الدريوش: قطاع الصيد سجل استثمارات فاقت 930 مليون درهم وخلق 126 ألف منصب شغل    حضور مغربي قوي في جوائز الكاف للسيدات    الحزب الحاكم في البرازيل: المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    السلطات المحلية تداهم أوكار "الشيشا" في أكادير    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“إلى الأمام” من الثورة إلى الملكية وجهة نظر التصفوية لمسألة السرية و العلنية
نشر في السند يوم 08 - 09 - 2010


تقديم:
في الذكرى الأربعين لتأسيس منظمة “إلى الأمام” كثر الحديث عن هذه التجربة التاريخية التي لا زالت إلى اليوم كما نعتقد تفتقد إلى تقييم جدي و ثوري، و هي في اعتقادنا مسألة مرهونة بمدى تقدم النضال الثوري ببلادنا، لكن ما هو أكيد أن منظمة “إلى الأمام” الثورية سنوات السبعينات قد أصبحت منظمة تحريفية بعد هزيمة الخط الثوري و انتصار الخط الإنتهازي في السيطرة على قيادتها.
إن دراسة أسباب هزيمة الخط الثوري و انتصار الخط الانتهازي هي مسألة في غاية الأهمية و الخطورة في نفس الوقت، إنها في اعتقادنا غير مرتبطة بدهاء الانتهازيين (ولو كان لذلك بعض التأثير) بل إن جذور تلك الأسباب نجدها أساسا في صراع الطبقات إبان تلك المرحلة، و في الأخطاء الفكرية و السياسية التي طبعت الخط الفكري و السياسي للمنظمة، التي هي بدورها انعكاس لمجرى الصراع الطبقي في ذهن و فكر القادة آنذاك. و على كل، فمثل هذه الدراسة لا زالت مطلوبة و بإلحاح.
إن ما هو أكيد هو أن منظمة “إلى الأمام” الثورية سنوات السبعينات قد أصبحت منظمة تحريفية بعد هزيمة الخط الثوري و انتصار الخط الإنتهازي في السيطرة على قيادتها، و قد تعمقت تحريفية و انتهازية “إلى الأمام” خصوصا مع نهاية التمانينات و بداية التسعينات، مع الاستعدادات الفكرية و السياسية و التنظيمية لتصفية التجربة بشكل نهائي. و هكذا بدأ الهجوم المباشر على اللينينية بعدما تم التخلص من فكر ماوتسي تونع بداية التمانينات، فبدأ الحديث عن ضرورة “نقد الماركسية التي تكلست في ثنائية الماركسية-اللينينية و التمسك بالجوهر الحي للماركسية”(مجلة إلى الأمام عدد 8، 1993 ص 9) ، و الهجوم على “أسطورة المهمة التاريخية للبروليتاريا” و على ديكتاتورية البروليتاريا“(انظر على الخصوص مقال تأملات نظرية، ابراهام السرفاتي، مجلة”إلى الأمام عدد 7 1993) و فتح النيران على نظرية الحزب اللينيني، و الحديث أن “الهدف المركزي للنضالات الحالية إسقاط النظام الاستبدادي و الخياني للحسن الثاني، دون أن تطرح(بضم التاء) بالضرورة، في المرحلة الراهنة، مسألة الملكية، لكن دون أن يعني ذلك في ذات الوقت تزكيتها أبدا، هذا الهدف تم تدقيقه في بيان المنظمة بمناسبة ذكراها 21 الصادر في 31 غشت 1991”(مجلة إلى الأمام عدد 8 دجنبر 1993، التسطير أصلي)، مرورا بمغازلة بل و طلب استجداء الأحزاب الإصلاحية أو كما قيل “الخطوط الجذرية داخلها”، و صولا إلى تصفية المنظمة و الدخول في العلنية.
إننا هنا لن نقدم و وثيقة لمنظمة “إلى الأمام” تأرخ لهذه النزعة اليمينية (انظر هنا مثلا بعض أعداد مجلة إلى الأمام:
http://voieliberte.olympe-network.c/...
ما سوف نقدمه هنا هو مقال لأحد قياديي منظمة “إلى الأمام”، مقال كتب في السجن بداية التسعينات، نشرته آنذاك جريدة “المواطن” حول مسألة السرية و العلنية و مسألة العنف، وقد كان بمثابة الرد على وثيقة “الاهداف التكتيكية و البرنامج الثوري” التي أصدرها أولائك الذين كانوا رافضين لمسلسل “التجميع” و للدخول في العلنية، إن الأفكار الواردة في هذا المقال تعكس بشكل رائع و صريح موقف التصفوية من مسألة السرية و العلنية و مسألة العنف، و هي ذاتها الأفكار و المواقف التي تأسست عليها جميع التنظيمات التي دخلت إلى “العلنية” الحركة من أجل الديمقراطية، المستقلون،النهج الديمقراطي. فلينظر الجميع إلى أحد التقييمات المغرقة في اليمينية لتجربة الحملم و ليرى الجميع كيف أن الأفكار و المواقف المعبر عنها في هذا المقال هي ذاتها نفس المواقف التي يبرر بها من يدعون الماركسية نقدهم للسرية و للعنف.
طريق الثورة
مسألة السرية والعلنية
موضوع السرية و العلنية في العمل السياسي موضوع شائك و ذو حساسية خاصة . و هو من المواضيع التي يصعب الحسم فيها بصفة مطلقة ، لأن الحدود بين السرية و العلنية تبدو احيانا مطاطية و متحركة . و مع ذلك ، فمناقشة هذا الموضوع لها اهميتها في تعميق معرفتنا السياسية.و في هذا الاطار ، تنشرجريدة “المواطن”المقالة التي توصلت بها من المناضل المعتقل عبد الرحمان النوضة ، و هي جزء من كتاب يعده تحت عنوان “أخطاؤنا” .
خلال السنوات السبعينات ، دفع القمع السياسي بالمغرب الحركة الماركسية اللينينية (م ل) الى العمل في اطار السرية .و كانت هذه الحركة م ل تتكون من ثلاثة فصائل م ل . و كانت هذه السرية تبرر ضرورة اخفاء كل المعلومات و المعطيات التي يمكن ان يهدد تسربها الى الاجهزة القمعية امن التنظيم السياسي المعني . و كان يلزم اخفاء هذه المعلومات ليس فقط على عامة الناس ، و لكن ايضا على المناضلين ، و حتى على المناضلين الاعضاء داخل التنظيم المعني .
تجربة عشرين سنة تبين ان السرية كانت سلبية اكثر مما كانت ايجابية
قد أصبح اليوم بعض المناضلين المولعين باليسراوية بالمغرب ، يعارضون بشكل مبدئي مسبق ، و مطلق ، فكرة خوض النضال السياسي في العلنية ، و لا يؤمنون سوى بالعمل في في السرية . و يظنون ان العمل السياسي في العلنية هو حجة على اليمينية و على التخاذل السياسي ، و يتهكمون على المناضلين الذين يحاولون النضال في العلنية ، و يصفونهم ب “البلادة الشرعية” . بل يعتبرون العمل السياسي في السرية مقياسا من بين مقاييس الثورية . و لا يقدمون حججا معقولة و مقنعة لتبرير اختيارهم المطلق للسرية . و يزعمون انه لا يمكن مجابهة القمع السياسي القائم في المغرب إلا بأسلوب واحد ، هو النضال السياسي في السرية .
لكنهم يتناسون أحيانا ، أننا أيضا مارسنا هذه اليسراوية و الستالينية قبلهم خلال السنوات السبعينات ، و طبقناها الى ابعد الحدود الممكنة ، فنحن نفهم مشاعرهم و نتفهمها . و ننتقد اليوم اسلوب العمل السياسي في السرية من موقع قرابة عشرين سنة من تجارب “النضال في السرية”.فقد مارسنا السرية ، و ابدعنا في تطبيقها و خلاصتنا الاجمالية في هذا الموضوع ، هي أن السرية ( و بالاسلوب الذي مارسته به فصائل الحركة م ل بالمغرب ) كانت سلبية اكثر مما كانت ايجابية .
لان هذه السرية كانت على المستوى الجوهري و العملي ، أولا سرية تجاه جماهير الشعب . و كانت ثانيا ، سرية فيما بين أعضاء نفس التنظيم السياسي . اما تجاه الاجهزة القمعية ( في ظروفنا المجتمعية التاريخية الحالية ) فانها لا تشكل مناعة مطلقة ضدها ، و لا وقاية كافية منها .
و قد اثبتت الكثير من التجارب عبر العالم ، انه بالوسائل و الاساليب الحديثة في القمع ، لا يمكن لاية جماعة ان تقوم بعمل جماهيري ، دون ان يكون بالامكان الوصول الى اسرارها . فحينما تجابه الاجهزة القمعية كدولة شاملة تنظيما سياسيا بكل الامكانات المادية و البشرية اللازمة التي تتوفر لديها ، دون مراعاة لا القانون و لا النفقات و لا الوقت ، فانها تستطيع في ظرف وجيز نسبيا ، شل عمل اي تنظيم ، او حتى تصفيته من الساحة السياسية . و في مثل هذه الظروف لا تنفع السرية ، حيث بمجرد ان تحدث بعض الاعتقالات في صفوف اعضاء التنظيم السري المعني ، فانها تتسلسل الى حد شل او تصفية هذا التنظيم السري . و حتى إذا لم تنجح في تصفيته الكاملة ، فانها تقضي على امكانية خوضه لاي نشاط سياسي او نضال جماهيري خلال زمن طويل .
إذا كانت السرية ضرورية فمن اجل فعل ماذا ؟
ان السرية ليست هدفا في حد ذاته و انما هي مجرد وسيلة دفاعية بهدف خوض النضال السياسي رغم القمع ، و رغم الاستبداد . فاذا اصبحت السرية حاجزا منافيا لامكانية خوض هذا النضال السياسي الجماهيري ، فلماذا يلزم ان نستمر في التشبت بهابشكل اعمى ؟... طبعا ، هناك بلدان و تجارب تاريخية محددة ، مورست خلالها انواع معينة من السرية ، و ساهمت هذه السرية في إعطاء نتائج لا بأس بها .و لكن و في ظروفنا المجتمعية الحالية ، هل السرية ضرورية ام لا ؟
بعض المتياسرين يزعمون أن طبيعة السلطة في المغرب “تفرض بالضرورة العمل في السرية” ( وردت هذه العبارة عدة مرات في مقال “الاهداف التكتيكية و البرنامج الثوري” ) . لكنهم لا يطرحون على انفسهم التساؤل التالي : السرية من اجل فعل ماذا ؟ لنكن واقعيين و عمليين ، ماذا كانت تفعل فصائل الحركة الماركسية اللينينية او مخلفاتها منذ سنة 1970 الى حدود اليوم ؟ كل ما كانت تقوم به هو الدعاية السياسية الشفوية و المكتوبة ( اي توزيع بعض المناشير و بعض المنشورات السرية ) . و استقطاب بعض المتعاطفين . هذا هو كل ما كانت تفعله . و هذا العمل يمكن انجازه في العلنية ، بما فيه حتى نشر تلك الافكار الدغمائية التي يقدسها المتشبتون بالسرية . فهل هناك حاجة حقا ، الى عمل في السرية لم و لن يستعمل الا لتوزيع منشورات سرية تتكلم عن “الازمة الاقتصادية الخانقة” و عن “النظام اللاشعبي” و عن “دكتاتورية البروليتاريا” و عن “التحالف بين العمال و الفلاحين” ... ؟ كل هذه الافكار ، يمكن لاي كاتب ان ينشرها علنية ، بهذه الصيغ او بصيغ اخرى ، على صفحات الجرائد و المجلات العلنية . فلماذا هذا الجمود العقائدي المتشبت بالعمل في السرية ؟
إن مسالة السرية و العلنية لم تعد بالنسبة لنا مجرد قضية نظرية . فقد مارسنا السرية خلال عدة سنوات و اثناء السبعينات . و خبرنا جيدا فوائدها ، و حدودها ، و سلبياتها . و اصبحنا على اقتناع انه من الوهم الاعتقاد بامكانية تنمية النضال الجماهيري بالعمل السياسي السري وحده .و غدونا على يقين ان تعبئة و توعية و تمريس الجماهير الكادحة العريضة ، لا يمكن ان يتحقق الا بقدر هام من النضال السياسي العلني و القانوني . خاصة و ان هدفنا ليس هو النيابة عن الجماهير في تحقيق تحررها ( مثلما يريد البعض ) و لكن غايتنا هي مساعدة هذه الجماهير الكادحة لكي تحرر نفسها بنفسها خلال صيرورة ثورية مجتمعية و تاريخية متواصلة .
العمل في السرية ينفي امكانية العمل بالديمقراطية الداخلية
الكلام عن العمل السياسي في السرية ، يقود بالضرورة الى الكلام في نفس الوقت عن مسالة الثقة . لانه لا يمكن ان توجد اية منظمة سياسية عاملة في السرية ، إلا إذا كان مجمل اعضائها يثقون في قيادتها ثقة شبه مطلقة ، و ذلك دون ان يعرفوا بالضرورة شخصيات اعضاء هذه القيادة .
و بقدر ما كان المناضلون و الاعضاء في قواعد هذه التنظيمات م ل يحترمون ، بل و يقدسون الاعضاء المسؤولين ، بقدر ما كانوا يثقون ثقة مطلقة بل عمياء في هؤلاء المسؤولين . و النتيجة للعمل بهذه الثقة المطلقة داخل التنظيم ، هو ان هؤلاء المسؤولين كانوا يبادرون و يتحكمون في توجيه مصير عدد كبير من المناضلين ، دون ان يخضعوا هم انفسهم للمراقبة المتبادلة ، و لا للمحاسبة الجماعية . فكان الاعضاء المسؤولون يبادرون ، و يقررون في الشؤون اليومية ، و في المهام الاسبوعية ، و في الاجراءات التنظيمية ، و في القضايا التكتيكية ، و في الاختيارات الاستراتيجية ، دون الحاجة الى اشراك باقي الاعضاء في القاعدة ، لا في التشاور ، و لا في التفكير ، و لا في التقرير ، و لا في تقييم الاعمال و المنجزات و الصعوبات ، لان العمل السياسي في السرية يفرض على العموم ، حصر نقاش هذه القضايا في عدد قليل جدا من الاعضاء المسؤولين المركزيين . فكان دور المناضلين في قاعدة التنظيم السياسي المعني ، ينحصر على العموم في تنفيذ التوجيهات ، و تقديس المسؤولين و توجيهاتهم .
فالعمل السياسي في السرية يؤدي موضوعيا الى حصر التفكير و التقرير في القمة .
و يسوق الى حرمان اعضاء القاعدة من المشاركة الخلاقة فيهما .
و هذا المنهج في العمل السياسي كان من بين الاسباب التي ادت الى فشل الحركة م ل بالمغرب في تحقيق اي طموح من الطموحات التحررية ، ا لتي طرحتها على نفسها كمهمات ظرفية او مرحلية .
و كانت التنظيمات م ل تعمل بمفهوم “المركزية الديمقراطية” و تمجده . و زاد تأويلها البيروقراطي الستاليني للمفهوم اللينيني ل “المركزية الديمقراطية” في تغييب الديمقراطية الداخلية ، اي في انعدام التشاور الديمقراطي ، و المراقبة المتبادلة ، و المحاسبة الجماعية .
و في اطار السرية يستحيل على اعضاء قاعدة اي تنظيم معني ، ان يراقبوا او ان يحاسبوا المسؤولين في قيادة هذا التنظيم المعني . لانه في اطار السرية ، لا يستطيع اي مناضل عضو ( غير مسؤول في القيادة ) ان يعرف الا ما يقوم به هو شخصيا . اما ما يفعله الآخرون ، فانه يجهله دائما .
ان السرية لا تستر المعطيات او المعلومات الامنية فقط ، و لكنها تستر ايضا الاخطاء و الانحرافات السياسية للتنظيم المعني . و ربما ان هذه الظاهرة هي بالضبط من بين اسباب تشبت البعض بالسرية . حيث ان العمل في العلنية يعري كذلك الاخطاء و الانحرافات السياسية ، و يسمح بامكانية النقد و المحاسبة .
و كان المناضل او العضو في قاعدة التنظيم م ل المعني يجد نفسه مجبرا على كبت انتقاداته ، او طمس شكوكاته ، او تجاهل تساؤلاته ، او اخفاء اختلافاته ، و ذلك مثلا بدعوى الالتزام بضرورات العمل في السرية ، او بدعوى الحاجة الى الثقة الكاملة في المسؤولين ، و انضباط المناضلين الاعضاء الصارم لهؤلاء المسؤولين .
اسلوب العمل في السرية يتعارض مع اسلوب النضال السياسي الجماهيري :
يمكن للبعض ان يدعي انه يتفوق على الجميع بامتيازات خاصة ، و انه بامكانه هو ، خوض النضال السياسي في السرية ، و بامكانه في نفس الوقت تلافي القمع السياسي . و لكن التجربة علمتنا بما لا يدع مجالا للشك ، انه لا يتلافى القمع السياسي الا الذي يتقوقع على نفسه ، و يمارس السرية على الجماهير ، و يمتنع تلقائيا عن خوض اي عمل سياسي نضالي جماهيري حقيقي .
و من السهل نسبيا على اي مناضل ان ينظم منظمة تعمل في السرية . لكنه من قبيل المستحيل ان ينظم في السرية اضرابا نقابيا ، او مظاهرة احتجاجية ، او حركة مطلبية جماهيرية ، او ما شابهها من اساليب النضال النقابي و السياسي الجماهيري . طبعا لا يكفي لاي كان ان يعمل في العلنية لكي ينجح في تنظيم نضال سياسي جماهيري . لكن هذا النضال العلني ، الواسع ، الحيوي ، القاعدي ، الدؤوب ، و المشترك ، هو شرط من بين شروط انجاح النضال السياسي الجماهيري .
و قد سبق ان كتبنا ان القمع السياسي هو مرادف موضوعي للنضال السياسي الجماهيري . لان القمع السياسي هو رد فعل على النضال الثوري . فالتنظيم الذي يصون نفسه من القمع ، و لكن فقط بواسطة الامتناع عن خوض اي عمل نضالي سياسي جماهيري حقيقي ، يصبح في الحقيقة فاقدا لاي مبرر لوجوده .
طبعا نحن نؤكد ان الديموقراطية الحقة غير متوفرة في المغرب ، و الدولة تقمع في غالب الحالات ، و بدرجة او باخرى ، مجمل النضالات السياسية . و لكن البراءة في السياسة ، هي بالضبط ان تنظم نضالات جماهيرية بمنهج ذكي يتميز بكونه يمنع الاجهزة القمعية من شن القمع السياسي .او على الاقل ، يفرض عليها حصر هذا القمع في حد ادنى خفيف و متحمل . طبعا ، سيرد هنا البعض على هذا الطرح ، بان هذه مجرد احلام مثالية و غير ممكنة ، لكن التجربة تتبث ان هذا المنهج الذكي المذكور ممكن فعلا بالمغرب ، و لو انه صعب التحقيق . و هذا المنهج الذكي الذي نقصده ، نجده الى حد ما في الامثلة النضالية التالية :
+ الحملة السياسية الدعائية ، و التعبئة الكبيرة و المشتركة ، المصاحبة لطرح ملتمس الرقابة في “البرلمان” في ابريل و ماي 1990 .
+ المظاهرة الجماهيرية المشتركة في الرباط في 6 جوان 1990 للتضامن مع الشعب الفلسطيني .
+ البلورة الجماعية ، و الاعلان الجماهيري الرسمي من طرف خمسة جمعيات حقوقية عن “الميثاق الوطني لحقوق الانسان” في 16 نونبر 1990.
+ الاضراب العام الموحد بين النقابتين ك.د.ش و إ.ع.ش.م في 14 دسمبر 1990 ( و نقصد هنا الاضراب في جانبه النقابي المنظم ، اما القمع الذي جوبه به التمرد الجماهيري في فاس و طنجة و توجطات ، الى آخره ... فقد كان شرسا حقا ) .
+ المظاهرة الجماهيرية المشتركة الحاشدة في الرباط للتضامن مع الشعب العراقي و للتنديد بالحرب الامبرالية ضده في 3 فبراير 1991 .
هذه الامثلة تثبت انه بالامكان تنظيم نضالات جماهيرية هامة جدا في العلنية . كما تؤكد هذه الامثلة انه بالامكان تنظيم نضالات جماهيرية هامة بمنهج ذكي يمنع قمعها ، او يقلصه الى ادنى حد ممكن ، مع الاعتراف الواقعي ان هذا المنهج قد لا ينجح بالضرورة في جميع الحالات . اما العمل السياسي في السرية ، فانه لن يستطيع ابدا انجاز اي نضال جماهيري في مستوى اي واحد من هذه الامثلة من النضالات المذكورة .
و يقول البعض ان “النظام لم يتغير، و بالتالي فالسرية التي كانت ضرورية في السبعينات لازالت ضرورية في التسعينات” . لكننا لم نعد نعتقد ان السرية كانت ضرورية في السبعينات .و حتى اذا افترضنا انها كانت ضرورية ، فالحاصل هو ان النظام تطور و لو رغم انفه . و حتى الشعب تطور بشكل يتجاوز ارادته . انه تطور بطيء و حثيث .و لكنه تطور مجتمعي و تاريخي ، موضوعي و متواصل . و لو اننا لا نقصد ان كل التطورات كانت في اتجاه ايجابي .
و مثلا اليوم ، في التسعينات بالمغرب ، لم يعد بامكان الدولة ان تشن القمع السياسي بنفس الحدة التي كانت تخوضه بها في بداية السبعينات . انظر كذلك حالة الجزائر و الاردن مثلا ، و لو ان اوضاعهما تختلف جذريا عن اوضاع المغرب . ان النظام السياسي في الاردن لم يتغير ، و النظام في الجزائر لم يتغير هو كذلك في جوهره بعد احداث نونبر 1989 . لكن هذه الانظمة اضطرت تحت ضغط احداث هامة الى تغيير سياساتها شيئا ما . و كيفت كذلك القوى السياسية في هذين البلدين السياسات التي تتبعها . فحدثت حركية جديدة ، و فتحت آفاق هامة اصبحت تسمح بتنشيط النضال السياسي . فتبين لكثير من القوى او التيارات السياسية ان التاثير السياسي الذي لم تستطع بلوغه على امتداد قرابة الثلاثين سنة من العمل السري ، امكن التقدم في انجازه خلال بضعة شهور من العمل في العلنية .
و هل يمكن في مغرب اليوم خوض نضال سياسي باساليب نضالية علنية ، و حتى قانونية ؟ هذه القضية لم تعد ايضا بالنسبة لنا مجرد قضية نظرية . و لكنها اصبحت برنامجا عمليا جديا . اننا نود ان نثبت في الواقع الحي ، و بواسطة المساهمة باساليب نضالية جديدة حيوية و حازمة ، و الى جانب كل المناضلين و كل القوى السياسية التقدمية الواعية بضرورة النضال الجماهيري المشترك ، نود ان نتبث انه بالامكان مساعدة اجزاء هامة من الجماهير ، و تعبئتها ، و توعيتها ، و تنظيمها و تمريسها ، لخوض النضالات السياسية الجماهيرية ، بهدف تهييء و انضاج شروط التقدم و التحرر المجتمعي . اننا لا نريد اتباث صحة هذا الراي بواسطة الكلام او الخطاب النظري . لكننا نعتزم اتباث صحة هذا التوجه في الواقع ، و بواسطة النضال السياسي الجماهيري السلمي و المشترك نفسه .
و في نفس الوقت لا ندعي اننا “طليعة ثورية” على احد . بل نلتزم بالتواضع السياسي ، لاننا نفكر في اخطائنا و نقائصنا . و لاننا ندرك حاجتنا الموضوعية الى التعاون و التكامل مع كل القوى التقدمية . و لاننا لا ننسى ان “المربي يحتاج هو نفسه الى التربية” .
السرية نسبية و كذلك العلنية نسبية .
ان كل انسان فرد ، و كل هيئة جماعية ، سواء كانت عمومية ام خصوصية ، تدرك من خلال الحياة الملموسة ان السرية نسبية و كذلك العلنية نسبية . فلا احد يطيق بان يعيش في عراء تام . و خاصة اذا كان معرضا لمراقبة خصومه ، او لتربص اعدائه . و الحقيقة ، هي ان اي فرد ، او اية جماعة ، تلمس يوميا انها لا تستطيع ابقاء نشاطها خفيا في سرية مطلقة . كما انها لا تستطيع الالتزام بشفافية مطلقة او بعلنية تامة . فالدولة نفسها تمارس قدرا من السرية على الشعب .و حتى المؤسسات الاقتصادية و كذلك الاحزاب السياسية رغم اختلافها ، تمارس هي ايضا قدرا معينا من السرية تجاه الجماهير ، و اتجاه الدولة ، و اتجاه حتى قواعدها ... لان المنافسة و التناقضات و الصراعات المجتمعية تفرض و لو مؤقتا و جزئيا ستر بعض النوايا او بعض الافعال بهدف تأمين الدفاع عن النفس . لهذا نقول ، السرية نسبية ، و كذلك العلنية نسبية . و لهذا السبب لا ننخدع باي خطاب عن وهم السرية المطلقة ، و لا عن وهم العلنية المطلقة .
كيف يمكن ان نكون مناضلين دون تقييم تجاربنا و نقدها و تصحيح انحرافاتنا السياسية .
ان التقييم النقدي لتجربة الحركة م ل بالمغرب يبين الحاجة الى تصحيح الكثير من الفرضيات الماضية الخاطئة او الناقصة ، و التي حملها مناضلوها خلال السنوات السبعينات . و لا زال البعض مع الاسف يكررها في بداية التسعينات دون الوعي بفسادها . فمثلا عنصر القمع السياسي ، لا يعني بالضرورة ان النضال السياسي الجذري لا يمكن ان يوجد الا اذا فرضت بعض الظروف او بعض القضايا استعمال قدر معين من الاساليب السرية فانها لا تبرر المبالغة في هذه السرية الى حد تحويلها الى سرية على النفس . و لا يعقل ان يمارس مختلف الاعضاء و الهيئات داخل نفس التنظيم السرية السياسية و النضالية على بعضهم بعضا و ذلك الى حد الغاء الديموقراطية ، و الغاء المراقبة المتبادلة و المحاسبة الجماعية ، و الانضباط للمسؤولين ، او للهيئات المسؤولة ، و العمل باسلوب المركزية ، لا يمكن ان يكون سديدا و عادلا الا اذا كان مبنيا على اساس علاقات ديموقراطية حقيقية .
الشيء الذي يستوجب بالضرورة الالتزام بحد ادنى من العلنية و الشفافية في العمل السياسي ، و بدلا من تقديس المسؤولين ، و العمل بمنهج الثقة العمياء فيهم ، فان الاسلوب الافضل هو الذي يدرك و يفترض انه بالامكان ان يخطئ ، او ينحرف ،او ان يناور اي مسؤول كان ، و لضمان حظوظ اكبر لنجاح اي عمل جماعي ، بما فيه النضال السياسي ، يلزم ان يرضى كل المشاركين فيه بالخضوع للشفافية و للتشاور ، و للمراقبة المتبادلة ، و للمحاسبة الجماعية ، و للمساهمة الجماعية في التفكير و في التقرير ، و في التقييم الجماعي للانجازات و الاخفاقات ، و للنقد و النقد الذاتي بهدف مساعدة المخطئين على تصحيح اخطائهم .
كما ان السرية التي تؤدي الى العزلة عن الشعب ، بل و الى القطيعة مع الجماهير الكادحة ، يجب بالضرورة مراجعتها و تقويمها .
و البعض يظن ان اسلوب العمل السياسي في السرية هو مقياس للثورية . بينما في الحقيقة ، اسلوب العمل في السرية ، او اسلوب العمل في العلنية ، لا يتبث شيئا في حد ذاته بل مقياس النضالية هو العمل النضالي . و مقياس الثورية هو الممارسة الثورية . و الباقي ، غالبا ما يكون مجرد خطاب ايديولوجي ، يمكن لاي كان ان يقلده ، او ان يكرره .
توجد بعض الجماعات الصغيرة التي استولت بشكل منافي للمبادئ و للقوانين على مخلفات متبقية من فصائل الحركة م ل . و بعضها يحاول استغلال الرصيد السياسي لاحدى فصائل الحركة م ل لاغراض ذاتية او زعامية ، و لو ان الفضل في بناء هذا الرصيد التاريخي لا يرجع بالضرورة اليهم . و ماذا يقول اليوم هؤلاء المتياسرين الستالينيين عن انفسهم ؟ يقولون ( مثلا في وثيقة معنونة ب :“الاهداف التكتيكية و البرنامج الثوري” ) : “تنظيم سري متقلص من الثوريين و معزول نسبيا عن الجماهير (...) لقد طبع و لا زال يطبع الى حد لا بأس به ممارسة الحركة م ل عدم القدرة على الربط الجدلي و الملموس بين الاستراتيجية و بين العمل اليومي وسط الجماهير (...) منظمتنا تعاني من ازدواجية غريبة ، فهي تطرح استراتيجية ثورية تبدو و كأنها مؤجلة الى امد غير مسمى ، و من جهة ثانية ، تناضل وسط الجماهير على اساس برنامج مرحلي لا يختلف عما تطرحه القوى السياسية للمعارضة البرلمانية بما فيها حزب الاستقلال (...) هناك حركة واسعة من المناضلين المتعاطفين مع الحركة م ل ، و هناك تنظيمات سرية متقلصة جدا ، و لا يمكن ان توفر تأطيرا تنظيميا لهذه الحركة” . هذا هو ما يقولونه عن انفسهم . ان من يتمادى في هذا الوهم المتياسر و في هذه الانحرافات السياسية المزمنة ، يحتاج حقا الى مراجعة نفسه .
لا حاجة للسرية ، و لا حاجة للعنف .
لقد سبق ان اكدنا للمولعين بالكلام عن فكرة العنف ، ان الجماهير الواعية و المنظمة و المناضلة ، هي اكبر و اهم قوة في المجتمع . فما الفائدة من كلام اية قوة سياسية عن احتمالات العنف ، خاصة إذا كانت مهمشة عن الجماهير العريضة ؟
كما سبق ان اكدنا للمولعين بالسرية ان افضل رد على القمع السياسي ، لا يوجد في السرية المطلقة ، و انما يوجد في تعبئة الجماهير الكادحة العريضة ، و توعيتها ، و تنظيمها ، و تنشيط نضالاتها .و هذه الغاية لا يتم انجاحها الا بالعمل النضالي القاعدي العلني الدؤوب .اي بالنضال الجماهيري المفتوح و المشترك و المتواصل .الشيء الذي لا يمكن بلوغه دون الخلاص من وهم السرية المطلقة .
يمكن للبعض ان يتهموننا باننا بعرضنا لهذه الافكار ، نقدم تنازلات سياسية لاغراض انتهازية ، او ما شابه ذلك من الاتهامات . لكن مثل هذه التخمينات لا تهمنا ، بل ما يعنينا هو توضيح قناعاتنا ، و ممارستها مع كل المناضلين الذين يشاطروننا نفس الهموم النضالية .
و بعد فشل تجربة الحركة م ل السابقة ، فان الرهان الذي نهتم حاليا بخوضه ، هو الالتزام بممارسة و تنشيط النضالات السياسية الجماهيرية بروح ثورية حقيقية ، و باساليب مبدعة ، و عقلية حيوية جديدة ، و حرص متواصل على التمسك باسلوب النضال الجماهيري المشترك المفتوح على كل التيارات و المجموعات و القوى السياسية التقدمية .و نود استثمار امكانيات خوض هذه النضالات السلمية في العلنية و القانونية ، و استغلال هذه الامكانات الى اقصى الحدود الممكنة .
انه رهان صعب حقا ، و لكنه مثير الى حد انه يستحق ان نحاوله بكل الجدية الممكنة . فمن يشاطرنا مثل هذه الهموم ، فاننا نرحب به . و من يخالفنا ، نتركه لكي يتبع قناعاته . و مقياس الحقيقة ، ليس طبعا هو الادعاءات اوالاتهامات ، و انما هو الممارسة و هو الواقع الحي .
source: http://voieliberte.olympe-network.com/spip.php?article238


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.