لا يكاد يمرّ يوم وتمضي ليلة في حياة وسطنا العربي في البلاد إلا ونسمع أو نقرأ عن حادثة قتل لشاب عربيّ هنا أو هناك . إضافةً إلى أعمال النهب والسلب ، وترويج المخدرات ، وأعمال الابتزاز والنصب والاحتيال وهتك الأعراض التي لا تخلو منها صحيفة أسبوعية ، وما ذلك إلا غيضٌ من فيضٍ ونقطة في بحر الحقيقة الكبيرة المستترة وراء الكواليس . وإنها الأخبار التي أصبحنا نبيت ونصبح عليها ، دون أن نجد الآليات والأدوات والأوقات والطاقات اللازمة لمحاربتها ، والحدّ منها . فعلى الأقل تعالوا بنا نقف عند خطورتها ، لكي نحذَر ونحذِّر ا أبناءنا ومحيطنا منها . فلقد أصبحت هذه الظواهر سمة من سمات العصر ، لم تسلم منها بلد ، لا قريةٌ ولا مدينة بغض النظر عن قومية أهلها أو دينهم أو موقعهم الجغرافي . يُسمّونه في الغالب "العالم السُفلي " فهو عالم بحدّ ذاته ، له قوانينه وله قياداته ، وهناك تقاسم للأدوار ، وتخطيط وتدبير .أفراد وعصابات، محاكم وشرطة تنفيذية . وكل ذلك يدور في أروقة خاصّة بعيدة عن أنظار عامة الناس ، ونحن لا نرى إلا بعض النتائج عندما تصل إلى حد القتل والتصفيات . إنّه حقّاٌ عالم مرعب ، يشكل خطراً داهماً يثير الرّعب والذُّعر في كل مكان ، خصوصاً إذا علمنا أنّ كل جريمة تظهر للعيان كان قبلها عالم من التعاملات الخفيّة المشبوهة ثم تعقبها خلافات ، فأحكام ، ثم رصد ومراقبة ثم تخطيط للجريمة ثم التنفيذ المُحكم الذي نادراّ ما يبقى آثارا للجريمة أو للمجرمين . أما عالم المخدرات فحدّث ولا حرج ! من عصابات تهريب عبر الحدود ، إلى شبكات تجارة محلية ، إلى مروجين كبار ،ومروجين صغار، يبحثون عن أبناء الذوات الميسورين ليبتزّوهم ، ويأكلوا أموالهم ظلماً وبهتاناً . وأعمال النّهب والسلب والتخريب ، التي أصبح فيها الأمن الشخصيّ مهدّد لكل فرد من أفراد المجتمع . فبيوت تنتهك حرمتها ولصوص يقتحمون المنازل ، بعد مراقبة أهلها ، والتأكد من خروجهم .يتسلقون الأسوار ، ويحطمون النوافذ ، ويروّعون الآمنين ، ينهبون الأموال والممتلكات ، ويتركون الأهل في حسرةٍ ولوعه . ما من عملية سرقة ونهب ، أو سطو واقتحام بيوت إلا وقد سبقها رصد وتدبير ، ومتابعة ومراقبة ، وتوزيع ادوار على مجموعة ٍ كبيرة من المشاركين في هذه الجرائم . فلكم أن تتصوروا كم ينخر في عَصَب هذا المجتمع المحاط بالمخاطر من كل جانب، كم ينخر في عصبه وعظمه وجسده المنهك من عوامل فساد وإجرام منظمه ، تعمل في الخفاء ، بلا رحمة ولا ضمير ، بلا رادع من خلق أو دين ، لا يرقبون في احدٍ إلاً ولا ذمّة . واشد من ذلك واخطر شبكات الإسقاط المنظّمة التي تسعى لإيقاع الفتيات خاصة والشّباب عامة في مستنقع الرذيلة ، ثم تصويرهم متلبسين بفاحشة ثم ابتزاز من اجل العمل خدمة لأهداف هذه الشبكات الموبوءة . فكم من أناس تحوّلوا إلى جواسيس أنذال ، سقطوا ثم اسقطوا غيرهم ، وكم دخلت الخيانة الزوجيّة إلى بيوت ما كنت تظن أنّ ذلك سيصل أليها . وكم من فتيات وقعن نتيجة مؤامرات هذه الذئاب البشريّة التي ضحكت على تفاهتهن وبساطتهن ، أو سوء منبتهن فكانت العاقبة عاراً وشناراً ، وفضائح ، المستور فيها أكثر مئات المرات من المكشوف ، فالخطر داهم ، والشباب والفتيات السذج – وهم الكثرة الغالبة من شبابنا - معرّضون للوقوع فريسة سهلة لهذه العصابات المنظّمة ، وهذه الذئاب البشريّة المسعورة . أما نحن المجتمع العام الذي يظن نفسه مجتمع طبيعي عادي ، بعيد عن هذه الظواهر ، فيجب أن يزداد حيطة وحذراً لما يدور من حوله ، فهي أهوال تهدد امتنا وكياننا كله . فالمدينة التي يقطنها عشرات الآلاف ، يؤم مساجدها في الصلوات العادية بضع مئات فأين الآلاف المؤلفة . أيها الشباب والرجال ، ما شُغلهم ،وما اهتماماتهم . وما وعيهم لما يدور حولهم ، وما احتياطاتهم لحفظ بيوتهم وما مدى توعيتهم لشبابهم وفتياتهم من حولهم . هذا لا يعني أن رواد المساجد في مأمن . بل العجيب أنّ رواد المساجد قد يشغلهم ويفرق شملهم خلاف على قضايا فرعيّة ، في حين أنهم لا يفعلون شيئا بمقابل الخطر الذي يتربص خلف أبوابهم . أيها الآباء والأمهات . أيها المربّون والمربيات ، أيها القادة والمسئولون كل في موقعة . تعالوا بنا نحذِّر ، ونشعل ناقوس الخطر ليعلم القاصي والدّاني أننا جميعنا في خطر . شبابنا في خطر ، وفتياتنا في خطر ، وأطفالنا ورجالنا ونساؤنا ... الكل في خطر . فالحذر الحذر . أيها الشباب! : انتبهوا مع من تخرجون،ومن تصاحبون احذروا فإنكم مستهدفون ، ربما بالابتزاز للوقوع في شباك الرذيلة ، أو الفساد ، أو عصابات الإجرام ، او الجاسوسية والعمالة. وقد يتزين لكم المنكر ، فتتعرضون لأعراض الناس ، فمن وقع في عرض غيره ، قد يقع غيره في عرضه . وقد تجد نفسها أختك أو بنت أخيك في الحال الذي رضيته لنفسك مع بنات النّاس . أيها الفتيات والأخوات الكريمات ... لا مكان للسذاجة والهبل ، وضعف الشخصية والدلع . إن المتربصين بكن كثيرون . فرب كلام معسول تسمعه البنت فتركض خلفه سراب ، حتى إذا ظنته انه فارس الأحلام ، وإذا به الذئب الكاسر الذي يهتك الستر ، وينال منها ومن شرفها أغلى ما تملك ثم يرميها لحسرتها بقية عمرها . الحذر الحذر أيها الآباء والأمهات . نريد من المراقبة والمساءلة والمتابعة لأبنائكم قبل أن تفقدوهم وإذا بهم جزء من عصابة إجرام ، أو شبكة إسقاط أو مروّجي مخدرات أو شركاء في جريمة من هذا النّوع أو ذاك . إنّه إذاً الخطر الداهم والعدو المتربّص الذي لا يرحم . فهل انتم منتبهون . ألا هل بلغت اللهم فاشهد . والله غالب على أمره