسدين والأميين والمنحرفين والانتهازيين، وعندما ترى أن من نجح من المرشحين، بالوسائل الغير المشروعة، لا يقومون بواجبهم، ليس فقط على مستوى الحضور في الجلسات وفي اللجان فقط، وإنما أيضا على مستوى إنجاز المهام... 5- الإكثار من عدد مكاتب التصويت، الشيء الذي يتعذر معه تغطية جميع هذه المكاتب من طرف مراقبي مرشحي الأحزاب ويسهل بالتالي تزوير النتائج في المكاتب الخالية من المراقبين... 6- تسريب الورقة الفريدة الخاصة بالتصويت بالنسبة لبعض الدوائر، وهو التسريب الذي تحدثت عنه العديد من وسائل الإعلام ومرشحي اليسار المناضل... 7- استعمال كافة أنواع المنافع والإغراءات المالية الغير المشروعة وتقديم الخدمات واستعمال النفوذ السلطوي، مقابل الحصول على أصوات الناخبين... 8- إن القضاء الذي أراد له الحكم ألا يكون مستقلا ونزيها وكفئا، لا يقوم، مع بعض الاستثناءات التي لا يعتد بها، بواجبه في محاربة الفساد الانتخابي في كافة أنواعه، وفي كافة مراحل العمليات الانتخابية، بما فيها النتائج الانتخابية الغير القانونية...وعدم القيام بهذا الواجب، يتجلى من بين ما يتجلى، في عدم متابعة جميع مرتكبي الجرائم الانتخابية وإدانتهم ومعاقبتهم وفي عدم إلغاء جميع النتائج الانتخابية الغير المشروعة إلا ما ندر منها... الرباط في 1 يناير 2010 عبد الرحمن بن عمرو